بدء الاقتراع الرئاسي في باكستان

مشرف يواجه انتكاسة انتخابية

المحكمة الباكستانية تسمح بإجراء الإنتخابات الرئاسية السبت

واشنطن تبدى حذرا بعد فوز برويز مشرف

اسلام اباد، وكالات:فاز الرئيس الباكستاني برويز مشرف بولاية رئاسية جديدة السبت، على ما ذكر مسؤولون والتلفزيون الرسمي رغم الحظر الذي فرضته المحكمة العليا على اعلان النتائج الى حين البت في الطعون المقدمة ضد مشرف.وادلى النواب في البرلمان الوطني واربعة مجالس محلية باصواتهم في عملية الاقتراع المثيرة للجدل، حيث فرضت المحكمة العليا حظرا على اعلان النتائج قبل ان تبت المحكمة بطعون تقدمت بها المعارضة حول صحة ترشيح مشرف. ولن تدرس المحكمة هذه الطعون الا اعتبارا من 17 تشرين الاول/اكتوبر.وقد تقضي المحكمة العليا بإلغاء فوز مشرف.

وصرح مسؤول حكومي طلب عدم الكشف عن هويته quot;انه نصر كاسح للرئيس برويز مشرفquot;. كما ذكر التلفزيون الرسمي كذلك ان مشرف فاز في الانتخابات.وقال رئيس اللجنة الانتخابية قاضي محمد فاروق ان عدد الاصوات التي تم الادلاء بها في البرلمان الوطني ومجلس الشيوخ بلغ 257 صوتا، حصل مشرف على 252 منها.

ونافس مشرف في الانتخابات كل من القاضي السابق وجيه الدين احمد الذي رفض الادلاء بقسم الولاء لمشرف بعد الانقلاب، ومخدوم امين فهيم نائب رئيس حزب الشعب الباكستاني بزعامة رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو.وصرح فاروق ان القاضي المتقاعد وجيه الدين احمد حصل على صوتين، وتم رفض ثلاثة اصوات، حسب فاروق.

وكان فوز مشرف الذي استولى على السلطة في انقلاب ابيض عام 1999، مضمونا لانه يتمتع بتأييد واسع جدا في مجلسي البرلمان والمجالس التمثيلية الاقليمية مما سيمكنه من الحصول على ولاية رئاسية جديدة من خمس سنوات.وكان مشرف يأمل في انتخابات سلسة قبل تطبيق خطته باعادة الحكم المدني الديمقراطي الى باكستان البالغ عدد سكانها 160 مليون نسمة وتعتبر مركزا للحرب التي تشنها الولايات المتحدة على quot;الارهابquot;.

وازال مسؤولو اللجنة الانتخابية الاختام عن صناديق الاقتراع في البرلمان الوطني والمجالس المحلية في اربع ولايات باكستانية وبدأوا فرز الاصوات عند انتهاء الاقتراع الساعة الثالثة مساء بالتوقيت المحلي.وعزز مشرف موقفه الجمعة عندما وقع مرسوما لاسقاط اتهامات عن بوتو دفعتها الى الاقامة في المنفى منذ العام 1999 ممهدا الطريق بذلك لتقاسم السلطة معها من خلال تحالف مع حزب الشعب الباكستاني الذي تتزعمه في الانتخابات التشريعية.

وبدورها سحبت بوتو تهديدها باستقالة نواب حزبها، وهي الخطوة التي كان يمكن ان تفقد الانتخابات شرعيتها - رغم ان فهيم قال السبت ان الحزب لن يدلي باصواته في الاقتراع.وقال quot;لا يمكننا ان نصوت لرئيس يتولى قيادة الجيش. سنمتنع عن التصويتquot;.وذكر مسؤول في اللجنة الانتخابية ان quot;مسؤولي اللجنة سيحتفظون بالنتائج ولن يصدروا اي اعلان رسمي بها تماشيا مع حكم المحكمة العلياquot;.
ويعني ذلك ان المحكمة قد تصدر حكما ينص على عدم اهلية مشرف للترشح الى الانتخابات بعد اسابيع من انتهاء الاقتراع مما قد يزيد حالة عدم الاستقرار اثر اشهر من الاضطرابات والعنف وقد يدفع الرئيس نحو فرض الحكم العسكري.

وقد يتسبب قرار المحكمة في عرقلة خطط مشرف للتخلي عن دوره العسكري الذي قال انه ضروري لقتال القاعدة، ليصبح حاكما مدنيا قبل ان يتولى منصبه رئيسا للبلاد لولاية جديدة.ووعد مشرف بالتخلي عن قيادة الجيش بحلول 15 تشرين الثاني/نوفمبر عند انتهاء ولايته الرئاسية وكان يتوقع ان يقوم بهذه الخطوة قبل ذلك التاريخ وربما الاثنين، الا انه قد يشعر الان انه بحاجة الى دعم الجيش في حال اصدار المحكمة قرارا مناهضا له.ويعتبر التحول الى الحكم المدني خطوة مهمة قبل الانتخابات العامة المقرر ان تجري مطلع 2008.

