سمية درويش من غزة: في ظل تبادل الردح اليومي باللسان وباليد بين الحركتين الرئيسيتين في الساحة الفلسطينية ، وتلويح الكثيرين بلغة الرصاص والدم ، بات المواطن الفلسطيني يدفع ثمن هذه المهزلة المستمرة من دمه وقوته وقضيته ، ويتخوف من جره لحرب أهلية قد تدفعه بنهاية المطاف للرحيل وترك البلاد لعباد فتح وحماس .

وقد عبر رسامو الكاريكاتير اليوم عن الواقع الذي تشهده الساحة الفلسطينية اثر دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للانتخابات المبكرة ، حيث جسدت صحيفة القدس والرسامة الشهيرة أمية جحا ، الخوف والرعب الذي يعتري صدور الأمهات والنساء من نشوب حرب أهلية وتمنياتهن بعودة الاحتلال على أن يقتل الفلسطيني شقيقه ، بينما اختلفت زاوية صحيفة الأيام حين صورت الرئيس عباس بقبطان السفينة وخلفه صابر وصابرة ويبحر إلى بر الأمان ، في إشارة إلى دعوته للانتخابات.

المواطن يسال فهل من مجيب؟

وعقب دعوة عباس للانتخابات المبكرة ، أصبحت هناك الكثير من الأسئلة العالقة في ذهن المواطن الفلسطيني حول مستقبله القادم ، ماذا لو فازت حماس مرة ثانية ؟ هل تسلم فتح بذلك ؟ أم هل ستعاد الانتخابات ؟ ، وماذا لو فازت حماس بالرئاسة والتشريعي ؟ ، وماذا لو فازت حماس بالتشريعي وفتح بالرئاسة ؟ هل سيتم العودة الى قصة المناكفات مرة أخرى ؟ ، وماذا لو فازت حماس بالرئاسة وفتح بالتشريعي ؟ هل ستشهد المنطقة حربا على الصلاحيات بطريقة معكوسة ؟ ، وماذا لو فازت فتح بالرئاسة والتشريعي ؟ هل ستسلم حماس بالأمر .

هذه الأسئلة تحكي الواقع المرير الذي يعيشه الشارع الفلسطيني ورفضه للمناكفات السياسية ونزول الزعامات لمستوى دنيء بألفاظهم وعباراتهم التي أصبحت تصدح في المحطات الإذاعية على مختلف انتماءاتها.

الفرصة الأخيرة

صحيفة القدس المقدسية ، أعربت تحت عنوان quot;الفرصة الأخيرةquot; ، عن أملها ألا يكون الوقت قد فات لالتقاط الأنفاس والعودة إلى منطق العقل والمصلحة الوطنية لا إلى الدعوات غير المسؤولة للنزول الى الشوارع واستعراض العضلات السياسية ، موضحة ان الرئيس عباس كان يستطيع الدعوة إلى انتخابات تشريعية فقط ، ولكنه اختار القرار الأصعب وهو الدعوة إلى انتخابات رئاسية أيضا ليقول للجميع ، وخاصة حركة حماس ان الانتخابات ليست مفصلة لتبدو وكأنها ضد حماس وحكومتها وأغلبيتها البرلمانية .

بدوره استغرب حافظ البرغوثي رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة ، من الرفض المسبق لحركة حماس للجوء إلى الشعب لإيجاد مخرج من الأزمة ، متسائلا لماذا لا يقول الشعب كلمته الفصل في هذه الازدواجية في الحكم التي نشأت

وقال البرغوثي ، quot; نحن عمليا نعيش حربا أهلية ويخطئ من يقول عكس ذلك ولعل إحصائية واحدة عن ضحايا الفلتان في غزة تؤكد ذلكquot;.

الإذاعة والتلفزيون

وقال باسم أبو سمية مدير هيئة الإذاعة والتلفزيون ، سواء قبلت الحكومة ام رفضت قرار عباس بالدعوة لانتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة ، فان ذلك لا يغير من الحقيقة شيئا ،موضحا بان القضية أصبحت الآن بأيدي الجماهير التي هي مصدر جميع السلطات لتعبر عن إرادتها الحرة ديمقراطيا.

ولفت إلى أنالعودة إلى الشعب لم تكن يوما التفافا على إرادته ، متسائلا لماذا لا يمكن استفتائه فيما بتعلق بمستقبله. وأضاف ، لم يتوقع أحد موافقة الحكومة وحركة حماس على خيار الانتخابات المبكرة ، فقد دلت الحملات الدعائية الأخيرة وما سبقها من وقائع بما فيها رفض الاستفتاء الشعبي على وثيقة الأسرى باعتباره انقلابا على الشرعية .

وأشار أبو سمية في مقاله ، لقد كان واضحا منذ البداية ان أكثر ما تخشاه الحكومة هو التوجه إلى الجماهير لتعبر عن رأيها بزجها دون إرادتها في أتون المحرقة الإنسانية والسياسية التي تعيشها الأغلبية الساحقة والمسحوقة من الناس.

ديمقراطية بروح رياضية

من جهته قال حسن البطل تحت عنوان quot;ديمقراطية بروح رياضيةquot; ، أن الرئيس أمسك أخيرا بزمام المبادرة ، أو تقدر أن حكومة الغالبية بادرت إلى quot;كسر إرسالquot; الخطاب الرئاسي ، بدعوتها الناس إلى الخروج للشوارع ، والخروج على خيار مخرج الانتخابات البرلمانية الثالثة.

وأوضح في المنافسات الانتخابية الوطنية لك أن تشارك في الانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسية جميعا ، أو تشارك في بعضها وتقاطع بعضها الآخر ، أو لا تشارك في أي منها، متسائلا هل يجوز لحزب أن يسعى الى تعطيل عملية الانتخابات؟.

وقال المحلل السياسي هاني حبيب ، ان أبو مازن لم يعد يملك أي خيار واقعي يستجيب لما تفرضه الوقائع على الأرض ، وان أي خيار بصرف النظر عن مدى دستوريته سيصطدم بحقيقة انه - ابو مازن - لا يملك اي خيار حقيقي ، في حين أن خيارات متعددة لا تزال تمسك بها حركة حماس ، وهي التي تمسك بدفة السفينة المتهاوية مع أنها لا تعترف بأن هذه السفينة مشرفة على الغرق في بحر من الدماء إذا لم تتوفر عناصر الإنقاذ المطلوبة وبسرعة.