سمية درويش من غزة: يختلف تعاطي الإعلام العالمي مع ما يدور في قطاع غزة ، ففي حين يرى بعض وسائل الإعلام الأجنبية أن زيادة الحصار واستمراره على القطاع يمكن أن ينذرا بعواقب وخيمة ، ويدعو إلى إعادة تدفق الموارد المالية والإنسانية على القطاع تلافيا لسقوط السلطة، يرى البعض الفلسطيني ان قطاع غزة لم يعد فاعلا في الأخبار بل بات مفعولاُ به منصوباً على مذبح quot;البزنس الإعلاميquot;.
وفي سؤال موحد طرحته quot;إيلافquot; على عدد من الإعلاميين والمحليين السياسيين الكبار في الساحة الفلسطينية ، عن رؤيتهم إلى تعامل الإعلام العالمي - وليس العربي - مع الوضع في غزة تحديدا - وليس مجمل الوضع الفلسطيني ، قال المحلل السياسي حسن الكاشف ، ان الإعلام العالمي يتعامل مع وضع قطاع غزة وفق العناوين التي يصنعها الواقع الفلسطيني ويصنعها الاحتلال الإسرائيلي .
وأضاف: quot;عندما تطغى أخبار الاجتياحات كمجزرة بيت حانون والغارات والاغتيالات يكون الأمر طبيعيا ، وعندما تطغى الخلافات الداخلية يتعاطى الإعلام باهتمام أحيانا يفوق حجمها الطبيعي ، ولا يحمّل الإعلام الغربي المسؤوليةquot;.
ولفت الكاشف إلى أن الإعلام العالمي ينقل الخبر الفلسطيني على أنه quot;خلافات فتح وحماسquot; ، وظهر ذلك بإعطاء موضوع تشكيل الحكومة حيزا كبيرا من اهتمام الإعلام الخارجي ، أما الوضع الإنساني فلا يحظى بما يستحق من اهتمام.
وأشار إلى المأساة في قطاع غزة تحديدا وفلسطين عموما وعدم تعامل الإعلام معها بما تستأهل ، وأضاف: quot;للأسف الوضع السياسي والعسكري يطغى على وسائل الإعلام. quot;إيلافquot; بغزة ان 80% من الشعب تحت خط الفقر بحسب الإحصاءات الدولية النزيهة، ولا ينعكس ذلك في الإعلام ، كأنه يريد أن يبرىء العالم الخارجي من المسؤولية ويبقي الحصار قائما ، مع أنه ليس على الحكومة بل على الشعبquot;.
وأوضح quot;ان هناك تفاصيل مأساوية كثيرة، مثل الخدمات الصحية التي لا تصل إلى المستوى المطلوب وانعدام الدخل ، وهذا كله يستحق الاهتمام ، ولكن يا للأسف، الموضوع السياسي الفلسطيني والعسكري الاحتلالي يطغى على ذلك ، وتقع على الإعلام المسؤولية المهنية والأخلاقيةquot;.
العالم ملّ أخبار غزة
من جهته قال المحلل السياسي ناصر اللحام الذي يرأس تحريروكالة quot;معاquot; الفلسطينية، ان الإعلام العالمي هو الذي يقرر الآن ما هو الخبر الفلسطيني ، ولم يعد الأمر كما كان عند بداية الانتفاضة، حين كان الخبر الفلسطيني يقرر للإعلام العالمي. وأضاف لـquot;إيلافquot; ان الإعلام العالمي ملّ أخبار غزة ، فلم تعد تذكر سوى الزاوية التي تريدها وسائل الإعلام، أي أن قطاع غزة لم يعد فاعلاً في الأخبار بل بات مفعولاً به منصوباً على مذبح quot;البزنس الإعلاميquot; ، بحسب تعبيره.
ولفت اللحام إلى أن الأمور تسير باتجاهات أكثر قسوة من الناحية الإعلامية ، مبينا أن الفلسطينيين يعتقدون أنفسهم صناع خبر، في حين أنهم حقيقة مجرد مستهلكين ومادة إنتاج ( للأخبار السينمائية) التي يربح من خلالها أصحاب المحطات ووكالات الأنباء .
التركيز على الفلتان الأمني
بدوره قال المحلل السياسي والباحث الفلسطيني سميح خلف ان الصحف ووسائل الإعلام العالمية تركز في نشراتها ومقالاتها على حالة الفلتان الأمني في قطاع غزة ، وما تبع ذلك من عمليات اختطاف صحافيين وممثلين لقنوات إخبارية ومؤسسات إنسانية ، هذا بالدرجة الأولى . ، فإذا طالعنا بعض الصحف مثل quot; نيويورك تايمز ، بي بي سي ، والغراديان quot; ، نرى أنها تنظر بعين القلق الشديد لما يحدث في قطاع غزة وتتنبأ بزيادة عمليات quot;الإرهابquot; المنظم وغير المنظم في داخل قطاع غزة المكدس بزخم بشري يفوق أي جزء آخر في العالم إذا ما قورن نسبياquot; . ولفت إلى أن الكثير من الصحف العالمية تبدي حالة من التعاطف مع الشعب الفلسطيني في داخل قطاع غزة أمام الحصار المفروض عليه وتنتقد مبدأ المعايير المزدوجة في مفهوم الديمقراطية .
وفي ما يتعلق بالصعيد السياسي أوضح خلف لـquot;إيلافquot; ان الصحف البريطانية والأميركية تناولت ما يحدث في قطاع غزة بما تسميه quot;عودة حرب التصريحات quot; بين كل من فتح وحماس واتساع دائرة الخلاف بينهما لتنذر بحرب أهلية. وبين بان بعض الصحف قد شخصت المعادلة في داخل قطاع غزة ، حيث قالت أن غزة هي معقل حماس والجهاد والفصائل المسلحة ، كما استنكرت بعض الصحف موقف توني بلير من مذبحة بيت حانون والذي أتى على قاعدة عدم إدانة الموقف الإسرائيلي ، إلا أن كثير من الصحف البريطانية والأميركية تعطي الحق لإسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد عمليات إطلاق الصواريخ .
ولاحظ أن الصحف العالمية تنظر لما يحدث في قطاع غزة من زاوية الرؤية الإسرائيلية أحيانا والإنسانية أحيانا أخرى ، موضحا ان ما يحدث في قطاع غزة يأخذ العمود الإخباري الثانوي لأسباب كثيرة ومختلفة .
ويشار إلى أن صحيفة الاندبندنت ، قد وجهت مؤخرا نداء الإغاثة والمساعدة التقليدي الذي تقوم به الصحف والوسائل الإعلامية البريطانية ، حيث سيتركز هذا العام للمرة الأولى على تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني ، خاصة في قطاع غزة.
التعليقات