عمان: فيما بدأت مآذنة مسجد الملك الحسين بن طلال تصدح بصوت الحق الخالد quot; الله اكبر، الله اكبر quot; فاض المصلون الذين اقبلوا بالذكر والشكر لله تعالى لاداء اولى الصلوات فيه اليوم بعد اكتمال رحلة بنائه التي امتدت لثلاث سنوات. والمسجد الرابض على احدى اعلى روابي عمان على شكل حصن أسلامي تتجلى فيه روعة التصميم بمحاكاته أسلوب العمارة الاسلامية المتميزة ، وجمعه للحداثة والاصالة في النقوش الاسلامية البارزة على الجدران والأقواس والقناطر والأرضيات ليكون شاهدا من الشواهد التي تذكر بمدى اهتمام الهاشميين بعمارة بيوت الله كما أمر عز وجل لتقام فيها الطاعات والصلوات ويذكر فيها اسم الله عز وجل .

والجهد الهاشمي في عمارة بيوت الله والمحافظة على المقدسات ممتد على مر التاريخ فها هو الشيخ محمد الحسيني quot;رحمه الله quot; رئيس المجلس الاعلى للقدس يتوجه بوفد من القدس الى مكه المكرمة عام 1924 يطلب فيها من الشريف الحسين بن علي انقاذ المسجد الاقصى بعد ان ساءت حال بنائه ليتبرع الشريف طيب الله ثراه بخمسين الف دينار ذهبية بحسب المؤرخين الذين يؤكدون ان اجمالي ما جمع لهذه الغاية من بقية المسلمين لم يتجاوز 5 الاف دينار ذهبية.

وفي حينه انفق المبلغ لصيانة المسجد الاقصى وقبة الصخرة المشرفة وجميع مساجد القدس وطال ايضا العديد من الكنائس فيها ليتواصل الاهتمام الهاشمي الى عهد المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه الذي اجرى صيانة لمساجد القدس عام 1963 وتكلل ذلك حين باع جلالته بيته في لندن عام 1993 بمبلغ 8 ملايين جنيه استرليني وخصص لصاينة المسجد الاقصى وتذهيب قبة الصخرة المشرفة ولايزال هذا المبلغ ينفق منه حتى يومنا الحاضر ليأمر جلالة الملك عبدالله الثاني ببناء مئذنة خامسة للمسجد الاقصى ووضع اللوحة الاولى لبناء منبر صلاح الدين الذي يجري تصنيعه في جامعة البلقاء التطبيقية.

وهذه رسالة ال هاشم الغر الميامين ان يحملوا المقدسات الاسلامية عهدة عمرية يودعونها قدس الاقداس و المآذن والقباب كلها لذكر الله في الارض التي بارك الله حولها. وشيد مسجد الملك الحسين بن طلال بامر من جلالة الملك عبدالله الثاني لتخليد ذكرى الراحل العظيم على ارض تقدرمساحتها بنحو 60 الف متر مربع ويتسع لنحو 5500 مصل ومصلية .. وبلغت مساحة البناء فيه نحو 8 الاف متر مربع وخصصت بقية المساحة مواقف للسيارات تتسع لـ 450 سيارة وزود بشوارع داخلية وممرات وارصفة وادارج واحواض زارعة واحيط بمساحات خضراء ازدانت بالاشجار والورد والنباتات دائمة الخضرة .

ويغلب على تصميم المسجد طراز العمارة الاسلامية الخاص بمنطقة بلاد الشام التي تبدو جلية بواجهاته الداخلية والخارجية التي اكتست بحجر البناء الاردني بالالوان والانماط والتشكيلات والنقوش الاسلامية وهو اسلوب اندرج كذلك على جيمع ارضيات الفناءات والمداخل والممرات التي تحيط به.

وبناء المسجد الذي يتكون من طابق ارضي واول وطابق الميزانيين ليست غريبة عن اضرحة الصحابة في الاردن /رضوان الله عليهم/ فقد زار المعماري خالد عزام واضع تصميمه العديد من المواقع الدينية في الاردن واخذ تصاميم المقامات بعين الاعتبار واسلوب البناء الاردني . يتميز الطابق الاول بمداخله ذات الاقواس الحجرية العالية التي تصل الى عشرة امتار واسطح وواجهات حجرية موشاة بالتشكيلات والنقوش الاسلامية لتعلو منطقة المصلى الرئيسي الداخلي القبة الرئيسية بارتفاع 31 مترا و يتميز سقفه بالقناطر والقباب فيما تضم منطقة المصلى الخارجي المغطى بمجموعة من القباب التي تم انشاؤها وتشكيلها باستخدام الخراسانة المسلحة فضلا عن مناطق الوضوء الملائمة والملاحق الاخرى .

وطابق المزانيين الذي يتوسط المصلى الداخلي والخارجي عبارة عن جناحين خصصا كمصلى للنساء مع اماكن للوضوء فيما يضم الطابق الاول جناحين خصصا كمكاتب ومساحات لاغراض تدريس وتحفيظ القرآن الكريم ومكتبة خاصة بالمراجع الدينية . اما محراب المسجد فهو تحفة فنية اسلامية تذكر بالمحاريب الاسلامية التقليدية المصنوعة من الخشب الخالص ابدعته ايدي طلاب كلية الفنون الاسلامية التقليدية التابعة لجامعة البلقاء التطبيقية مستخدمين خشب الجوز والبلوط بربطه بطريقة quot; التعشيق quot; دون استخدام اللاصق او المعدن للتثبيت وهو اسلوب لم يتسخدم منذ 200 عام .و يحتوي المحراب الذي شارك في صنعه صناع مهرة من مختلف الدول الاسلامية في هيكليته وتفاصيله الزخرفية على العديد من الرموز الرقمية ذات الجودة العالية كاحد عشر جزءا مزخرفا على شكل شبه دائرة للمشكاة او ضمن الانماط الهندسية العليا في المشكاة بتناسق هيكلي تعتبر واحدة من اللغات الرمزية الموجودة في كل الفنون الاسلامية .

ويعمل ذات الطلاب حاليا على تصميم منبر خاص للمسجد يتناغم مع شكل المحراب بذات الاخشاب والطرق الهندسية. وتنهض على زوايا المسجد اربع مأذن يمكن رؤيتها بوضوح من مختلف مناطق العاصمة وتعلو كل واحدة منها قبة ولها شرفات يمكن الوصول اليها من خلال السلالم الداخلية تصل الى ارتفاع 46 مترا من منسوب ارضية المسجد . والعمل يجري حاليا على انشاء متحف لسيرة الهاشميين سيضم شعرة من شعرات الرسول الكريم وكتابه الموجه الى هرقل ملك الروم وستزرع امامه غرسة من الشجرة التي استظل بها الرسول اثناء مروره بالاردن في منطقة الصفاوي ومازالت بخضرتها حتى الان .

مسجد الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه والذي حظي بعانية جلالة الملك عبدالله الثاني اثناء التصميم والانشاء واختيار الموقع انشئ ليكون بيتا من بيوت الله تقام فيه الصلوات ويرفع فيه ذكر الله ولتبقى ابوابه مفتوحة امام المصلين على مدار الساعة وللناس كافة.