بغداد : افاد رائد جوحي رئيس الهيئة التحقيقية في المحكمةأن محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين وسبعة من معاونيهامام محكمة عراقية خاصة في قضية قتل 148 قرويا في بلدة الدجيل الشيعية قد تم تأجيلها الى يوم الاحد المقبل.وقال جوحي للصحافيين الذي حضروا الى المحكمة من اجل تغطية جلسات المحاكمة اليوم الثلاثاء ان quot;جلسة المحاكة التي كانت متوقعة اليوم الاحد اجلت الى يوم الاحد المقبلquot;.

و كانت محاكمة الرئيس العراقي المخلوع قد استؤنفت في بغداد صباح اليوم وسط جدل واسع حول ضغوط رسمية على مسار المحكمة دفعت برئيسها زركار محمد امين الى الاستقالة اثر مشاجرة مع رئيس الحكومة ابراهيم الجعفري الذي اتهمه بالخوف والضعف في ادارة المحكمة الامر الذي ادى الى اختيار قاض اخر بدلا عنه هو سعيد الهماشي لكن اتهام هيئة اجتثاث البعث له بانتمائه الى الحزب المحظور دفع الى تعيين القاضي الكردي الذي ينحدر من بلدة حلبجة الشمالية رؤوف رشيد عبد الرحمن ليترأس الجلسات اليوم.

وجلسة اليوم ستكون الثامنة التي تعقدها المحكمة الجنائية العليا لمحاكمة الرئيس المخلوع واعوانه السبعة منذ بدئها في التاسع عشر من تشرين الاول (اكتوبر) الماضي حيث اتسمت المحاكمة التي استغرقت حتى الان سبعة ايام على مدى ثلاثة اشهر بحوادث وتقطع في الجلسات لكنه تم خلالها الاستماع الى سبعة شهود من ابناء الدجيل (60 كم شمال بغداد) رووا عمليات مهاجمة قوات الامن العراقية لبلدتهم واقتياد المئات من ابنائها واعدام 148 منهم ونفي الاخرين الى الصحراء لمدة ثلاث سنوات بالترافق مع تجريف بساتين ومزارع البلدة.

قاض جديد للمحكمة
والقاضي عبد الرحمن (65 عاما) الذي يتراس المحكمة اليوم وسط اهتمام داخلي وخارجي لمدى قدرته على ادارة جلسات المحكمة يشغل حاليا منصب نائب رئيس محكمة استئناف في مدينة اربيل (220 كم شمال بغداد) هو كردي في الخامسة والستين من مواليد بلدة حلبجة الواقعة في محافظة السليمانية (330 كلم شمال بغداد).. وسبق لعبد الرحمن الذي يعمل قاضيا منذ تسعينيات القرن الماضي ان شغل منصب نقيب المحامين في محافظة السليمانية (330 كم شمال بغداد).

وكان منتظرا ان يعدل القاضي زركار عن استقالته بعد تدخل الرئيس العراقي جلال طالباني اقناعه بالعدول عنها لكنه حسم الامر يوم امس مشددا على انه مصر على قرار الاستقالة رغم الجهود التي تبذل لحثه على العدول عنها وقال ان قراره نهائي ولا عدول عنه رغم كل الجهود المبذولة لحثه على ذلك quot;. واشار الى انه سيتابع جلسات المحكمة اليوم من منزله في السليمانية ولن يتوجه الى بغداد لترؤس جلسات المحكمة.

واثار الاعلان عن استقالة رزكار محمد امين بسبب الانتقادات الواسعة والضغوط التي تعرض لها لتساهله في ادارة الجلسات تساؤلات عن استقلال القضاء في العراق خاصة بعد ان ذكرت تقارير ان زركار دخل في مشادة كلامية مع الجعفري الذي اتهمه بالخوف والضعف في ادارته للمحاكمه الامر الذي دفع الاول بالرد على ان هدفه عدالة المحاكمة وانه ليس ضعيفا او خائفا.

مساعدون لصدام يواجهونه في المحكمة
من المتوقع ان يدلي معاونون سابقون لصدام حسين بشهادتهم أمام المحكمة عندما تستأنف لكن الدفاع سيطالب بتعليق الجلسة بعد استقالة رئيس المحكمة احتجاجا على تدخل الحكومة. ونقلت وكالة رويترز عن دبلوماسي غربي على صلة وثيقة بالمحاكمة قوله quot;سيكون هناك أعضاء سابقون بالنظامquot; بين الشهود الذين سيدلون بشهاداتهم على مدار عدة أيام من الجلسات التي ستبدأ اليوم وتستمر قرابة ثلاثة اسابيع.

