الياس توما من براغ: دخلت صربيا في اختبار جديد للنوايا بعد أن وضعت أوربيا في الزاوية الضيقة مع تجميد الاتحاد الأوربي محادثات الشراكة والاستقرار معها. الخطوة الأوربية هذه لم تكن مفاجأة بسبب انقضاء الفترة التي حددت لتسليم جنرال حرب صرب البوسنة السابق رادكو ملاديتش نهاية الشهر الماضي وبسبب تحذير بروكسل ولاهاي من أن عدم الالتزام بالموعد ستعقبه مسائلة.

تبرير رئيس الحكومة الصربية فويسلاف كوشتونيتسا بان ملاديش أصبح وحيدا الآن في وضعية الهروب بعد أن تم الكشف عن أفراد الشبكة وحراسه الشخصيين لم تلق أذنا صاغية لدى بروكسل لان مصداقية بلغراد ضعفت كثيرا في قضية ملاديتش كون إنكارها المتكرر لوجوده في أراضيها سابقا كان يتناقض والمعطيات التي كانت محكمة جرائم الحرب في لاهاي تقدمها لها حول عناوين تخفيه.

وعلى الرغم من أن تجميد محادثات الشراكة الأوربية قد لا يبدو الآن مأساويا لبلغراد لكن تداعياته على المدى المنظور يمكن أن تكون جدية فإيقاف المحادثات يعني تواجد بلغراد بعيدا عن تيار التكامل الأوربي وبالتالي إمكانية تواجد صربيا في حالة من العزلة الأوربية وربما الدولية فيما سيؤدي هذا التطور إلى تعزيز النزعة الانفصالية لدى سكان الجبل الأسود الذين سيمتلكون في 21 من هذا الشهر القرار بشان الطلاق النهائي لهم عن بلغراد من خلال الاستفتاء الذي سينفذ حول مسالة استمرار الشكل الكونفدرالي الفضفاض من العلاقة القائم مع بلغراد أم الخروج من عباءتها نهائيا كما فعلت غيرها من جمهوريات الاتحاد اليوغسلافي السابق

وقد بدأت تداعيات التجميد تظهر أيضا داخل الحكومة الصربية نفسها حيث قدم نائب رئيس الحكومة ميروليوب لابوس استقالته من منصبه متهما الحكومة بأنها قدquot; خانت أهم مصالح صربيا وسكانها من خلال عدم توقيفها ملاديتش كما وعد بذلك رئيس الحكومة فويسلاف كوشتونيتسا . الخطوة هذه قد يعقبها أيضا في الثالث عشر من هذا الشهر انسحاب حركة تجمع 17 من الائتلاف الحكومي وبالتالي ازدياد ضعف الحكومة وربما الانفتاح أيضا على خيار الانتخابات البرلمانية المبكرة .

حكومة كوشتونيتسا تتواجد الآن في وضع اكثر إحراجا من أي وقت سابق فإلقاءها القبض على ملاديتش قد يفقدها دعم الاشتراكيين والراديكاليين في البرلمان حيث لا تمتلك الأغلبية في حين أن عدم تعاونها مع محكمة جرائم الحرب الخاصة بيوغسلافيا السابقة في لاهاي سيجعلها تصاب بالعزلة أوربيا وبالتصدع داخليا ولذلك فان حل العقدة القائمة يبدو الآن بأيدي ملاديتش أكثر من يد كوشتونيتسا .

إعلان ملاديتش عن رغبته بتسليكم نفسه طواعية لمحكمة لاهاي يمكن له أن ينقذ الجميع فهو بهذه الخطوة سيزيح عبئا ثقيلا عن بلغراد من جهة وسيظهره من جهة أخرى على انهquot; وطني كبير يضحي بنفسه من اجل صربيا quot; كما انه سيريح الاتحاد الأوربي الذي لا يريد عزل صربيا وفي نفس الوقت يمنح محكمة لاهاي الفرصة لكشف تفاصيل فصل دموي من الحرب البوسنية لعب فيها ملاديتش دورا رئيسيا دمويا .