خالد طه من الدوحة: انتقد الرئيس البوسني سليمان تيهيتش موقف الدول الإسلامية المتمثل في توقف المساعادت والدعم لبلاده مما اضطر أكثر من نصف الشعب البوسني لجوء الى بلدان العالم نتيجة حرب الابادة الجماعية التي تعرض لها، وقال تيهيتش في مؤتمر صحافي ان أكثر من 8 ر1 مليون بوسني خرجوا من بلادهم هرباً من البطش والتنكيل اللذين كانوا يتعرضون لهما على أيدي الصرب.

واشار تيهيتش إلى أن دولاً اخرى تمد يد العون للبوسنة والهرسك وتقدم مساعدات قد تفوق في مجملها ما تقدمه الدول الإسلامية مجتمعة كدولة السويد مثلاً، مؤكداً على ان توقف السخاء الإسلامي بعد الحرب لابد من اعادة النظر فيه بسبب الظروف القاسية التي يعيشها المسلمون في البوسنة والهرسك.

وقال ان البوسنة جزء من أوروبا جغرافياً وهدفنا الالتحاق بالاتحاد الأوروبي ولكننا نسعى في الوقت ذاته لتعزيز وتفعيل علاقاتنا مع العالم الإسلامي فنحن شعب مسلم في أوروبا ونمارس معتقداتنا ونتمسك بتراثنا وديننا طوال 600 عام، وقد عانينا أكثر من أي شعب آخر في المنطقة وتعرضنا للإبادة الجماعية اكثر من مرة الا اننا نفخر بكوننا مسلمين ونتمسك بثقافتنا وديننا ونؤكد ذلك لجيراننا في أوروبا بالرغم مما نعانيه من أزمات متعددة، ولكن الحمد لله استطعنا ان نجتاز هذه المحنة ونحافظ على هويتنا وثقافتنا وعقيدتنا الإسلامية ونحن فخورون بذلك، وكل ما نحتاج إليه هو دعمنا لتأكيد السيادة البوسنية ووحدة الأراضي والمناطق البوسنية وذلك من خلال تفعيل علاقاتنا الاقتصادية مع العالم الإسلامي، ونأمل ان تساهم الدول الإسلامية باستثماراتها في هذه العملية.

وفيما يتعلق بالأوضاع في البوسنة حاليا قال الرئيس البوسني أن مسلمي البوسنة هم الضحايا الأكثر في الحرب التي تعرضت لها البلاد في الفترة من 1992 إلى 1995 والتي راح ضحيتها 150 ألف قتيل لكونهم مسلمين، بالاضافة إلى حوالي 50 ألف امرأة تعرضن للاغتصاب أيضا لكونهن مسلمات وكذلك تدمير أكثر من 700 مسجد، كما تم اكتشاف حوالي 400 مقبرة جماعية في البوسنة تشتمل على حوالي 648 جثة وهم ضحايا مسلمون قتلوا لمجرد كونهم مسلمين مؤكداً ان الشعب البوسني لم يختر التطرف ولا التعصب أو الاقتتال بل كانت حرب دفاع عن النفس والحمد لله اجتزنا هذه الحرب اللا اخلاقية.

وبسؤاله عن برنامج شركاء من أجل السلام الذي تعمل فيه البوسنة والهرسك تحت مظلة حلف الناتو ووجود شروط للمشاركة في هذا البرنامج قال الرئيس البوسني هناك بعض الشروط تتعلق بإصلاح نظام الدفاع بالبوسنة والهرسك، وقد نجحنا في اكمال هذه الاصلاحات بعد الحرب كان هناك حوالي نصف مليون جندي مقسمين على ثلاثة جيوش منفصلة، واليوم لدينا جيش وطني متعدد الاثنيات يضم حوالي 12 ألف جندي محترف فقط، وهناك شرط آخر هام وهو التعاون الكامل مع المحاكم الدولية وهو الاهتمام الأول للمواطنين الذين يأملون في محاكمة مجرمي الحرب الذين ارتكبوا فظائع خلال حرب البوسنة والهرسك.

و حول اتفاقية دايتون قال تيهيتش ان اتفاقية دايتون فجرت العديد من الموضوعات والاحتمالات، اذ علينا أن نغير الدستور، لقد جلبت دايتون السلام إلى بلادي ولكنه ليس سلاما عادلا، جانب واحد حصل على أكثر مما يجب ان يحصل عليه وبالطبع هم اليوم لا يريدون توقيع الاتفاقية حتى يحصلوا على حقوقهم التي اشارت اليها دايتون منذ عامين، ودولتنا تتبع الصرب للاعتراف وقد بدأت العملية بالفعل تأخذ مسارها.

ونفى الرئيس البوسني الادعاءات الموجههة لبلاده فيما يتعلق بالضلوع في مساعدة الولايات المتحدة في نقل المحتجزين لديها لقواعد أوروبية مؤكدا ان السلطات في البوسنة لا تساعد الولايات المتحدة في هذه الأمور، وحسب اتفاقية دايتون فانه يمكن الاحتفاظ بقوات عسكرية دولية في البوسنة والهرسك والسلطات البوسنية ليس لديها صلاحيات التدخل في هذه القواعد العسكرية الدولية، لذا إذا كان هناك شيء فنحن لا نساعدهم فيه. وكرر تأكيده على أن السلطات البوسنية لم ولن تساعد أي جهة ولا حتى الولايات المتحدة في مثل هذه الأفعال وكذلك القوات البوسنية.

