بهية مارديني من دمشق: ربما لاينظر السوريون هذه المرة الى زيارة رايس بنفس القلق الذي كانوا ينظرونه الى زياراتها الماضية وان كانت هذه الزيارة ايقظت في اذهان القادة السوريين مخاوف شق الصف العربي بشكل حاد وقاس على غرار الانقسام الذي ساد بعد اتفاقيات كامب ديفيد في نهاية السبعينيات .

السوريون يواجهون هذه المرة زيارة رايس باوراق جديدة اضافية ورايس تدرك ذلك والعرب الذي اجتمعوا معها يدركون ذلك فحزب الله وانتصاره (المثير للجدل ) اضاف الى سلة دمشق ورقة مهمة كما ان صلابة خالد مشعل وقدرته على قيادة الحكومة الفلسطينية من دمشق اضافت ايضا ثقلا للسوريين في اهم ملفات المنطقة سخونة واثارة لحساسية اسرائيل التي تتموضع مصالحها مع مصالح واشنطن بما يشبه التطابق الكامل.

وربما تابع السوريون باهتمام بالغ تصريحات رايس خلال جولتها والتي خلت تقريبا من أي كلام واضح ومباشر يستفز السوريين رغم حديثها عن دعم محور المعتدلين في وجه المتطرفين وتعني حكما ايران وسورية ولوحظ انها تجنبت التلويح باستخدام عقوبات على سورية حتى عندما سئلت عن ذلك وفي هذا دلالة لاتخفى على ان واشنطن ماتزال ربما تامل وان بشكل ضعيف امكانية استعادة سورية بالترغيب بعد ان فشل وولى الترهيب .

والمؤشرات على ذلك كثيرة منها ماتسرب عن لقاءات عقدها الوفد السوري الذي حضر اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك مع مسؤولين اميركيين من خارج ادارة بوش وهي لقاءات كما اشيع سمحت بان يقول كل طرف ما يريده بصراحة ودون ان يكون الحوار حوار طرشان لان الطرفين استمعا بروية الى بعضهما البعض وكان لديهما الوقت الكافي لذلك.

اذا زيارة رايس ليست من اجل جمع حلف ضد دمشق ولكنه استعراض قوة وتنبيه الى ان النفوذ الاميركي واسع وان عدم انتصار المشروع الاميركي في لبنان حتى اليوم لايعني بحال من الاحوال ان واشنطن سلمت بتقدم محور دمشق طهران حماس حزب الله فهي قوية وقادرة على صنع الكثير ولن تسمح لخصومها بتطوير سياستهم الرادعة ولن تسمح لاحد اذا استطاعت ان يعرقل مشاريعها الشرق اوسطية وسورية تدرك هذه الحقيقة وربما انطلاقا من هذا الادراك فانه يمكن ملاحظة بان سورية دعت خلال الشهرين الماضيين الى استئناف عملية السلام والمفاوضات مع اسرائيل اكثر من دعوتها خلال السنتين الماضيتين وهذا يدل على ان دمشق ليست متمسكة بما يقال انه تحالف ضد اميركا ولكن بشرط ان لايكون الامر ضد المصالح السورية .

قناعة اميركا باتت تترسخ شيئا فشيئا بان طريق دمشق وطهران يجب ان تقطعه باكمله وربما بمساعدة الحلفاء الاوروبيين وسيكون جورج بوش محظوضا جدا وسيدخل التاريخ من اوسع ابوابه اذا ماتدبر له طاقمه صفقة كبيرة جدا تشمل الملف النووي الايراني والجولان السوري ولبنان ودولة فلسطينية بحدود تقبلها حماس اما غير ذلك فان رايس قد تزور المنطقة سبعين مرة قبل ان تحال هي ورئيسها الى التقاعد ولن تحقق أي شيء .