الياس توما من براغ: بدأت صربيا تتواجد أمام واقع سياسي وقانوني جديد بعد أن تجاوزت بنجاح اختبار الاستفتاء الخاص بالدستور الذي جرى يومي السبت والأحد الماضيين. وعلى الرغم من أن الدستور سيكون انطلاقة جديدة في حياة صربيا على أكثر من صعيد إلا أن حصوله على دعم 46و51% فقط من عدد المشاركين في الاستفتاء وحضور 66و53% من الناخبين سيجعل التوظيف السياسي للاستفتاء من قبل قيادات بلغراد ولاسيما في مسالة مستقبل إقليم كوسوفو ضعيفا .

إعداد وإقرار الدستور جاء في الوقت الذي تجري فيه محادثات متقطعة في فيينا بين الصرب وألبان كوسوفو حول الوضع النهائي للإقليم ولذلك أرادت قيادات بلغراد من خلال التأكيد في مقدمته على أن الإقليم جزء لا يتجزأ من صربيا إرسال رسالة قوية للمجتمع الدولي بأنها لن تعترف باستقلال الإقليم الذي بدأت تلمح إليه بعض القوى الغربية وان الأمر لا يمثل تكتيكا سياسيا لان أي حكومة لن تستطيع مستقبلا تجاوز الدستور في هذه المسالة لأنه سيعني النهاية السياسية لها .

ويشدد رئيس الحكومة الصربية فويسلاف كوشتونيستا بعد ترحيبه بإقرار الدستور على أن انفصال الإقليم بعد هذا الاستفتاء سيكون مسالة مخالفة للدستور وبالتالي ستكون مسالة الدفاع عنه واجب وطني حسب قوله غير أن قيادات ألبان كوسوفو وبعض المسؤولين الدوليين في الإقليم يرون بان الدستور لن يؤثر في مسالة الحل النهائي لوضع الإقليم لسببين رئيسين الأول أن هناك واقع سياسي قائم على الأرض منذ سبعة أعوام وهو أن الإقليم يتواجد خارج السيادة الصربية والثاني أن الألبان الذين يشكلون أكثر من 90% من سكانه لا يقبلون بأي حل أخر سوى الاستقلال التام عن صربيا من جهة أخرى .

ومع إقرار الدستور بدأت صربيا تتواجد أمام استحقاقات سياسية لها علاقة مباشرة به وهي إجراء انتخابات نيابية ورئاسية مبكرة في الأشهر القليلة القادمة الأمر الذي سيؤخر على الأرجح تحديد الوضع النهائي للإقليم .

لقد حددت القوى الفاعلة على الساحة الدولية نهاية العام الحالي موعدا للانتهاء من مسالة تحديد الوضع النهائي للإقليم غير أن محادثات فيينا باعتراف مبعوث الأمم المتحدة مارتي اهتساري لم تنجح حتى الآن في التوصل إلى حل يقبل به الصرب والألبان ولذلك يتم التطلع الآن إلى المقترحات التي سيقدمها اهتساري لمجوعة الاتصال الشهر القادم بشان رؤيته للحل .

هتساري لم يكشف بعد عنها لكن بعض الدبلوماسيين الغربيين بدأوا يلمحون إلى أن الحل النهائي وفق تصوراته سيتضمن حديثا عن إمكانية منح الإقليم استقلالا مشروطا ولذلك بدأت بلغراد تتحرك بشكل مكثف دبلوماسيا على محور موسكو بكين لإحباط أي قرار دولي يدعو إلى الاعتراف باستقلال الإقليم
إقرار الدستور من قبل نسبة تزيد قليلا عن النصف لن يعطي قيادة بلغراد الموقف الذي كانت تريده أثناء معركة دفاعها عن الإقليم ولذلك فان الرهان الأكبر سيظل على مدى دعم موسكو وبكين لهاللتوصل إلى حل لا يجعلها تخسر الإقليم نهائيا.