الغالبية تتجاوب مع التحفظ على حصر البحث ببندين
مبادرة بري تشتري الوقت

سيناريوهات عدة لتغيير الحكومة اللبنانية

القوة الثالثة في المشهد اللبناني

إيلي الحاج من بيروت: تتجه قوى الغالبية النيابية والحكومية، أو quot;قوى 14 آذار/ مارسquot; المناهضة لسورية إلى التجاوب مع مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الداعية إلى عقد جلسات تشاورية مدى أسبوعين بدءأًُ من الإثنين المقبل، لكنها ستعترض على حصر التشاور ببندين لا وجود لهما حالياً على أجندة الغالبية ، هما حكومة الوحدة الوطنية وقانون الإنتخابات. ولا يعود موقف الغالبية هذا المتجاوب والمرتقب إعلانه مع التحفظ في اليومين المقبلين، إلى كون مبادرة بري هي الوحيدة المتاحة حاليا وإلى ضرورة تفادي وصول الأوضاع اللبنانية إلى الأسوأ فحسب ، بل لأن الغالبية حريصة على عدم تدمير علاقتها مع الرئيس بري الذي يشكل حاجة ملحة لها اليوم أكثر من أي وقت مضى. فهو الممر الاجباري وصلة الوصل والاتصال في العلاقة مع quot;حزب اللهquot;، وهو الذي تسند اليه مسؤولية ادارة الاستحقاق الرئاسي المقبل وله قوة التأثير في مساره والترجيح في نتائجه.

ورغم شعور بالخيبة ساور قوى الغالبية حيال رئيس مجلس النواب الذي حدد مرة جديدة موقعه في quot;الكتلة الشيعيةquot; عند المحطات المفصلية، فإنها تبدي تفهما لظروف الرجل والاعتبارات التي أملت عليه خفض سقف مبادرته والحد من جدول أعمال التشاور وحصره في النقطتين اللتين تهمان quot;حزب اللهquot; وحليفه الجنرال ميشال عون. ولعل رئيسquot; اللقاء الديموقراطيquot; النائب وليد جنبلاط هو أكثر من يتفهم بري ويراعي موقفه ويضغط في اتجاه تلبية دعوته أيا تكن التحفظات عن quot;تشاورquot; مبتور لا يلبي طموحات الغالبية ولا مصالحها السياسية. وما يدفع جنبلاط الى اعتمادهذا الموقف المرن هو توافقه الضمني مع بري على قراءة سياسية واحدة للأزمة القائمة التي يجب منع وصولها الى quot;الشارعquot; وقطع كل خطوطها وامتداداتها الاقليمية والدولية التي تحوّل لبنان ساحة صراع ومساومة ومفاوضة.

والأرجح أن هذا التوافق الضمني بين بري وجنبلاط سيؤدي إلى توسيع غير معلن لجدول أعمال جلسات التشاور، بما يقود إلى فتح الملف الحكومي تركيبة وبرنامجا وفتح باب النقاش حول مواضيع أخرى متعلقة بسلاحquot; حزب الله quot; والمحكمة الدولية وأزمة الحكم، اضافة الى التأكيد على تنفيذ القرارات المتخذة سابقا في موضوعي العلاقة مع سوريا والسلاح الفلسطيني. وهذا quot;التوسيعquot; سيقود حتما الى تمديد مهلة ال ١٥ يوما والى ان يمتد quot;التشاورquot; لأسابيع وربما يستهلك كل الفترة الفاصلة عن مؤتمر quot;باريس ndash; ٣ quot; لدعم لبنان الذي سيعقد منتصف كانون الثاني/ يناير في باريس.

وفي أفضل الأحوال سيؤدي نجاح المبادرة إلى توسيع الحكومة الحالية بدلا من نسفها واقامة حكومة جديدة. وهذا المخرج يميل اليه الرئيس بري ويراه الأقل كلفة والأخف وطأة، والمطروح في هذه الحال، إكمال حلقة المشاركة السياسية باقفال ثغرة التمثيل المسيحي عبر اشراك كتلة الجنرال عون من دون ضم قوى سياسية من خارج مجلس النواب حليفة لquot;حزب اللهquot; وعون، مثل الرئيس عمركرامي والوزيرين السابقين سليمان فرنجية وطلال إرسلان ووئام وهاب والحزب السوري القومي وغيره ، وهي شخصيات وقوى لم تشارك في طاولة الحوار ولا مكان لها على طاولة مجلس الوزراء.

وبدا جلياً أن بري قدم أقصى وأفضل ما لديه حاليا واضطر الى تحجيم مبادرته بعدما اصطدم بمعطيات دولية واقليمية وداخلية غير مساعدة ، مثل التوتر الأميركي- الإيراني- السوري انطلاقا من العراق وصولاً إلى مشروع القنبلة النووية الإيرانية ، وكذلك الخلاف السعودي- السوري ، وعدم توافر ظروف زيارةرئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة الى دمشق ورفض الأمين العام لquot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله التجاوب مع مسعى بري لترتيب لقاء بينه وبين رئيس كتلة quot;المستقبلquot; النائب سعد الحريري ، إضافة إلى الفرز الحاد في المواقف السياسية الى حد يصعب معه التوفيق بينها والتوصل إلى قواسم مشتركة. والنقطة الأبرز اخفاق بري في اقناع قيادة quot;حزب الله quot;باضافة نقاط على جدول أعمال quot;التشاورquot;غير نقطتي الحكومة وقانون الانتخابات.

والخلاصة أن بري جارى quot;حزب اللهquot; في شكل الدعوة وجدول أعمالها على أمل إحداث اختراق سياسي في جدار الأزمة واستحداث مسار حوار يتقدم على مسار المواجهة ويحد من اندفاعته، ولكن quot;مردودquot; هذه المبادرة يفيد قوى الأكثرية في شراء الوقت والوصول الى quot;باريس - ٣quot; وتمرير قانون المحكمة ذات الطابع الدولي ، وفي تفادي انعطافة خطرة للأزمة السياسية نحو الشارع ربما تكون الغالبية الخاسرة الكبرى فيها رغم ان جميع الأفرقاء اللبنانيين متساوون في المأزق حالياً.