الياس توما من براغ : لم تعد المؤسسات الديمقراطية في المجر وبولندا تكفي على ما يبدو لتحقيق أهداف بعض القوى السياسية ولاسيما إجبار الحكومتين في البلدين على الاستقالة والدفع باتجاه إجراءالانتخابات المبكرة في البلدين ولذلك قررت النزول إلى الشارع من جديد . ففي الوقت الذي ينتظر أن تشهد العاصمة المجرية بودابست بعد ظهر اليوم مظاهرة حاشدة دعا إليها أقوى أحزاب المعارضة وهو اتحاد الشباب المدني quot; فيديز quot;لإجبار رئيس الحكومة فيرنس جيورتشاني على الاستقالة أعلنت المعارضة البولندية اليوم أنها تتوقع أن يستجيب لدعوتها 10 آلاف مواطن بولندي للتظاهر غدا في العاصمة وارسو ضد الشقيقين أي رئيس الجمهورية ليخ كاتشينسكي وشقيقه رئيس الحكومة ياروسلاف كاتشينسكيوللمطالبة بإجراء انتخابات نيابية مبكرة .

وعلى الرغم من أن الظروف السياسية والاجتماعية في البلدين تعتبر مختلفة إلا أن قاسما مشتركا يسود الآن بالنسبة لسبب التصعيد القائم في البلدين والضغوط القوية التي تمارسها المعارضة على حكومتي البلدين وهو أن كلا الحكومتين مارست أساليب غير نزيهة للاحتفاظ بالحكم الأمر الذي أثار استياء واسعا في البلدين ليس فقط على المستوي السياسي وإنما الشعبي أيضا . ففي المجر تفجرت فضيحة بث شريط صوتي لرئيس الحكومة جيورتشاني وهو يعترف أمام الكتلة النيابية لنواب حزبه بممارسته الكذب قبل الانتخابات النيابية الأخيرة حول وضع البلاد الاقتصادي كي يتمكن حزبه الاشتراكي من الاحتفاظ بالحكم لدورة انتخابية جديدة فيما تفجرت في بولندا بوجه الحزب الحاكم وهو القانون والعدالة فضيحة أخلاقية مماثلة تمثلت ببث إحدى الاقنية التلفزيونية البولندية شريطا مصورا يظهر احد المقربين جدا من رئيس الحكومة وهو يعرض على نائبه من حزب معارض إغراءات بمنصب وإغراءات مالية لها ولنواب من حزبها في حال انضمامهم إلى نواب الائتلاف الحاكم كي يتم توفير الأغلبية له في البرلمان بعد انسحاب حزب منظمة الدفاع الذاتي من الحكومة مؤخرا.

وبالنظر لكونغيورتشان يرفض الاستقالة واكتفى بالتوجه إلى البرلمان للتصويت على الثقة بحكومته اليوم ورفض رئيس الحكومة البولندية الاستجابة لطلب المعارضة بالاستقالة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة فان قوى المعارضة قررت الاحتكام إلى الشارع مع ما في هذا الأمر من مخاطر خاصة إذا ما حدثت في الشارع مواجهات كالتي شهدتها بودابست قبل فترة وجرح فيها العشرات . وتقول المعارضة المجرية بأنها لن تغادر شوارع بودابست إلا بعد تنحيجيورتشاني فيما يقول أقوى أحزاب المعارضة في بولندا وهو المنتدى المدني الليبرالي بأنه سيحشد غدا السبت حتى عشرة آلاف متظاهر ضد الحكومة .

وعلى خلاف مظاهرة بودابست التي دعا إليها اكبر فصيلبين المعارضة فان وارسو ستشهد أكثر من مظاهرة ومسيرة غدا دعت إليها ليس فقط المعارضة وإنما أيضا الحكومة ولذلك بدأت تسود مخاوف في العاصمة وارسو من مكانية حدوث أعمال عنفخلال هذه المظاهرات بين مؤيدي الحكومة ومعارضيها .
وقد دعارئيس الحكومة السابق المحافظ المؤقت للعاصمة وارسو كازيمير مارتشينكوفيتش الأحزاب الثلاثة التي قررت التظاهر في شوارع وارسو وهي المنتدى المدني وحزب عصبة العائلات البولندية المشارك في الائتلاف الحاكم وحزب القانون والعدالة اكبر أحزاب الائتلاف الحاكم إلى إلغاء هذه المظاهرات من اجل مصلحة الاستقرار والأمن غيران دعوته هذه لا يبدو انه سيتم الاستجابة لها .

وكما في المجر كذلك الأمر في بولندا ستكون هذه التحركات في الشوارع الأولى من نوعها التي تلجأ فيها أحزاب سياسية ممثلة في البرلمانإلى الشوارع منذ سقوط الشيوعية في عام 1989 بشكل مفتوح لتحقيق أغراض سياسية بعيدا عن المؤسسات الديمقراطية المنتخبة الأمر الذي يعتبر تطورا خطيرا لأنه يشير إلى تراجع الثقة بهذه المؤسسات من جهة والى عدد موجود رادع لدى بعض القوى السياسية للجوء إلى الشارع مع ما يحمله ذلك من تداعيات و أخطار من اجل تحقيق أهدافها السياسية من جهة أخرى . يذكران رئيس الحكومة البولندية أكد انه في حال إخفاق حزبه في جهوده الحالية حتى العاشر من هذا الشهر لتامين الأغلبية للائتلاف الحاكم فانه سيؤيد إجراء انتخابات مبكرة في26 من نوفمبرتشرين الثاني القادم أي بالتوازي مع الانتخابات المحلية ،فيما ترفض الحكومة المجرية مثل هذا الأمر متهمه المعارضة بأنها تريد الوصول إلى الحكم بأي طريقة كان تبعد أن أخفقت في الفوز بالانتخابات النيابية التي جرت ربيع هذا العام .