المشترك صار مقفراً بين اللبنانيين
بيروت، صور (لبنان): تعهد رئيس الحكومة الايطالي رومانو برودي اليوم خلال زيارة الى بيروت بالمساعدة على تعزيز الامن في لبنان، بما في ذلك بذل جهود للتوصل الى حل لمسالة تبادل الاسرى بين حزب الله واسرائيل. وقال برودي الذي ستصبح بلاده قريبا المساهم الاول في قوة الامم المتحدة المعززة في لبنان، ان روما تتطلع الى مساعدة لبنان على ترسيخ استقراره السياسي وفي مجال اعادة الاعمار. واعلن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اللبناني فؤاد السنيورة ان quot;ايطاليا والاتحاد الاوروبي والاسرة الدولية كلها تسعى الى ارساء الاستقرار في هذا البلدquot;، معتبرا ان quot;استقرار لبنان هو اساس استقرار المنطقةquot;.
واعلن برودي ان بلاده مستعدة للمساهمة في حل مسالة تبادل الاسرى مع اسرائيل. وقال quot;اثرنا (مع السنيورة) مشكلة الجنديين الاسيرين الاسرائيليين (لدى حزب الله) ونحن مستعدون لتقديم مزيد من المساعدة في هذا الصددquot;. واضاف quot;لا يمكنني ان اذهب ابعد من ذلك لكن نامل ان يحصل شيء ما في هذا المجالquot;، معتبرا ان حل هذه المسالة quot;سيساهم في اعادة ارساء السلامquot;.
من جهته، قال السنيورة quot;تكلمت مع الامين العام للامم المتحدة كوفي انان (حول هذا الملف) منذ بضعة ايام، وقلت له ان (حل هذه المسالة) هو بين ايديهquot;. ولاحقا، اثر لقاء بينه وبين برودي، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري ان quot;هذا الموضوع لا بد من ان يخضع لمفاوضات غير مباشرة مع الاخوة في حزب اللهquot;.
واثر اسر جنديين اسرائيليين في 12 تموز/يوليو، اعلن حزب الله انه يريد مبادلتهما مع اسرى لبنانيين معتقلين في اسرائيل. وبعد هذه العملية، شنت اسرائيل هجوما عسكريا واسعا على لبنان انتهى في 14 آب/اغسطس اثر صدور القرار 1701 من مجلس الامن الدولي.
وفي 28 تموز/يوليو، نفت ايطاليا قيامها بquot;مداولات سريةquot; بشان تبادل الاسرى، اثر اعلان الامين العام لحزب الله حسن نصرالله ان quot;ايطاليا تحاول الدخول في الموضوعquot;.
من جهة اخرى، وردا عى سؤال حول تطبيق اسرائيل للقرار 1701، قال برودي quot;اعتقد اننا حققنا بعض النتائج وعلينا المضي قدما لانجاز الانسحاب الاسرائيليquot;، في اشارة الى القوات الاسرائيلية التي لا تزال تحتل القسم اللبناني من بلدة الغجر الحدودية. واوضح ان quot;هناك بعض التفاصيل المتبقية بالاضافة الى قضية مزارع شبعا التي ينبغي ان تتحرك الامور بشانهاquot;.
اما السنيورة، فقال quot;تباحثنا حول كيف يمكن لايطاليا مساعدة لبنان، من خلال دفع اسرائيل الى الكف عن انتهاك القرار 1701quot;، مشيرا خصوصا الى تحليق الطيران الاسرائيلي فوق الاراضي اللبنانية. ودعا الى quot;التوصل الى وقف اطلاق نار نهائيquot; وquot;حل نهائي لمزارع شبعاquot;. واكد ان المشاركة في قوة الامم المتحدة غير مرتبطة quot;باي شروط ايطالية او دولية على لبنانquot; وان لبنان quot;ليس من نوع البلدان التي ترضى بشروط خارجيةquot;. وشدد على ان quot;هذه المشاركة هي لدعم لبنان واستقلاله وسيادتهquot; وquot;لضمان بسط الدولة سلطتها الكاملة والا يبقى سلاح الا السلاح الشرعي للدولة اللبنانيةquot;.
وقال رئيس الوزراء اللبناني ان برودي عبر عن استعداد بلاده quot;لمشاركة فاعلةquot; في المؤتمر الدولي المزمع عقده في اواخر السنة quot;لانقاذ اقتصاد لبنانquot;. وقال السنيورة ان ايطاليا التي تشكل الشريك التجاري الاول للبنان، quot;قدمت افكارا عدة حول كيفية المشاركة في انتعاش الاقتصاد اللبنانيquot;.
قال برودي ان quot;زيارتي الى لبنان تهدف الى دعم حكومة السنيورةquot;، موضحا ان ايطاليا لا تريد فقط المساهمة في اعادة اعمار البنى التحتية، بل ايضا في quot;اعادة اعمار سياسيةquot; من خلال quot;تعزيز المؤسسات في لبنانquot;.
