محمد الخامري من صنعاء: قالت مصادر مقربة من القصر الجمهوري بصنعاء أن اليمن سيتسلم قريبا مجموعة جديدة من اليمنيين المعتقلين في قاعدة غوانتانامو ، مشيرة إلى أن المجموعة تتكون من 10 أشخاص وعدت الولايات المتحدة بتسليمهم إلى الجانب اليمني خلال الأسابيع القليلة القادمة ويجري حاليا التواصل بين الجانبين لاستكمال إجراءات التسليم. وكان وفد رسمي تم تشكيله بتوجيهات عليا من وزارات الخارجية والداخلية وجهاز الأمن القومي المتخصص في القضايا الأمنية التي تخص الأمن القومي لليمن والذي استحدث مؤخراً توجه مطلع الشهر الماضي إلى العاصمة الأميركية واشنطن لاستكمال الإجراءات التي بدأت في وقت سابق وتم قطع شوط منها من قبل الوفد العسكري اليمني الذي زار واشنطن قبل ثلاثة أشهر تقريباً برئاسة رئيس هيئة الأركان اللواء محمد القاسمي لتسلم 15يمنياً من المعتقلين في جزيرة غوانتانامو الكوبية بموجب اتفاق تم في وقت سابق بين صنعاء وواشنطن لتسليمهم للأولى.

وأضافت المصادر أن الوفد العسكري اليمني استطاع في زيارته تلك الحصول على نسخة من ملف التحقيقات والأوليات الخاصة باليمنيين الـ15 المعتقلين في غوانتانامو منذ اعتقالهم في أفغانستان عقب دخول القوات الأميركية إليها أواخر العام 2001م وهم الذين لم تثبت عليهم تهمة المشاركة في أعمال إرهابية ضد المصالح الأميركية إلى الحكومة اليمنية ، مشيرة إلى أن الحكومة الأميركية ترددت كثيراً في تسليمهم لليمن خوفاً عليهم من التعذيب النفسي والجسدي خصوصاً بعد مناشدة منظمة العفو الدولية العام الماضي السلطات اليمنية إطلاق سراح أربعة محتجزين على ذمة قضايا إرهابية ، بعدما تسلمتهم اليمن من السلطات الأميركية منذ نحو 3 أعوام ، ولازالوا يقبعون في السجون اليمنية دون محاكمة ، وأخيراً وبعد جولات عدة من المفاوضات المباشرة وعبر الطرق الدبلوماسية اشترطت واشنطن أن تقوم اليمن فور تسلمها للمعتقلين بإحالتهم للقضاء مع ضمان محاكمة عادلة لهم.

وكانت منظمة العفو الدولية قد دعت الحكومة اليمنية الالتزام بالقوانين الدولية التي وقعتها ومحاكمة السجناء أو إطلاق سراحهم سواء كان سجنهم بناء على إرادة الحكومة اليمنية أو بناءً على رغبة السلطات الأميركية. وطالبت المنظمة الرئيس علي عبدالله صالح في بيان نشرته quot;إيلافquot; في حينه بالتحرك الفوري لإطلاق السجناء ومحاكمتهم ضمن حدود القانون ومعالجة أوضاعهم بموجب معايير حقوقِ الإنسان الدولية.

من جهة ثانية وضمن مسلسل فضائح الانتهاكات الأمريكية البشعة لحقوق الإنسان ، وفي إطار تمادي البيت الأبيض في ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية، كشفت quot;منظمة العفو الدوليةquot; أن السلطات الأمريكية قامت بتعذيب ثلاثة يمنيين كانوا معتقلين في سجون في أوروبا الشرقية بعد أن رحّلتهم إليها على متن رحلات جوية مدنية سرية، وأساءت معاملتهم، ضاربة بكل المواثيق الدولية عرض الحائط.

