أسامة مهدي من لندن : استأنفت المحكمة الجنائية العراقية العليا في بغداد جلساتها صباح اليوم بالمباشرة بالاستماع الى اقوال ثلاثة مشتكين جدد ضد الرئيس المخلوع صدام حسين وستة من كبار مساعديه السابقين الذين يحاكمون بتهمة ارتكاب جرائم ابادة جماعية ضد الاكراد فيما عرف بحملة الانفال خلال عامي 1987 و1988 .
وباستماعها الى اقوال المشتكين الثلاثة هؤلاء في هذه الجلسة السابعة تكون المحكمة قد استمعت الى شهادات 20 مشتكيا منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من الشهر الماضي فيما ينتظر ان يمثل امامها المزيد من المشتكين والشهود خلال الجلسات المقبلة بينهم مسؤولين رسميين اكراد في الحكومة العراقية الحالية اضافة الى عرض كميات ضخمة من الوثائق عليها . وكان الرئيس العراقي جلال طالباني ووزير الخارجية هوشيار زيباري وهما كرديان قد ابديا في وقت سابق استعداهما للادلاء بشهادتيهما في قضية الانفال .وقد تميزت جلسة المحكمة امس السادسة باتهام رئيس هيئة الادعاء العام منقذ ال فرعون رئيس المحكمة القاضي عبد الله العامري بمحاباة صدام والسماح للمتهمين بتحويل قاعة المحكمة الى منبر سياسي لهم وطالب القاضي بالتنحي عن القضية لكن هذا الاخير رفض ذلك مؤكدا انه يعمل على تطبيق المساواة بين جميع اطراف القضية .
كما اكد مشتك كردي انه لا احد في العالم يستطيع تعويضه عن قتل النظام السابق لوالديه عندما كان عمره 10 سنوات .. فيما اقر سلطان هاشم وزير الدفاع السابق انه كان مسؤولا عسكريا عن حملة الانفال . وفي مداخلة له عقب انتهاء المشتكي الاول من اقواله في جلسة امس اقر سلطان هاشم بانه كان قائدا لحملة الانفال بالمشاركة مع قوات الفيلق الخامس كما ناقش المشتكي في الطرق التي سلكها الهاربون الى ايران ونوعية الطائرت التي هاجمت قريته . واشار الى انه كانت هناك وثائق لدى وزارة الدفاع تؤكد ان الطائرات الايرانية كانت تهبط بالقرب من هذه القرى ايام التمرد الكردي لايصال مواد غذائية الى الجنود الايرانيين الذين احتلوا المنطقة .
وفي بداية جلسة امس ايضا فاجأ رئيس هيئة الادعاء العام الجميع بتوجيه اتهامات للقاضي قائلا انه في الوقت الذي يضغط على الادعاء وعلى محامي المشتكين يسمح للمتهمين ومحاميهم بتوجيه اسئلة استهزائية وغير منتجة الى المشتكين كما سمح الى احد المتهمين في اشارة الى صدام حسين بتوجيه تهديدات للمحكمة وللمشتكين الامر الذي حول المحكمة الى منبر سياسي لهم . واشار الادعاء الى ان تصرف القاضي هذا منح المتهمين جانبا من السماح بابداء الراي لصالحهم في اشارة الى صدام حسين على الخصوص ولذلك فان هيئة الادعاء تطلب منه التنحي عن النظر في القضية المعروضة .
ورد القاضي بانه غير منحاز ولكنه حريص على تحقيق المساواة بين اطراف القضية .ثم اعترضت محامية المشتكين على السماح للمتهمين بالتجاوز على المشتكين وعلى ابناء الشعب الكردي الامر الذي يخالف العدالة ويؤثر على هيبة القضاء العراقي . فرد القاضي انه مسؤول عن ادارة جلسات المحكمة وضبطها وله خبرة في القضاء تتجاوز ربع قرن ويعرف صلاحياته وحدود تصرف المتهمين والمشتكين .
وكان صدام حسين قال امس الاول انه الان quot;اشبه بالاسد الذي دفع الى القفص ولكني استطيع ان اعمل شيئا ولو بسيطا quot; . ثم استعرض اتفاقه مع شاه ايران الذي كان يدعم الاكراد عام 1975 على انهاء المشاكل بين البلدين وقال انه بعد اذاعة بيان الاتفاق القى الاكراد 120 الف قطعة سلاح على الارض وهذا ما يعني انه لاتوجد مشكلة حقيقية بين العرب والاكراد في العراق . واضاف انه منح الحكم الذاتي للاكراد وعقد صلحا مع زعيم الحركة الكردية انذاك مصطفى البارزاني . واشار بالقول quot;لكن بعض الالسن تتجاوز علينا الان .. ولااعتقد انكم تريدون ازعاجنا وزعلنا .. لاننا هادئين ولكن اذا ازعجتونا سيحصل مايحصلquot; .
المتهمون والتهم
والمتهمون الستة الاخرين بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بغداد في الحرب بين البلدين بين عامي 1980 و1988 .
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وتجري محاكمة الانفال هذه في وقت يواصل قضاة اخرين مشاورات لإصدار حكمهم في القضية الاخرى التي تتعلق بقتل 148 عراقيا من بلدة الدجيل شمال بغداد بعد نجاة صدام من محاولة لاغتياله فيها عام 1982. ومن المقررأن تعلن المحكمة أحكامها النهائية في قضية الدجيل في السادس عشر من الشهر المقبل .
وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot; .
التعليقات