ووصل رومانو برودي الذي تشكل بلاده اكبر مساهم في قوة الامم المتحدة المعززة في لبنان، ليلة الثلاثاء الاربعاء الى بيروت. ويتوجه رئيس الحكومة الايطالي اليوم الاربعاء لتفقد الجنود الايطاليين في اليونيفيل المنتشرين في تبنين والذين يبلغ عددهم حتى الساعة نحو الف عنصر. وايطاليا هي المساهمة الاولى في قوة اليونيفيل المعززة حيث سيبلغ مجموع قواتها 2500 جندي بعد ارسال كتيبة ثانية قريبا. واعتبارا من شباط/فبراير 2007، ستتسلم روما قيادة اليونيفيل من فرنسا.
اليونيسيف تحاول اخراج اطفال لبنانيين من كابوس الحرب
من جهة ثانية تسعى منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من خلال برنامج علاج نفسي، الى اخراج اطفال لبنانيين لا سيما في الجنوب من الصور المرعبة والاصوات المخيفة التي خلفتها الحرب الاخيرة في اذهانهم. ويقول فيليب دواميل منسق عمليات الطوارىء التابعة لليونيسيف في لبنان والمشرف على هذا البرنامج ان quot;بعض الاطفال الذين نعالجهم لا يستطيعون الكلام حتى الآن وهم غير قادرين على النوم اكثر من ساعتين يوميا. يبقون متوترين ويصرخون في الليلquot;.
ويشير دواميل انه quot;بحسب دراساتنا يحتاج 5،3% من اطفال الجنوب الى اطباء نفسيين و95% الى مساعدة للعودة الى الحياة الطبيعية لا سيما في قرى الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروتquot;. وقتل اكثر من 1200 مدني لبناني 25% منهم تحت سن الخامسة عشرة خلال الحرب بين الثاني عشر من تموز/يوليو و14 آب/اغسطس، بحسب المشرف على البرنامج.
وكان ناشطون في اليونيسيف موجودين في الجنوب قبل نشوب النزاع في اطار برنامج مساعدة تربوية. وقد استطاعوا ان يلمسوا على الارض تاثير ويلات النزاع على الاصغر سنا. ويوضح المنسق ان quot;الاطفال الذين نزحوا من قراهم ودمرت بيوتهم وشاهدوا مناظر مرعبة وسمعوا القصف بحاجة الى برامج خاصة ليخرجوا من هذه الازمة النفسيةquot;.
وقد بدأت المنظمة بتطبيق برنامج التدخل النفسي هذا مع عودة التلامذة الى مدارسهم الاثنين تحت عنوان quot;كيف نخرج الحرب من داخل الطفلquot;. ويقول دواميل quot;نحاول ان نعيد الاطفال الى حياتهم الطبيعية ومنحهم قدرة على مواجهة الصعوبات حتى لا يبقوا اسرى المناظر التي شاهدوهاquot; لا سيما في قرى مثل عيتا الشعب وصديقين والقليلة وبنت جبيل التي شهدت اشرس المعارك على مدى شهر بين حزب الله اللبناني والجيش الاسرائيلي.
واللقاءات مع الاطفال تجري في حلقات كتابة وموسيقى ورياضة ورسم، يعبرون خلالها عما في داخلهم بطريقة غير مباشرة من خلال الابداع، وذلك في 1070 مدرسة او ناديا غالبيتها في جنوب لبنان، وبالتعاون مع جمعيات اهلية لبنانية ودولية، ووزارة الشؤون الاجتماعية.
ومن بين التمارين اشغال يدوية احدها يقضي بتوزيع اوراق على الاولاد quot;لصناعةquot; الغام حتى يتعرفوا عليها وعلى مخاطرها. وتفيد التقديرات ان اسرائيل القت ما بين 350 الفا ومليونا من هذه الذخائر التي تشكل قنابل موقوتة. ولا يزيد حجم هذه القنابل عن حجم بطارية صغيرة احيانا، وهي باشكال مختلفة وبعضها يشبه الالعاب والواح الشوكولاته، ومن هنا خطورتها خصوصا على الاطفال. وحتى الآن، خضع اكثر من 2400 معلم ومعلمة تابعين للمبرات الخيرية التي يشرف عليها المرجع الشيعي محمد حسين فضل الله لدورات تدريبية. ويهتم كل معلم ومعلمة ب25 الى 35 طفلا، بمؤازرة طبيب نفسي.
وتنوي المنظمة الدولية تدريب نحو عشرين الف مدرس ومدرسة على مراحل للقيام بهذه المهمة. وتقول المعلمة راوية بحسون (31 سنة سنة) في بلدة جويا قرب صور ان quot;معظم الاطفال ما زالوا متاثرين بصوت الطيران الذي كان يرعبهم وآخرون يشعرون بالخوف حين يتذكرون الساعات التي مروا بها اثناء نزوحهم من قراهمquot;. وتضيف quot;انهم هم يروون يوميا لبعضهم البعض كيف شاهدوا السيارات مدمرة والناس ما زالت بداخلهاquot;. وتقول سارة (9 سنوات) وهي من الاطفال العشرين الموجودين في صف راوية quot;احاول ان انسى ابن جارنا الذي قتل خلال الحرب مع امه لكن لا استطيع (...) كنت العب معه واليوم جئت الى المدرسة لوحديquot;.
التعليقات