رافضا تعميم الانحياز على كل القرارات الدولية
القانوني شفيق المصري لـ quot;إيلافquot;: الحكومة تتحمل خطأ مزارع شبعا


الدكتور شفيق المصري خلال لقائه مع إيلاف.. تصوير ريما زهار

ريما زهار من بيروت: ينطلق الدكتور شفيق المصري من القانون ويعود اليه في كل مسألة تتعلق بلبنان ودستورية قوانينه واذ يعتبر ان مسألة مزارع شبعا تقع المسؤولية الاولى فيها على عاتق الحكومة. كما يشير الى وجود امل قريب لكثير من المراقبين بالنسبة لسياسة لبنان، فعلى رغم كل المشادات والمشاحنات، هناك قناعة انه لا بد من العودة الى المنطق الحواري.
عن الشباب اللبناني اليوم يقول الدكتور المصري انهم يمرون في اصعب مرحلة واليوم مثلًا دشن التاريخ الاول للشراكة اللبنانية الاوروبية، وهذا معطى من معطيات المستقبل الواعد، كما يؤكد ان رعاية الشرعية الدولية للبنان لم تنقطع منذ حتى تشكيل الامم المتحدة، ويقول ان الاسلوب في التعاطي مع القرار 1559 كان اسلوبًا غير مدروس وكان يجب على الحكومة اللبنانية اولًا والقادة السياسيين في البلد مقاربة القرار 1559 بغير اسلوب اليوم.

كلام المصري جاء خلال مقابلة مع quot;إيلافquot;

كيف تنظر كقانوني الى الوضع السياسي في لبنان؟

بصورة عامة لا نزال نرى ضوءًا يخفت احيانًا ويزيد احيانًا اخرى في آخر النفق، طبعًا لا يوجد امل قريب بالنسبة لكثير من المراقبين لكن الامل باق، وثمة معطيات لهذا الامل، اولًا الوضع الاقليمي على تعقيداته الراهنة يبدو انه في طريق انفراجي، لان المسألة العراقية تكاد تصل الى نوع من تسوية وان على الطريقة اللبنانية، وهي تسوية على الاقل تقلل من الضغط الدموي في الشارع، والمسألة الإيرانية يبدو ان تغليب الدبلوماسية على العقوبات سيسود، وفي المسألة الفلسطينية يبدو ان الجميع في صدد اعطاء فرصة لحكومة حماس، ليس في تبديل مواقفها بشكل كامل، وانما في تعديل بعض هذه المواقف بحيث يمكن الاقتراب اكثر من منطق ابو مازن ومن ثم من بعد تشكيل حكومة اسرائيلية، يمكن ان يصار هناك من خلال دور مرتقب للجنة الرباعية تفعيل خريطة الطريق، وبالنسبة للوضع اللبناني على رغم كل المشادات والمشاحنات، هناك قناعة انه لا بد من العودة الى المنطق الحواري الذي بالرغم من بعض التعثر في مسيرته، هو البديل الوحيد سواء بالنسبة للحوار اللبناني- اللبناني، او بالنسبة للحوار اللبناني- الفلسطيني، او حتى بالنسبة للحوار اللبناني- السوري اذا ما تم تفعيل الوساطة السعودية المصرية ويبدو ان ذلك ضمن نية البلدين.

تطلعات الشباب اللبناني

من خلال مهنتك كمدرس القانون في الجامعات كيف تنظر الى تطلعات الشباب اللبناني؟

الشباب اللبناني اليوم يبدو لي انه في اصعب مرحلة، المرحلة التي سعى في اولها الى التعبير عما يرفض ولكن احدًا من الاحزاب والتيارات القائمة لم تقنعه بعد فيما يريد، وهذه مرحلة الرفض لا بد ان تنتقل الى مرحلة الاختيار، كان في مرحلة الرفض غير معبر عن الامور التي لا يريدها وكان حاشدًا في تجمعه وصارخًا في صوته، ولكن ما يريد هذه سياسية يجب ان تقترحها القيادات السياسية الفاعلة في لبنان، ومع الاسف اقول انها لم تقترح بعد خطة متكاملة للمستقبل الشباب، هناك بعض النقاط والمحطات وهذه طبعًا لا تكفي طموح الشاب اللبناني، وهو في مرحلة نقد ذاتي، للاحزاب التي ينتمي اليها، لكن هذا النقد لم يصل بعد الى حيز التنفيذ لانه ليس في الاماكن القيادية للممارسته، الشاب اللبناني متشبث بارضه بعدما مرت فترة حاول ترك البلد لانه كان محبطًا بشكل كامل، واليوم هو في مرحلة الصدمة التي يرجى الا تتجذر من جديد في نفسيته لانه لا يزال يسعى الى البدائل.