ويدور صراع بين المحكمة ومشرف منذ محاولته اقالة رئيس المحكمة العليا افتخار محمد شودري في اذار/مارس الماضي ما اثار احتجاجات واسعة.وحث زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن الباكستانيين في شريط بث اخيرا، الى اعلان quot;الجهادquot; على مشرف ما اثار مخاوف من عمليات عنف قد يشنها مسلحون خلال عملية الاقتراع.

اشتباكات
وفي مدينة بيشاور اشتبكت عناصر الشرطة مع المحامين المناهضين للحكومة. واعتُبر القاضي المتقاعد وجيه الدين أحمد، المنافس الرئيس لمشرف. وكان قد رفض أداء يمين الولاء له عند وصوله إلى السلطة في انقلاب عسكري عام 1999. وقام نحو 500 محام باحراق دمية تمثل مشرف وهتفوا quot;ارحل يا مشرف ارحلquot; بالقرب من مجلس بيشاور، عاصمة الولاية الحدودية الشمالية الغربية المحافظة.واشعل المتظاهرون النار في سيارة شرطة مصفحة ورشقوا مبنى المجلس بالحجارة حسب شهود عيان.

الإعلان النهائي عن المرشح الفائز لن يصدر قبل الفصل في الدعوى التي سيبدأ النظر فيها في السابع عشر من الشهر الحالي وكان المراقبون قد توقعوا فوز مشرف بأغلبية الأصوات في مجلس النواب والمجالس الإقليمية الأربعة في البلاد.

مسألة قانونية
وتقول المحكمة العليا إنه لا يمكن إعلان الفائز بالانتخابات قبل الفصل في مسألة قانونية ترشح مشرف وهو ما يزال يشغل منصب قائد الجيش. وتحتاج المحكمة الى مزيد من الوقت لدراسة الدعوى التي رفعها المرشحون المنافسون ضد مشرف.

وكانت المحكمة قد رفضت الأسبوع الماضي، ولأسباب إجرائية، عددا من الدعاوى التي رفعها معارضو مشرف، ما أدى الى تقديم دعاوى جديدة هذا الأسبوع.

وكانت باكستان قد شهدت اضطرابات سياسية على مدى الأشهر الأخيرة الماضية، و تعرضت قوات الأمن لعدة ضربات على يد المتشددين الموالين لطالبان والمعارضين لدعم مشرف لـ quot;الحرب على الارهابquot; التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية.

في الموعد المحدد
ونُقل عن كبير القضاة، جافيد إقبال، قوله إن المحكمة رأت أن تجري الانتخابات في الموعد المحدد. وأضاف: quot;الإعلان النهائي عن المرشح الفائز لن يصدر قبل الفصل في الدعوى التي سيبدأ النظر فيها في السابع عشر من الشهر الحاليquot;. وقد أدخل قرار المحكمة الذي صدر يوم الجمعة الانتخابات برمتها في جو من التخبط والارتباك. يُذكر أنًّ مشرًّف كان قد أسقط يوم الجمعة تُهم الفساد ضد بوتو، في خطوة باتجاه تقاسم السلطة المتوقًّع بينهما.

تقاسم السلطة
وقال المراسلون إن مشرف كان ينتظر حكم المحكمة العليا قبل أن يقرر الحسم النهائي في صفقة تقاسم السلطة مع بوتو. ويأمل مشرف أن تضفي اتفاقية المصالحة، التي سيتخلى بموجبها عن قيادة الجيش في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية، المصداقية على حكومته نظرا لأن حزب بوتو، حزب الشعب الباكستاني، هو الأكبر في البلاد.

ونص اتفاق المصالحة بين مشرف وبوتو على أن أنصار الأخيرة لن ينضموا إلى المعارضة التي ستقاطع الانتخابات الرئاسية، لكن الأنباء تحدثت عن مقاطعة حزب بوتو لانتخابات اليوم السبت. ويقضي القانون الذي وقعه الجمعة بالعفو عن اي شخص اتهم ـ ولم تتم ادانته ـ بالفساد في الفترة الواقعة بين 3 يناير/كانون الثاني عام 1986 و12 أكتوبر/تشرين الأول عام 1999.

ويضيف المراسلون ان القانون صيغ بالشكل الذي يستثني رئيس الوزراء السابق نواز شريف، الذي تعود قضايا الفساد المتهم بها إلى عام 2000. ويسمح العفو لبوتو بالعودة للمنافسة في الانتخابات العامة المقرر اجراؤها في منتصف يناير.

