التلميحات تتزايد في باريس إلى اقتراب مرحلة العقوبات
فرنسا تنفي تناقض مواقفها من إيران النووية


أندريه مهاوج من باريس: من المتوقع ان يؤكد الاتحاد الاوروبي موقفه مجدداً الاسبوع المقبل من الملف النووي الايراني من اجل تبديد اي شكوك ربما انتابت بعض الاطراف حول اعتماد لغتين متناقضتين من هذا الملف ، ليس على صعيد الاتحاد بل على صعيد بعض الدول الاعضاء.

وكانت الخارجية الفرنسية تحديدا نفت صحة هذه الشكوك أمس باعلانها ان فرنسا تتكلم بصوت واحد وان لا تناقض في المواقف بين المسؤولين الحكوميين فيها، وجاء ذلك تعليقا على سؤال وجهه صحافيون الى الناطق باسم الخارجية الذي شدد على وحدة الموقف الرسمي الفرنسي مؤكدا ان فرنسا عبرت بوضوح عن هذا الموقف الثابت وغير القابل للتغيير .

وما اثار هذا الالتباس هو ورود تصريحين متتاليين في هذا الشأن، واحد لرئيس الحكومة دومينيك دو فيلبان من موسكو وآخر لوزير الخارجية فيليب دوستي بلازي من باريس . ويتبين أن رئيس الحكومة لم يكن جازما في طبيعة البرنامج النووي الايراني لذلك طالب طهران في ختام زيارته لروسيا بتقديم الادلة القاطعة على نواياها السلمية وعلى خلو برنامجها من اي توجهات عسكرية، في حين اعتمد وزير الخارجية لهجة اتهامية متحدثا عن طابع quot; عسكري سريquot; للنشاطات النووية الايرانية .

وبرر الناطق باسم الخارجية هذه الاتهامات، محاولا ان ينفي وجود اي تعارض بين ما قاله دو فيلبان ودوستي ـ بلازي، ومتحدثا عن اوجه الشبه بين موقف فرنسا والوكالة الدولية للطاقة الذرية التي عبرت حسب رأيه عن المخاوف نفسها في اجتماع مجلس الحكام في الرابع من شباط ـ فبراير .

ولذلك كررت الخارجية الفرنسية تأكيدها ان طبيعة النشاطات الايرانية واستئناف اعمال التخصيب من دون الالتزام بمطالب المجتمع الدولي يدفعان الى الشك بالطبيعة السلمية والمدنية للبرنامج النووي. مؤكدا ان السبيل الامثل لاعادة الثقة هو الوقف الفوري والتام لكل النشاطات المرتبطة بهذا البرنامج .

ويبدو من باريس ان الامور تسير في المرحلة المقبلة نحو المواجهة بين ايران والمجتمع الدولي الذي ارسل اكثر من اشارة حول قرب نفاد صبره حيال التأخير في تجاوب ايران مع المطالب الدولية وبعدما عبرت اكثر من عاصمة عن مخاوفها من طبيعة البرنامج النووي الايراني . لذلك يمكن وضع كلام وزير الخارجية الفرنسي حول الطابع العسكري السري للنشاطات الايرانية النووية في خانة التحذير الجدي لطهران، لا بل التلميح الصريح الى الانتقال الى مرحلة جديدة من التعامل معها، وهي مرحلة اتخاذ اجراءات في حقها، أولاً لأنها لم تستجب مطالب الاسرة الدولية، وثانياً لأنها اصبحت تشكل خطرا عمليا سيؤدي حتما الى قلب المعادلات السائدة في منطقتي الخليج و الشرق الأوسط ، وثالثاً لأن امتلاك طهران برامج نووية عسكرية سيغير في موازين القوى الراهنة وستكون له انعكاسات على الساحة الدولية .

ويقول بعض المطلعين ان تصريحات وزير الخارجية التصعيدية ترمي ايضا الى احتواء موقف المغالين في تضخيم الخطر الايراني الداهم او بالاحرى الملوحين باستخدام القوة ضد طهران، وهو إجراء الخيار الاخير كما ترى الاوساط الفرنسية التي تدعو الى عدم التسرع في اللجوء الى هذا الخيار الذي ستكون له حتما تداعيات سلبية، عبّر عنها صراحة المسؤولون الخليجيون الذين زاروا باريس تباعا الشهر الماضي.

من هنا يمكن فهم تصريحات المسؤولين الفرنسيين ودعمهم الكامل حاليا للمباردة الروسية علها تؤدي الى اخراج الملف من عنق الزجاجة على رغم عدم التفاؤل الكبير، مع العلم ان الفشل سيطلق بخطوات سريعة الية وضع الملف بين ايدي اعضاء مجلس الامن وعندها ستصبح الخيارات محدودة والمخاوف متعددة .