هل مستقبل لبنان من خلال هؤلاء الشباب واعد؟

عندما نقول ان المستقبل واعد يجب ان يكون هناك معطيات، المستقبل يجب ان يكون واعدًا في المبدأ، واليوم مثلًا دشّن التاريخ الاول للشراكة اللبنانية الاوروبية، وهذا معطى من معطيات المستقبل الواعد، بمعنى عودة الانطلاق اللبناني الاقتصادي الاجتماعي، مع استثمارات جديدة، ووظائف جديدة، والمستقبل واعد اذا انجزت لجنة الحوار على الاقل الحد الادنى من النقاط الخلافية التي يمكن اذا تم الاتفاق عليها، ان تمهد لاستقرارين سياسي واقتصادي مقبلين، والمستقبل واعد اذا تم تفعيل المؤسسات، وارى نقاطًا كثيرة لكنها صعبة المنال لان الاحتقان السياسي لا يوفر تحقيق هذه الانجازات، ومع ذلك الحكمة اللبنانية القديمة تكمن في ان قدر اللبنانيين ان يتفقوا لا تزال قائمة بالرغم من كل ما نشهده اليوم.

مزارع شبعا

قانونيًا وبالعودة الى مزارع شبعا وما تم الاتفاق عليه خلال جلسة الحوار السابقة، هل ترى ان لهذه المسألة حل في النهاية؟

مسألة مزارع شبعا تقع المسؤولية الاولى فيها على عاتق الحكومة اللبنانية، اولًا عندما اغفلت واجبها في متابعة هذا الموضوع منذ منتصف الستينات حتى اليوم، فهي لم تطالب بهذه المزارع وكان هناك عدد كبير من الاخطاء التي وقعت بها هذه الحكومة، ولكن كل هذا يجعل من هذه الاخطاء خطايا، ولا تزال المسألة لهذه اللحظة بيد الحكومة اللبنانية، لان ثمة امور كثيرة كان يجب على الحكومة ان تبتها بما في ذلك اثبات الهوية اللبنانية لمزارع شبعا، واليوم لجنة الحوار ارتأت ان يصار الى انجاز هذه المهمة من خلال زيارة لرئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة للجانب السوري، هذا امر لو ان ثمة استجابة سورية عاجلة له يمكن ان نستبشر خيرًا ولكن لغاية اللحظة هناك عراقيل كثيرة تحول دون هذه الزيارة وتحول دون بحث الموضوع قياسًا على ما سمعنا من خلال قمة الخرطوم، وتحول دون وضع هذا الموضوع في جدول الاعمال، وفي هذه الحالة لا بد للحكومة اللبنانية من ان تسلك الطريق الذي كان يجب ان تسلكها منذ البدء، اي الذهاب مباشرة الى الامم المتحدة واقناعها ان معيار الخرائط وحده لا يكفي وان معيار السكان هو الذي يقرر وانهم في كافة سجلاتهم يقعون تحت رعاية الحكومة اللبنانية بشكل متواصل منذ العام 1926 لغاية اليوم، وهذا الامر لم يرد لغاية الساعة ولكن لا بد من ان يرد.

القرارات الدولية

كيف تنظر الى القوانين والقرارات الدولية خصوصًا تلك المتعلقة بلبنان اخيرًا؟

أؤكد ان رعاية الشرعية الدولية للبنان لم تنقطع منذ حتى تشكيل الامم المتحدة، وهناك مادة في ميثاق الامم المتحدة استطاعت ان تسمح للبنان ان يصبح عضوًا كامل العضوية في الامم المتحدة منذ العام 1945، حتى قبل جلاء الجيوش الاجنبية عن ارضه لانها انتظرت لغاية العام 1946، هذه المادة كانت بداية مساعدة لبنان في هذا الاطار، ومن ثم توالت القرارات لمصلحة لبنان، وطبعًا لبنان كان عضوًا فاعلًا في الامم المتحدة، والقرار 425 اهميته انه اتى مع آلية، لم يكن مجرد طلب وتتمثل الآلية باليونيفيل واستطاعت ان تساعد لبنان وكل من يقول ان اليونيفيل لم يصنع شيئًا للبنان ربما لا يعرف الحقيقة، لان اليونيفيل قدمت شهداء في لبنان من اجل المسألة اللبنانية، ثانيًا كان الامين العام للامم المتحدة منذ العام 1978 يقول لا بد من تجديد قوات اليونيفيل في لبنان بالنظر لمساعداتها الانسانية التي تقوم بها وان لم تستطع بعد تنفيذ الانسحاب والاشراف عليه، وحتى اللحظة هناك القرار 426 لا يزال اللبنانيون بانتظار تطبيقه اي الانسحاب الاسرائيلي الكامل من كافة الاراضي اللبنانية لغاية الحدود المعترف بها دوليًا، هذا في المرحلة الاولى، ام في المرحلة الثانية وابتداء من القرار 1559 لغاية القرار 1664 الاخير كل هذه القرارات حريصة كما تؤكد حرفيًا على سيادة لبنان وعلى استقلاله ووحدته، هناك تفاصيل قيد النقاش ولكن الغاية من الامم المتحدة كما تؤكد عليها مرارًا الحرص على استقلال لبنان السياسي ووحدته الاقليمية والوطنية.