وربط تقرير منظمة العفو الدولية الذي استند على مقابلات مع معتقلين سابقين بين ترحيل المعتقلين اليمنيين إلى سجون سرية، والتعذيب، وبين المعتقلين وإساءة معاملتهم، في الوقت الذي كانت واشنطن قد أصرّت على أنها لا ترسل أي معتقل إلى دول قد يتعرّض فيها للتعذيب، فيما قالت quot;وكالة الاستخبارات الأمريكيةquot; إنها علمت بالتقرير ولكنها رفضت التعليق عليه. ويضم التقرير معلومات وتفاصيل عن تجارب لثلاثة يمنيين يدّعون أنهم اعتُقلوا في أربعة سجون سرية أمريكية على الأقل في الفترة بين (أكتوبر/ 2003 ومايو/ 2005م).

ويقول المعتقلون السابقون إنهم احتُجزوا لفترة ثلاثة عشر شهرا، قبل أن يعودوا إلى اليمن، في ما أسموه quot;المركز الأسودquot;، وهو مبنى سري يُعتقد أن quot;السي . آي. أيquot; تديره. وقد أعطى اليمنيون الثلاثة معلومات مفصّلة عن تغيّر الطقس وساعات الطيران، مما حمل quot;العفو الدوليةquot; على الاعتقاد بأنهم كانوا معتقلين في جيبوتي وأفغانستان ومكان ما في أوروبا الشرقية، بالرغم من عدم إمكانية الجزم في الموضوع. ولم توجه لأي من الثلاثة أي تهمة متعلّقة بالإرهاب.

ويتّهم التقرير الولايات المتحدة باستعمال شركات طيران مهمة لنقل الأفراد إلى دول واجهوا فيها التعذيب. وتقول quot;العفو الدوليةquot; إنها تملك بيانات بحوالي (100) رحلة لطائرات تستخدمها الوكالة الدولية تحت اسم شكلي معظمها مرّ فوق المجال الجوي الأوروبي. كما كشفت أنها تمتلك معلومات عن حوالي (600) رحلة لطائرات تستخدمها الـquot;سي. آي.أيquot; بشكل مؤقت.
وتقول الأمينة العامة لـquot;العفو الدوليةquot; إيران خان: quot;هذا الدليل الأخير يُظهر أن الولايات المتحدة تستغل اتفاقات تجارية لنقل أشخاص و هو ما يشكّل انتهاكا للقانون الدوليquot;. أما الحكومة الأمريكية، فتقول إن نقل المشتبه فيهم يتم وفقا للقانونين الأمريكي والدولي. إلا أن quot; العفو الدولية quot; تشير إلى أن الـquot;سي. آي.أيquot; تستغل وجود اتفاق خاص يسمح للطائرات الخاصة بأن تحطّ في مطارات أجنبية من دون إعلام السلطات المختصة، بعكس بقية الحكومات أو الطائرات الحربيةquot;.

ويرى النقاد أنه من الصعب إثبات هدف تلك الرحلات ويشيرون إلى أن الطائرات قد تكون قد استًخدمت من قبَل السي. آي.أي لنقل مسئولين. وتقول quot; العفو الدولية quot;إنها ربطت بين تلك الرحلات والأشخاص الذي تمّ ترحيلهم بشكل غير شرعي. وقد حذّرت المنظمة من أن بعض الحكومات قد تجد نفسها quot;شريكة في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسانquot; وحثتها على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الترحيل. وأضاف التقرير: quot;على الحكومات أن تصرّ على إعلان كل طائرة تُستخدم في مهمة استخبارية quot;رحلة رسميةquot; ومنع استخدام الأجواء والمطارات للترحيلquot;. وطالب التقرير كذلك الحكومات بالكشف عن كافة الممارسات المتصلّة بترحيل مشتبه فيهم إلى سجون سرية وعن مصير الذين لا يُعرف مكان وجودهم.

ويأتي تقرير منظمة العفو الدولية بعد أقل من شهرين من إصدار الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي الذي تتهم به دول عديدة في العالم بانتهاك حقوق الإنسان ، وتضييق فرص الحريات وتتحدث عن اعتقالات جزافية، وهو الأمر الذي أثار سخرية المراقبين من محاولات الولايات المتحدة بذر الرماد على العيون وتضليل الرأي العام عما تقوم به من انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية في الوقت الذي تروج لنفسها كوكيل وحيد للديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان في أسواق دول العالم الثالث.