وقال ان اول محاكمة قد تنتهي بحلول أواخر ايار (مايو) المقبل ولكن هناك نحو ست قضايا اخرى على الاقل في انتظار العرض على القضاء ومنها محاكمة وشيكة عن ابادة الاكراد موضحا ان العملية قد تستمر لسنوات. غير ان فريق الدفاع عن صدام سيقترح وقف الجلسات بعد استقالة رئيس المحكمة القاضي رزكار امين احتجاجا على تعرضه لضغوط سياسية لمنع صدام من القاء خطب أمام المحكمة والاسراع بالانتهاء منها وهو الامر الذي أثار علامات استفهام جديدة حول استقلال المحكمة وسط خضم الصراعات الطائفية والعرقية. وقال رامزي كلارك وزير العدل الاميركي الاسبق لدى مغادرته الاردن متوجها الى بغداد امس مع الفريق الذي يضم محامين عراقيين واجانب quot;من غير المعقول ان يستمروا.quot; واضاف quot;نتوقع ترهيبا وضغوطا أكبر. هذا هو مضمون الرسالة المتمثلة في الضغوط التي تعرض لها القاضي أمين. سر على هذا الطريق.. تحرك وادهس أي انسان يعترض طريقكquot;. واضاف quot;انه هجوم جسيم على استقلال المحكمة.quot; غير أن الدبلوماسي الغربي قال ان quot;العملية ماضية قدما.quot;


وامتنع الدبلوماسي عن الافصاح عن هوية quot;شهود النظامquot; أو تحديد ما اذا كانوا من بين كبار الشخصيات المحتجزين لدى الجيش الامريكي. وقال ان المحكمة لن تبرم اي صفقات مع اي متهم ليدلي بشهادته ضد صدام ونفى صحة تقرير يفيد باسقاط الاتهامات عن طارق عزيز نائب رئيس الوزراء في عهد صدام في وقت ونفى عزيز نفسه ما تردد عن اعتزامه الادلاء باعترافات ضد صدام.

وتحدث شهود سابقون في سبع جلسات عقدت منذ بدأت محاكمة صدام بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية عن عمليات تعذيب وقتل قامت بها قوات الامن. وقال الدبلوماسي ان المحكمة ستستمع خلال اربعة اشهر اخرى تقريبا من الاجراءات الى شهادات مباشرة عن اوامر اصدرها المتهمون بالاضافة الى ادلة على ادانتهم استنادا الى مسؤولياتهم عن اصدار الاوامر للقوات العراقية.

ويجادل الدفاع الذي قتل اثنان من اعضائه بعد الجلسات الاولى التي عرضت من شاشات التلفزيون بانه من المستحيل توفر محاكمة عادلة في العراق حيث ينخرط عدد من الاقلية السنية التي ينتمي اليها صدام في صراع طائفي وعرقي مع حكومة تدعمها الولايات المتحدة ويهيمن عليها الشيعة والاكراد. ورسم الدبلوماسي الغربي الخطوط العريضة للجدول الزمني للمحاكمة الخاصة بالدجيل قائلا انه ستكون هناك عدة جلسات على مدار الاسبوعين أو الاسابيع الثلاثة القادمة تعقبها عطلة ربما تستمر ما بين اسبوعين الى اربعة اسابيع ريثما يتم اعداد الاتهامات الرسمية ضد كل متهم.

وبعدها ربما يقر البعض بانهم مذنبون وربما تنتهي المحاكمة كلها بحلول نهاية ايار.. لكن حتى اذا أُدين صدام وحكم عليه بالاعدام شنقا فسيكون هناك استئناف تلقائي وهو الامر الذي قد يستغرق بعض الوقت وسط المحاكمات الاخرى.

محامو صدام ناقشوا معه كيفية التعاطي مع المحاكمة
قال احد محامي الدفاع عن صدام حسين امس ان المحامين اطلعوا الرئيس السابق على ابرز القضايا العراقية والعربية والعالمية منها quot;الضغوط على سوريا والملف النووي الايرانيquot;.

واشار صالح العرموطي نقيب المحامين الاردنيين في تصريح صحافي الى ان quot;صدام حسين شكا من انقطاعه عن العالم واخباره وقال لمحاميه quot;لا اعرف ما يجري في الخارج quot;. واوضح ان المحامين quot;اطلعوا صدام على ابرز القضايا العراقية والعربية والعالمية وعلى راسها المقاومة والضغوط على سوريا وازمة النووي الايرانيquot;.

