ترجمة سامية المصري : كل شيء يبدو مختلفاً الآن بالنسبة إلى الرئيس بوش, فقد انتهى عصر الحكم الجمهوري في واشنطن بالصدمة التي حدثت في الانتخابات النصفية, واضعة أمام الرئيس الفخور بثباته على قراراته إرادة التغيير عند الناخبين, وخاصة فيما يتعلق بالحرب في العراق.

وفي مقاله في صحيفة نيويورك تايمز قال روبن تونر أن بوش يواجه الآن أول غالبية ديمقراطية في البيت الأبيض منذ 12 عاماً ومؤتمراً تحضيرياً ديمقراطياً ذا شأنٍ كبير في مجلس الشيوخ انتُخِب بكثرة لوعوده بالعمل كمراقبٍ دقيق على تصرفات الإدارة. وبالتأكيد فإن أي مبادرة هامة في سنتيه الأخيرتين في منصبه ستكون بالتعاون بين الحزبين, سواءً رضي بذلك أم لا.

لمدى ست سنوات استلم بوش مقاليد الحكم ودائماً ما كان يقوم بالحملات الانتخابية واهتمامه منصب على أسلوبه المحافظ. لكن التصويت أظهر حدود هذه السياسة كما مارسها بوش ومستشاره السياسي كارل روف.

وقد هُزِم في كلٍ من ولايتي أوهايو وبنسلفانيا عضوان من مجلس الشيوخ بفوارق كبيرة, وعبر الشمال الشرقي بالكاد بقي الجمهوريون المعتدلون. وحسب استطلاعاتٍ وطنية للرأي فقد خسر الجمهوريون الثقل السياسي بسبب حربهم في العراق.

قال السيناتور أوليمبيا ج. سنو أنه مع نتائج الانتخابات quot;ينبغي أن تتغيرquot; سياسة الإدارة في العراق. وقال: quot;من الضروري أن تتغير, وهذه الرسالة يجب أن تصل إلى الإدارة في أقرب وقت.quot;

يمكن أن يتناقش حلفاء الرئيس بوش في أن التاريخ كان يسير في اتجاهٍ معادٍ للجمهوريين, إذ بعد ست سنوات للرئيس في مكتب الرئاسة بات حزبه معرضاً لخسائر جمة. كما يمكنهم أن يتناقشوا في أن أعضاء الكونغرس من الجمهوريين جلبوا فضائحهم إلى مكتب الرئاسة. لكن هذه الانتخابات كانت انتخابات عامة, وكان بوش والعراق مركزها.

وأضاف الكاتب أنه كان قرابة 4 من كل 10 ناخبين قد أدلوا بأصواتهم ضد الرئيس بوش, وحوالي ضِعف هذا العدد قالوا أنهم أدلوا بأصواتهم لصالحه. لقد كان هذا انعطافاً ملحوظاً لرئيسٍ خرج منتصراً بعد حملته لإعادة انتخابه منذ عامين, والذي كان صرّح بأنه اكتسب دعماً سياسياً وينوي استهلاكه.

بدأ يتلاشى هذا الدعم شيئاً فشيئاً بعد الصراع المشئوم على الأمن القومي وغضب الناس من سوء معالجة الحكومة لإعصار كاترينا والتدخل العدائي لقضايا المحافظين مثل حق طلب الموت كما في قضية تيري شيافو والأكثر من ذلك كله كانت الحرب في العراق, كما جاء في الاستطلاعات. ومثلت رحلات بوش في آخر أيام الحملة إلى المناطق ذات الأغلبية الجمهورية والأقل منافسة في البلاد صورة لعزلته السياسية.

قال جيفري غارن, أحد مستطلعي الآراء الديمقراطيين: quot;إن إحدى خصائص هذه الانتخابات, مع النتائج المنتظرة لـ 2008, هو أن الناخبين لا يريدون أن يتم تجاهلهم في عصر السياسة الفاسدة.quot;

وقال بروس بوكانان الخبير السياسي في جامعة تكساس في أوستن أن بوش كانت لديه الإمكانية ليمارس السياسة الحزبية, ومارسها على هذا النحو في تكساس وفي بعض الأحيان في واشنطن.

بينما أشار بعض المحللين إلى أن بوش كان بإمكانه أن يجد قاعدة مشتركة مع عديدٍ من الديمقراطيين في مواضيع كالطاقة والهجرة. قال فين ويبر أحد أعضاء الكونغرس السابقين والمقرب من الإدارة: quot;سيتمكنون بسهولة من أن يجعلوا هذه المواضيع محوراً لهم وأن يطبقوها في الواقع السياسي.quot;

ستجد معظم أجندة بوش المحلية التي لم يكن من السهل تطبيقها عبر الكونغرس صعوبة أكبر في تطبيقها حالياً. وتشمل هذه أي جهدٍ مبذول في برامج التجديد كالأمن القومي الذي ساء حاله عندما أخفق بوش في حسابات الاستثمار الخاص في الأمن القومي عام 2005 بالإضافة إلى أي جهد في تمديد الاستقطاعات الضريبية التي قال عنها الديمقراطيون أنها تتجه إلى الأكثر ثراءً.

والأكثر من ذلك أن حرية اختيار بوش في تسمية المرشحين القضائيين ستصبح أكثر تقييداً من ذي قبل بوجود الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ.

أشار الخبراء إلى أنه توجد حالياً مركبة لتعاون جديد بين الحزبين. وبدأت لجنة يرأسها جيمس أ. بيكر الثالث وزير الخارجية السابق ولي هـ. هاملتون الممثل الديمقراطي السابق عن ولاية إنديانا في اكتشاف بدائل سياسية لصالح العراق ويتوقع أن تقدم توصياتها هذا الشتاء.

وأوضح القادة الديمقراطيون في البيت الأبيض أنهم لن يقطعوا تمويل الحرب, وسيجعلون أكبر تركيزهم على التحقيق وعقد جلسات الاستماع وتقديم الإشراف الذي صرحوا أنه الأمر الذي كان يُفتَقد إليه في السنوات الأخيرة.

كما أشار الخبراء إلى أنه قد يكون بوش الرئيس الأول الذي يواجه معارضة تدير البيت الأبيض, فمنذ الحرب العالمية الثانية كانت الحكومة المنقسمة هي التي تمثل الوضع الطبيعي. وبعد 1994 استطاع الرئيس بيل كلينتون تقديم تشريع رئيسي مع الكونغرس الجمهوري شمل تجديداً لنظام التنمية وقانون الميزانية الضخم.

يمكن لبوش أن يفعل الشيء نفسه, ولكن عليه بداية أن يتخلى عن نظرته السياسية التي استخلصها من هزيمة والده, فقد خسر جورج هـ. و. بوش المحافظين عندما خرق تعهده بعدم فرض ضرائب جديدة.

نادراً ما فعل بوش الابن ذلك الخطأ, وكثيراً ما وضعت جماعته آمالها على أن القاعدة المحافظة هي التي سيتم تطبيقها في نهاية الأمر لتحمي بذلك الغالبية الجمهورية حتى من حربٍ لم تعد تلقى رواجاً شعبياً, لكن في هذه المرة لم تكن كافية.