اندريه مهاوج من باريس : يتابع المسؤولون الفرنسيون المعنوين بالملف اللبناني باهتمام خاص التحركات الراهنة على الساحة السياسية والامنية وانعكاساتها المحتملة على الوضع العام الذي قد لا تبقى تداعياته محصورة على الساحة الداخلية . فتكرار عمليات الخرق الاسرائيلي للاجواء اللبنانيةوتحليقه على علو منخفض وهجومي فوق مواقع عناصر قوة اليونيفل المعززة وتحديدا القوة الفرنسية لم يعد مجرد حادث عرضي او خطأ غير مقصود منه إثارة أي حساسية لا بل ان بعض المعلقين الصحافيين لم يتورع عن الحديث عن quot; استفزارquot; للقوة الدولية بهدف امتحان عزمها على المواجهة في حال إندلاع أي أحداث جديدة قد ترغب اسرائيل او حزب الله باثارتها من اجل قلب المعادلة التي انتهت اليها حربهما الأخيرة والتي لم تعد على ما يبدو ترضي أحدا .

فمجلة لو بوان ترى ان حزب الله بدأ يعتمد استراتيجية جديدة بعد حرب الصيف الماضي تقوم على استغلال quot;انتصاره الالهي quot; على اسرائيل وذلك من اجل تحقيق هدفين اولهما تجنب تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي التي لم يعارض انشاءها الحزب مباشرة ولكنه يعرقل تشكيلها خدمة لحليفته سوريا التي تحوم الشبهات حول دور ما لها في اغتيال رفيق الحريري او في الاغتيالات التي تلت . والهدف الثاني هو عزم الحزب على تفعيل انتصاره العسكري في الميدان السياسي الداخلي من خلال لعب دور قيادي في اتخاذ القرارات وادارة شؤون البلاد من هنا ياتي تمسكه بالثلث المعطل داخل الحكومة وهو ما ترفضه الغالبية لكي لا تفقد زمام المبادرة وتصبح رهينة للقوة العسكرية لحزب الله ولنفوذه السياسي ولقاعدتة الشعبية .

من هنا يبدو لبنان غارقا في أزمته الداخلية التي اشعل فتيلها قرار حزب الله وحركة أمل بسحب وزرائهما من الحكومة مدعومين من رئيس الجمهورية اميل لحود الذي دفع بالوزير يعقوب صراف الى الاستقالة في حين امن الجنرال ميشال عون الذي ليس لديه وزراءالتغطية السياسية لقرار اسقاط الحكومة .
واستنادا الى ما تقدمتبدو ايضا البلاد على شفي هاوية سياسية واقتصادية تهدد بانهيار عام في ظل احتمالات تغير المعادلة الدولية التي شكلت منذ صدور القرار 1559 في عام 2004 غطاءا دوليا للغالبية الراهنة . واحتمالات تغييرهذه المعادلة واردة مع خسارة الجمهوريين انتخابات نصف الولاية في الولايات المتحدة الاميركية والضغوط المتعددة على ادارة جورج بوش لفتح حوار مع دمشق وايران قد يكون لبنان ثمنا له في حين تقترب ولاية الرئيس جاك شيراك من نهايتها.

وكان تفاهمشيراك ـ بوش ادى في عام 2004 الى صدور القرار 1559 العلاقات الفرنسية الاسرائيلية تنحدر يوميا مع تكرار خرق الطيران الاسرائيلي الاجواء اللبنانية وتحليقه على علو منخفض فوق القوات الفرنسية مما يفتح مخاطر اشتباك امني واحتمالات وقوع مواجهة حذر منها المسؤولون الفرنسيون والامم المتحدة مرارا.

ووسط كل ذلك تسعى الحكومة على رغم افتقادها للتمثيل الشيعي الذي يضع الممارسة الديموقراطية القائمة على التمثيل الطائفي في وضع حرج ، الى تأمين الحد الادنى من الانتعاش الاقتصادي الذي اهتز في العمق بعد الحرب الأخيرة وخسائرها. وتعول السلطات على عقد مؤتمر دولي جديد لدعم لبنان يعرف بمؤتمر باريس 3 . وزير المال جهاد ازعور انهى سلسلة اتصالات مع المسؤولين الفرنسيين في اطار الاعداد لهذا المؤتمر الذي يحتاج لظروف أمنية وسياسية مستقرة لتأمين انعقاده ونجاحه وهو ما أكد عليه الوزير ازعور بقوله ان اي نمو اقتصادي يستدعي بيئة سياسية افضل من البيئة السائدة حاليا فكم بالحري بالنسبة انعقاد مؤتمر دولي وتأمين ظروف نجاحه .

الوزير اضاف ان هناك مسؤولية على عاتق القيادات السياسية مثل تأمين مستقبل اللبنانيين الطامحين لوضع افضل ويتساؤلون عن وجود فرص عمل اكبر . من هنا لا بد من ضرورة وضع اولوية للاقتصاد تسهم على حد قول ازعور بنجاح مؤتمر باريس 3 لان فشله سيؤدي الى انعكاسات خطيرة جدا. استحقاقات كثيرة يبدو لبنان غير جاهز لمواجهتها.