والعرموطي هو احد ثلاثة محامين عرب انضموا الى فريق الدفاع عن صدام حسين قبل استئناف محاكمته اليوم والمحاميان الاخران هما عيسى ابو رشيد من البحرين وتيسير المدثر من السودان. وسيساعد المحامون الثلاثة محامي صدام حسين الاساسي العراقي خليل الدليمي بالاضافة الى وزير العدل الاميركي الاسبق رامسي كلارك و المحامي الاميركي كريس دوبلر ووزير العدل القطري الاسبق نجيب النعيمي والمحامي الاردني خليل غزاوي.

واوضح العرموطي الذي وصل مع رفاقه الى بغداد امس للمشاركة في المحاكمة ان quot;فريق الدفاع توجه فور وصوله الى مطار بغداد الى احدى ضواحي العاصمة العراقية للقاء (الرئيس) الاسيرquot;. وقال ان quot;فريق الدفاع وضع صدام حسين في صورة القضية وتم الاتفاق على العديد من النقاط الخاصة باجراءات المحكمة وكيفية التعاطي مع الجلسةquot;.

صدام حاول تسييس مجريات المحاكمة
وكان الرئيس العراقي السابق ادلى في اخر جلسة للمحكمة اواخر الشهر الماضي بمطالعة طويلة سياسية الطابع لاعلاقة لها بالقضية التي تنظر فيها المحكمة لكنه قطع الصوت عن جزء منها ويبدو انه تحدث فيها عن المقاومة ضد الاميركان وقال انه لايريد ان يدافع عن نفسه لان اسمه اكبر من الجميع واشتكى من معتقل مزر محجوز فيه ولايرى منه الشمس واشار الى انه بنى العراق من خراب حتى اصبح العالم يخشى من علمه ووطنية اهله وقال quot;العراق كان حافيا الا من تاريخه وناسه الطيبينquot; واكد رفضه لاي ممارسات غير مرضية قد يكون تعرض لها سكان الدجيل واوضح انه اصدر امرا بالعفو عن عراقيين محكومين بالاعدام. واضاف ان العراق يهان الان يوميا من الاحتلال وتحدث عن عمليات تعذيب تعرض له هو ورمضان وبرزان. وقال ان رمضان ابلغه عند بدء الحرب الاخيرة ان مايحصل انتحار وقال انه ابلغه انه ليس الرجل الذي يتخلى عن مسؤولياته ثم اعترض صدام على عدم السماح بالاستماع للمتهمين مثلما تستمع المحكمة للشهود وقال للقاضي السابق انه يعترف به لانه يعمل حاكما قبل وقوع احتلال الاميركان للعراق.

ومن جهته فند برزان التكريتي الاخ غير الشقيق لصدام ورئيس مخابراته السابق كلام الشهود وقال انهم يكررون نفس الافادات وكانهم ملقنون واصف الشهادات بانها (نفس الاغنية) وكذب كلام الشاهد بان المعتقلين احتجزوا في بناية المخابرات التي كان رئيسا لها مشددا على ان قضية الدجيل لم تكن من اختصاص المخابرات وانما مديرية الامن العام وقال ان القانون في دولة البعث حدد ثلاث ساحات عن الامن الوطني هي : الامن العام وهو مسؤول عن الامن الداخلي وجهاز المخابرات وهو جهاز سياسي مسؤول عما كل ماهو غير عراقي أي العربي والاجنبي ثم الاستخبارات العسكرية ومسؤولة عن القوات المسلحة وامنها وما يتعلق بشؤونها الاستخبارية.

واشتكى برزان من انه احتجز لثمانية اشهر في زنزانة ضيقة طولها مترين وعرضها متر وبدون شبابيك وانه كان لايفرق بين الليل والنهار وظل ببنطلون بيجاما من دون قميص واطعم اكلا لاتقبل به حتى الحيوانات. وشدد برزان صارخا انه ليس مجرما ويداه بيضاء كسيدنا موسى وقال انهما لم تتلوثا مشيرا الى انه سياسي لكنه حشر في زاوية الاتهام.

ثم شتم برزان هيئة المحكمة والادعاء العام ووصفهم بالغربان والمجرحين لخضوعهم للاحتلال وقال ان القتلى في الدجيل كلاب ومجرمين.