وعن إعلان استقلال الجبل الأسود عن صربيا قال الرئيس البوسني انها خطوة ايجابية.

وبسؤاله عن الاصلاحات التي يجرى العمل عليها في البوسنة والهرسك والتي اعتبرها الاتحاد الأوروبي شرطا اساسيا في الانضمام له في العام 2008 قال تيهتيش: سوف نستمر في تمرير هذه الاصلاحات الدستورية في البرلمان وهناك 62% من أعضاء البرلمان يعملون على ذلك، وكما تعلمون هذه هي فترة الانتخابات وهناك بعض الأحزاب والجهات السياسية في البوسنة والهرسك تسئ استخدام هذه الاصلاحات الدستورية التي تسعى لحلول سياسية وذلك لأغراض ترويجية ودعائية سياسية وبعلم السلطات الدينية للاسف متورطة في ذلك الوضع السلبي، ونحن في ذلك نسعى لكسب المزيد من المؤيدين لهذه الإصلاحات الدستورية في البرلمان ليصل العدد إلى 66% من الأعضاء ونحن قريبون جدا لذلك.

و حول آخر احصاءات اللاجئين البوسنيين الذين تمت اعادتهم لموطنهم الأصلي قال ان أكثر من نصف سكان البوسنة تم ترحيلهم من بلادهم وهجروا موطنهم الأصلي إبان الحرب، ولكن أكثر من نصف هذا العدد نجح في العودة إلى المناطق التي ينتمون إليها مؤخرا، والمشكلة الأساسية هي أن هؤلاء الناس يواجهون ظروفا اقتصادية صعبة للغاية، ودولة البوسنة والهرسك ليس لديها ميزانية كافية لإعادة بناء المنازل وإعادة بناء المصانع وكذلك بناء البنية التحتية من جديد لأن كل هذه الأشياء تم تدميرها تماما في الحرب، وبالطبع نحن نقوم بما نقدر عليه لجلب الأموال وتخصيص ميزانية لهذه المشكلات ويساعدنا في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، لكنه لايزال غير كاف حتى الآن، وسوف يكون هاما جدا ومرحبا به أن تقدم لنا الدول الإسلامية المساعدة في هذا المجال.

اما فيما يتعلق بأجندته بالمنطقة العربية والإسلامية والدول التي ينوى زيارتها لكسب الدعم العربي والإسلامي وبحث سبل تعزيز العلاقات المشتركة فقد أشار تيهتيش إلى أنه ينوى زيارة مصر وتوجيه الدعوة لرئيسها مبارك لزيارة البوسنة والهرسك، وكذلك ليبيا والمملكة الأردنية، وربما دولة الكويت ويمكن أيضا زيارة المملكة العربية السعودية خلال العام، موجها الشكر إلى كل الدول التي أرسلت مساعدات إنسانية إلى البوسنة والهرسك خلال الحرب وكذلك الدول التي ارسلت فرقا وقوات عسكرية ضمن قوات حفظ السلام الدولية للمساهمة في ارساء الأمن والاستقرار في بلاده ومن بينها مصر، وكذلك المساعدات اللوجيستية وتدريب الشرطة البوسنية، والبعثات التي دعمتها بعض الدول للطلاب البوسنيين بالخارج.

وحول مجرمي الحرب وسبل التعامل معهم من قبل السلطات البوسنية قال ان مشكلة مجرمي الحرب لا تتعلق بالبوسنة والهرسك فقط ولكن بالمنطقة ككل ويدخل ضمن ذلك صربيا وكرواتيا وكوسوفو، إلا أن البوسنة والمسلمين البوسنيين قد عانوا أكثر خلال الحرب وكان ضحاياهم أكثر، لدينا دعم كبير من المجتمع الدولي لمعالجة هذه القضية وتقود الولايات المتحدة هذه العملية لأنها تسعى لمعاقبة جميع مرتكبي جرائم الحرب على أفعالهم التي قاموا بها ضد مدنيين أبرياء، كما أن الناس في المنطقة يريدون ذلك وحتى لو تسامح البعض في حقوقهم لن تقبل أمريكا سوى بمعاقبة كل مجرمي الحرب المتورطين في أعمال اجرامية طوال هذه الفترة، في الوقت الحالي لدينا محكمة في البوسنة والهرسك وقد ابلغت السلطات البوسنية في تقرير لها عن حوالي 13 ألف حالة لاشخاص تورطوا في جرائم حرب، ويجب ان يعاقب هؤلاء، لأنه كما ذكرت لكم لقد اكتشفنا حتى الآن 400 مقبرة جماعية. لقد عذب الكثيرون وقتل الكثير ولذا يجب أن يعاقبوا، لقد اعتقلت شخصيا واقتدت إلى معسكرات على الحدود الصربية