هل تعتبر كل هذه القرارات غير متحيزة؟

القرارات من مجلس الامن عمن تصدر؟ تصدر عن كافة الدول الاعضاء في مجلس الامن وبالاجماع وبما في ذلك طبعًا قوات الفيتو الخمس، فاذا كان هناك من يقول مثلًا ان القرار هو اميركي طبعًا بالنسبة لتقنية دول القرار ولاجماع الدول حول هذا القرار، لا يصح فقط ان نقول انه اميركي وانما الاجماع يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار والا فنحن نتهم الجميع اي جميع دول الفيتو في مجلس الامن من دون استثناء، مع العلم ان ميثاق الامم المتحدة ينص في المادة 25 على ان كافة الدول الاعضاء في الامم المتحدة التي تعتبر ان قرارات مجلس الامن تتخذ باسمها جميعًا، كل هذه الدول تتعهد بقبول ودعم قرارات مجلس الامن، اذًا في المبدأ لا يوجد مجال لكلمة تحيز، مع من وضد من، في الاطار التنفيذي ندخل في التفاصيل، اذا كان قرار مجلس الامن اكد على محكمة ذات طابع دولي لملاحقة مرتكبي جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، فطبعًا هذا الامر هو اهتمام بلبنان بالذات وليس فقط بالشخص وبالحادثة، بقدر ما اثرت هذه الحادثة من تداعيات على البلد، وبقدر ما ستؤدي في حال تحقيق هذه المحكمة، بقدر ما ستؤدي الى سيادة القانون واحترام القضاء والى منع هذه الاساليب الوحشية التي حصلت.
واقول ان الاسلوب في التعاطي مع القرار 1559 كان اسلوبًا غير مدروس وقصير النظر، لان تناول هذا القرار لم يكن بالشكل القانوني المنضبط ولم يكن حتى بالاطار السياسي المتفق عليه. وكان يجب على الحكومة اللبنانية اولًا والقادة السياسيين في البلد مقاربة القرار 1559 بغير اسلوب اليوم.


الدكتور شفيق المصري في كلمات

متزوج من غادة نسيب صعب ، مديرة المركز الصحي الاجتماعي في الشويفات لديه ثلاث بنات الاولى متزوجة من طبيب في السعودية ولديها ولدان وحائزة على دكتوراه في العلوم السياسية من كندا والثانية تعمل في البنك الدولي كأختصاصية في الادارة المالية، وتحمل BA في ادارة الاعمال من الولايات المتحدة، والصغرى تحمل BS في علم الكمبيوتر وتعمل في اطار صحافة المعلومات مع مجموعة الاقتصاد والاعمال.
وهو يحمل اجازة في الحقوق ودراسات عليا في القانون العام ودكتوراه في العلوم السياسية، ويحاضر في مواد القانون الدولي والمنظمات والعلاقات الدولية في الجامعة الاميركية منذ العام 1987 لغاية اليوم وفي الجامعة اللبنانية الاميركية منذ العام 1983 حتى اليوم، وفي كلية الحقوق الجامعة اللبنانية حيث يحاضر في قسمي القانون العام والعلاقات الدولية مادة الماجستر في القانون الدولي العام باللغة الاجنبية وبعض المحاضرات السنوية في كلية القيادة والاركان في الجيش اللبناني.

اما بالنسبة للنشاطات الاكاديمية فهناك عدد من المنشورات منها كتابان بالعربية حول النظام العالمي الجديد وحول العدوان الاسرائيلي على لبنان في القانون الدولي بالاضافة الى هذين الكتابين لديه عدد كبير من المساهمات في كتب عدة تتعلق بالشؤون الشرق اوسطية او بعلاقات دولية اخرى، ومئات المقالات في صحف عربية ولبنانية ومقالات اخرى في مجلات متخصصة عربية بالاضافة الى المحاضرات والندوات والمقابلات التلفزيونية والاذاعية الى ما هنالك.