اجراءات امنية مشددة
وتنعقد المحكمة اليوم وسط اجراءات مشددة جدا تشارك فيها قوات عراقية واميركية وطائرات تحلق فوق مبنى القيادة القومية السابقة لحزب البعث المنحل داخل المنطقة الخضراء بوسط العاصمة العراقية. وقال صحافي لquot;ايلافquot; ان مختصين اميركيين استجوبوا الصحافيين الذين سيغطون وقائع جلسات المحكمة ووجهوا لهم اسئلة مثل : هل أنت سني أم شيعي ؟ هل أنت متزوج وكم عدد الأطفال؟ هل لديك أو لأقربائك علاقة بمجموعة مسلحة؟ وهل خدمت في صفوف الجيش وهل سجنت في أثناء الخدمة؟ ما هو عمل والديك ؟ هل سافرت إلى خارج العراق ومع من ولماذا؟ هل كنت تعمل في مجال الإعلام فترة النظام السابق وفي أي صحيفةquot; كما تم تصوير البصمات في العين والاصبع مع التقاط صور شخصية. واضاف ان الصحافيين منعوا من حمل أي اقلام او اوراق الى المحكمة حيث زودوا بها داخل قاعة المحكمة بعد ذلك كما منعوا من استصحاب أي نوع من الكاميرات حيث تقوم شركة خاصة بنقل وقائع المحاكمة.

المتهمون السبعة مع صدام
ومن ابرز الذين تضمهم قائمة المتهمين السبعة برزان ابراهيم التكريتي الاخ غير الشقيق لصدام ورئيس جهاز مخابراته السابق وطه ياسين رمضان نائب رئيس الجمهورية السابق وجميعهم معرضون لحكم بالاعدام.. وهم :

-- طه ياسين رمضان: النائب السابق لصدام : تم اعتقاله في 18 آب (اغسطس) عام 2003 من قبل مقاتلين اكراد في الموصل (شمال) ثم سلم الى القوات الاميركية وكان في المرتبة العشرين على لائحة المسؤولين السابقين ال55 الملاحقين من قبل الاميركيين.. وهو كان من اقرب المقربين لصدام حسين وشارك في كل قراراته المهمة.
وطه ياسين رمضان كردي الاصل من جزرة نواحي الموصل حيث ولد عام 1938 لاب بستاني وفي 1980 اسس quot;الجيش الشعبيquot; الذي كان تابعا لحزب البعث الحاكم كما كان عضوا في مجلس قيادة الثورة اعلى هيئة قيادية في العراق.. وفي عام 1991 اصبح نائبا للرئيس ويتهمه العراقيون بارتكاب جرائم ضد الانسانية خصوصا لتورطه في عدد من الحملات ضد الاكراد بما في ذلك مجزرة حلبجة.. وقد نجا من عدة محاولات اغتيال.

-- برزان ابراهيم الحسن (التكريتي): احد الاخوة غير الاشقاء للرئيس السابق ومستشاره الرئاسي وقد اعتقل في 16 نيسان (ابريل) عام 2003 في بغداد وكان الثاني والخميسن على لائحة ال55. وقد تولى برزان التكريتي رئاسة جهاز المخابرات العراقية قبل عام 1984 ثم مثل بلاده في الامم المتحدة في جنيف 12 عاما.

عاد الى العراق في ايلول (سبتمبر) عام 1999 ضمن اطار تعيينات دبلوماسية ووسط معلومات متضاربة تحدثت بعضها عن انشقاقه حين افادت معلومات نشرتها وسائل اعلام حينذاك ان صدام حسين وضعه تحت المراقبة بعد ان رفض التعبير عن ولائه لقصي الابن الاصغر للرئيس السابقالذي قتله الجيش الاميركي مع شقيقه عدي في تموز (يوليو) عام 2003. وقد اشرف خلال عمله في جنيف على شبكات المخابرات العراقية في اوروبا وتولى التوجيه في شراء الاسلحة. ومنذ فرض الحظر الدولي على العراق في 1990عام شكل شبكة هدفها الالتفاف عليه وتم تكليفه ادارة ثروة صدام حسين المودعة في مصارف اوروبية. وقد ولد برزان في عام 1951 في مدينة تكريت.

- عوض احمد البندر: قاض سابق في quot;محكمة الثورة quot; ونائب مدير مكتب صدام حسين.
- عبد الله كاظم رويد
- مظهر عبد الله رويد
- علي الدائي علي
- محمد عزام العلي

وهؤلاء الاربعة متهمون بانهم كانوا مسؤولين عن منطقة الدجيل في حزب البعث الذي تم حله بعد سقوط نظام صدام حسين في نيسان (أبريل) عام 2003 وقادوا حملة الاعتقالات وتدمير يساتين ومنازل المنطقة.

وقد انشئت المحكمة العراقية الخاصة التي تحاكم صدام واعوانه في العاشر من كانون الاول (ديسمبر) عام 2003 اي قبل توقيف الرئيس السابق بثلاثة ايام.