لندن: هي صورة لوجه شاب وسيم تشع عيناه العميقتان الحزينتان ذكاء وغضبا، حاجباه كثيفان، وشاربه خفيف، فيما أطلق لحيته بغير تنسق أو اتساق، وقد ارتدى قبعة بسيطة وسترة أكثر بساطة، إنها صورة الثائر تشي جيفارا التي ربما تكون الأكثر انتشارا في القرن العشرين.
وتمر الآن 40 سنة على مقتل هذا الثائر الأرجنتيني المولد في الوقت الذي انتشرت فيه صورته على القمصان والحوائط، وبات نجوم البوب يستخدمونها وحتى شركات الآيس كريم والسجائر.
وتقول تريشا زيف أمينة معرض صور جيفارا quot;لا توجد صورة كهذه، لقد صار جيفارا علامة تجارية تعني التغيير، فهي ضد الحرب والعولمة ومع البيئةquot;.
وتضيف قائلة quot;إن هذه الصورة موجودة في كل مكان من الحوائط في الأراضي الفلسطينية إلى المتاجر الباريسية، إنها صورة خرجت عن السيطرة، لقد باتت مؤسسة بل إمبراطوريةquot;.
وكان المصور ألبيرتو كوردا قد التقط هذه الصورة عام 1960 ولم يطلب مقابلا لاستخدامها.
وكان الايرلندي جيم فيتزباتريك هو الذي أعاد انتاج هذه الصورة رسما في أواخر الستينيات.
ويقول فيتزباتريك لبي بي سي quot;إن الطريقة التي قتلوه بها، وعدم وجود أثر لمكان دفنه، أو نصب لتخليد ذكراه، كل ذلك جعلني مصمما على أن أنتج شيئا يحظى بأوسع انتشار، إن صورته لن تموت، وإسمه لن يموتquot;.
وبالنسبة لتريشا زيف فان قتل جيفارا يمثل بداية الأسطورة لصورته. وتقول quot;إن مولد صورته بدأ مع مقتله في أكتوبر تشرين أول عام 1967quot;.
وتابعت قائلة quot;كان وسيما وشابا والأهم من ذلك انه مات من أجل مبادئه وبالتالي فقد أصبح رمزاquot;.
كما أن قصة الصورة الأصلية وكيف انتقلت من كوبا عندما حملها المعجبون إلى أوروبا، والتي أعاد فيتباتريك إنتاجها رسما، حكاية مدهشة في حد ذاتها.
وكان ألبيرتو كوردا قد التقط صورته الشهيرة في 5 مارس آذار عام 1960 خلال جنازة جماعية في هافانا.
وكانت سفينة شحن فرنسية قد انفجرت في يوم سابق في ميناء المدينة مما أسفر عن مقتل 80 كوبيا وقد اتهم كاسترو واشنطن بأنها وراء الحادث.
ووصف كوردا، وهو المصور الرسمي لكاسترو، ملامح جيفارا في هذه الصورة التي أطلق عليها quot;المحارب البطلquot; بانها تحمل الكثير من الغضب والحزن.
وقد ظلت الصورة معلقة في ستوديو كوردا لمدة عام قبل نشرها.
وكان الناشر اليساري الايطالي جوينياكومو فلترينيلي هو من نقل الصورة إلى أوروبا عام 1967.
وتم نشر الصورة في عدة مجلات أوروبية حيث شاهدها فيتزباتريك لأول مرة في مجلة شتيرن الألمانية.
ولم يتمكن فيتزباتريك من مشاهدة نسخة أكبر إلا بعد أشهر والتي مكنته من انتاج نسخته.
وقال فيتزباتريك quot;أرسل إلى هذه النسخة عضو في جماعة فوضوية هولندية والتي حصلت بدورها على هذه النسخة من الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر الذي كان حاضرا تلك الجنازة الجماعيةquot;.
وبعد مقتل جيفارا قام فيتزباتريك الغاضب باعادة انتاج الأصل وإرسالها إلى الجماعات اليسارية في أنحاء أوروبا.
وتقول زيف quot;إن مظاهرات تفجرت بعد مقتله، بدأت في ميلان ثم انتشرت، وعقب ذلك حدث ربيع براج، إن أوروبا كلها كانت تغلي وكان الناس يريدون التغيير وباتت صورته رمزا لهذا التغييرquot;.
وتضيف قائلة quot;وبمرور الوقت بدأت الصورة تأخذ معان أخرى في الغرب حيث ظهرت كديكور لمنتجات مثل المناديل الورقية والملابس الداخلية وفي أستراليا ظهر آيس كريم جيفارا بطعم الكرز والجوافةquot;.
وتابعت قائلة quot;ولكن معاني الصورة ظلت كما هي في أمريكا اللاتينية ترمز إلى الثورة المسلحةquot;.
وقد دأب الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز على الظهور مرتديا قميصا عليه صورة جيفارا، كما يقدم الزعيم البوليفي إيفو موراليس لزواره نسخة من هذه الصورة مصنوعة من أوراق نبات الكوكا.
وتقول زيف quot;إن هذه الصورة الرمز جمعت الكثير من المعاني الرأسمالية والتجارية والدينية والثورية، وفي الواقع لا توجد أي صورة أخرى تأخذنا إلى كل هذه المناطقquot;.