بيروت: ينتشر جنود روس في الشرق الاوسط للمرة الاولى منذ اكثر من مئتي سنة مع ارسال وحدة للهندسة للقيام ببناء جسور دمرها القصف الاسرائيلي في لبنان، واحياء دور روسيا في المنطقة. ومن المقرر ان ترسل روسيا خارج اطار القوة الدولية التابعة للامم المتحدة في لبنان (يونيفيل) 300 جندي سيتولون اعادة بناء ستة جسور بالقرب من صيدا على بعد نحو اربعين كيلومترا جنوب بيروت.

ويتوقع وصول مائة جندي روسي الى مطار بيروت في الرابع من تشرين الاول/اكتوبر. اما الباقون فسيصلون عن طريق البحر في 10 تشرين الاول/أكتوبر الى مرفأ الجية جنوب بيروت، كما اكد المتحدث فلاديمير شيريبانوف لفرانس برس الاربعاء. وستكون اول مرة ترسل فيها روسيا او الاتحاد السوفياتي سابقا، قوات الى المنطقة، باستثناء الخبراء العسكريين الذين عملوا فيها عدة عقود على تدريب الجيوش المحلية على استخدام الاسلحة الروسية.

وكانت روسيا ارسلت قوة بحرية الى بيروت في نهاية القرن الثامن عشر، في عهد الامبراطورة كاثرين الثانية، خلال حربها مع الامبراطورية العثمانية. وفي حين يواجه الجيش الروسي تمردا في الشيشان الجمهورية الانفصالية المسلمة في القوقاز حيث ينشط مقاتلون اسلاميون، تفضل موسكو عدم اقحام جنودها في مهمة شائكة كتلك التي كلفت القوة الدولية الموقتة في لبنان (يونيفيل) القيام بها، كما يقول دبلوماسيون.

وقال دبلوماسي طلب عدم ذكر اسمه ان quot;روسيا لا تريد الانجرار الى المشكلات الداخلية في لبنان وخصوصا بشأن تجريد حزب الله من سلاحه او حتى المواجهات التي قد تقحم فيها قوة الامم المتحدةquot;. وروسيا عضو في اللجنة الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وتسعى الى ايجاد حل للنزاع في الشرق الاوسط. لكن موسكو انتقدت الهجوم الاسرائيلي على لبنان وعملت مع فرنسا على اصدار قرار عن مجلس الامن الدولي لوقف الحرب.

غير ان روسيا التي تدعو الى عالم تعددي في مواجهة الهيمنة الاميركية، تسعى الى اسماع صوتها في الشرق الاوسط حيث كان للاتحاد السوفياتي نفوذ قوي في قترة الحرب الباردة. وهكذا اقرت موسكو رسميا منتصف ايلول/سبتمبر باجراء اتصالات وصفتها بانها quot;مفيدةquot; مع حزب الله الذي تعتبره واشنطن منظمة quot;ارهابيةquot;. وبرر سيرغي بريخودكو مستشار الرئيس فلاديمير بوتين هذه الاتصالات بان حزب الله جزء من المشهد السياسي اللبناني وله وزيران في الحكومة.

الى ذلك، قام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في بداية الشهر بزيارة الى سوريا (اكرر.. سوريا) التي تساند حزب الله، خلافا للسياسة الاميركية ومعظم الدول الاوروبية الاخرى. وموسكو التي استقبلت مسؤولين من حركة حماس بعد فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية مطلع 2006، عملت كذلك على لعب دور الوساطة في الخلاف النووي مع ايران.

وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي، عملت موسكو على التقارب مع اسرائيل وخصوصا بسبب الهجرة الكثيفة لليهود الروس ودعم اسرائيل للحرب التي تشنها في الشيشان وتؤكد موسكو انها بهدف مكافحة الارهاب. لكن بيع اسلحة روسية الى سوريا وتعاون موسكو مع طهران لبناء مفاعل بوشهر النووي ادت الى اضفاء فتور على العلاقات مع اسرائيل والولايات المتحدة.

واكد وزير الامن الداخلي الاسرائيلي افي ديشتر خلال الحرب ان quot;كل الارهابيينquot; المناهضين لاسرائيل يحصلون على اسلحة روسية عبر سوريا او ايران، في اشارة الى صواريخ الكاتيوشا التي يملكها حزب الله. لكن موسكو (اكرر.. موسكو) اعترضت على ذلك.