برويز مشرف، عنصر سابق في قوات النخبة يستلهم نابوليون ونيكسون
ويعتبر الجنرال برويز مشرف الذي فاز السبت في الانتخابات الرئاسية الباكستانية، انه الحصن الضروري للعالم اجمع في وجه اسامة بن لادن وتنظيم القاعدة.وبعدما تمكن العنصر السابق في قوات النخبة الذي يستشهد بنابوليون بونابرت وريتشارد نيكسون من الوصول الى السلطة في انقلاب ابيض قبل ثماني سنوات، وجد نفسه مضطرا في سياق معركته للبقاء في سدة الرئاسة باي ثمن، لتقديم تنازلين كبيرين هما التخلي عن قيادة الجيش التي احتفظ بها وابرام اتفاق مخالف للطبيعة مع رئيسة الوزراء السابقة المقيمة في المنفى بينظير بوتو.

واقدم مشرف على هذه الخطوة تحت ضغط حركة احتجاجية متزايدة تطالب بالديمقراطية في دولة نووية امضت اكثر من نصف السنوات الستين من وجودها تحت سيطرة جنرالات انقلابيين، والباقي في ظل حكومات مدنية خاضعة لهيمنة الجيش المطلقة.وسرعان ما اصبح مشرف الحليف الاساسي لواشنطن في quot;حربها ضد الارهابquot;، وهو ما درج على تكراره باستمرار.

وكثيرا ما يستشهد مشرف منذ استيلائه على السلطة بدون طلقة نار واحدة في 12 تشرين الاول/اكتوبر 1999 بنابوليون والرئيس الاميركي الاسبق نيكسون، مشيدا بصراحة الاول العسكرية الطابع وبادائه البعيد عن الاعتبارات الدبلوماسية، ومثنيا على حدس الثاني وقدرته على التكيف مع الظروف.وهو يقدم نفسه على انه منقذ الامة الباكستانية والحصن المنيع الذي يحمي العالم من القاعدة وبن لادن، فيما تعتبر واشنطن ان التنظيم الارهابي اعاد تشكيل قواته في المناطق القبلية الباكستانية شمال غرب البلاد.

وفي المقابل، يرى منتقدوه ومعارضوه انه مصاب بعارض شائع بين الطغاة وهو الاحساس بانه لا غنى عنه بالنسبة إلى البلاد.ولا شك ان الجنرال يثبت على قدر كبير من الشجاعة ببقائه في منصب تسبب له بمحاولتي اغتيال دبرتهما القاعدة، وقد قال ببساطة بهذا الصدد مرة على موقعه على الانترنت quot;اعتبر نفسي محظوظا. ويقول نابوليون انه فضلا عن كل الصفات المطلوبة من زعيم ما، يجب ان يكون محظوظا حتى ينجح. ومن المفترض بالتالي ان انجحquot;.

ولطالما تمسك مشرف بلقبه العسكري، غير انه تكيف مع الظروف وتعهد بالاستقالة من قيادة هيئة اركان القوات المسلحة عند اعادة انتخابه ليصبح رئيسا مدنيا.وهو في سن الرابعة والستين يرتدي البزة العسكرية منذ اكثر من 45 عاما وقد قلد وسام استحقاق في حرب 1965 ضد الهند، في السنة التي انضم خلالها الى وحدات النخبة.وبدأ ارتقاء سلم السلطة فعليا في السابع من تشرين الاول/اكتوبر 1998 حين عينه رئيس الوزراء نواز شريف رئيسا لهيئة الاركان.

غير ان العلاقات بينهما تدهورت عام 1999 لدى نشوب مواجهات جديدة مع الهند في منطقة كرجيل في كشمير الهندية، حين امر شريف الجيش الباكستاني بالانسحاب بضغوط اميركية، محملا مشرف مسؤولية هذه النكسة.واراد شريف عندها اقالة مشرف، غير ان العسكريين الاوفياء لقائدهم حملوه الى السلطة في 12 تشرين الاول/اكتوبر 1999 في انقلاب ابيض.وتعهد مشرف آنذاك باعادة الديمقراطية بعد تطهير الدولة من الفساد، غير انه انتخب في استفتاء شعبي عام 2002 لخمس سنوات في سدة الرئاسة وهو لا يزال في السلك العسكري.

وبعدما ادانته الاسرة الدولية عام 1999، حظي مشرف بحماية واشنطن بعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 وتؤيد ادارة بوش بشكل شبه صريح بقاءه في السلطة، داعمة باسلوب يكاد يكون علنيا اتفاق تقاسم السلطة الذي ابرمه الجمعة مع بوتو.