حظوظ قائد الجيش تبرز بقوة بعد إخفاق التوافق
لبنان يراوح بين ميشال إده وميشال سليمان

إيلي الحاج من بيروت: لا شيء حاسماً يؤكد أو ينفي إحتمال أن تنعقد الجمعة المقبل الجلسة المحددة لانتخاب من يشغل منصب رئاسة الجمهورية الفارغ في لبنان منذ الجمعة الماضي، وإن كان جو التشاؤم من نتائج الإتصالات الدائرة لهذه الغاية لا يزال طاغياً حتى الآن . في هذا الإطار علمت quot;إيلافquot; أن قوى الغالبية باتت مدركة أنها أمام أحد خيارين : إما التفاهم مع الوزير السابق ميشال إده الذي رشحه البطريرك الماروني ضمناً بوضع إسمه في لائحته الشهيرة من دون أن يعلن الرجل ترشيحه، وإما القبول بإجراء تعديل دستوري يأتي بقائد الجيش العماد ميشال عون رئيساً في نهاية المطاف رغم أن قيادة الجيش كانت أصدرت بياناً طلبت بموجبه عدم تداول إسمه في البازار الرئاسي، وذلك لأن الوضع لا يتحمل بقاء البلاد مدة طويلة من دون رئيس ، ولأنه يستحيل أن يصل إلى موقع الرئاسة مرشح غير توافقي.

وكانت قوى المعارضة قد قبلت قبل انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود بأيام برئاسة إده، لكن قوى الغالبية رفضته، وتحديدا رئيس quot;تيار المستقبلquot; النائب سعد الحريري ورئيس حزب quot;القوات اللبنانية quot; سمير جعجع واستندا في موقفهما إلى أن إده أعطى رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب الجنرال ميشال عون وعوداً بالإستقالة بعد إجراء الإنتخابات النيابية المقبلة التي يحل موعدها بعد سنة و7 أشهر، فضلاً عن أن له علاقات جيدة ب quot;حزب اللهquot; ومسؤولين في القيادة السورية. في حين أن حليفهما النائب وليد جنبلاط كان له رأي مخالف فحواه أن لا مشكلة عنده في انتخاب ميشال إده صديق عائلة جنبلاط القديم.

لكن الحريري ومعه قوى 14 آذار/ مارس تمسكوا بالذهاب إلى مجلس النواب على أساس التوافق مع رئيسه بري على مرشحين اثنين : إده وروبير غانم . الأمر الذي رفضه بري لعلمه أن الغالبية ستنتخب في هذه الحال غانم في الدورة الثانية من التصويت ، وأصر على التوافق على إسم واحد من الإسمين اللذين ترضى بهما المعارضة من بين الأسماء التي وردت في لائحة البطريرك ميشال عون ، وميشال إده. عند هذه الحد أخفقت المشاورات ولم تحصل جلسة الإنتخاب.

وبعد أيام من تمسك الغالبية بمرشحها روبير غانم ، ثم محاولتها التي لم تنجح لإيصال المرشح الآخر الوزير وحاكم مصرف لبنان سابقاً ميشال خوري اللذين رفضتهما المعارضة لانضوائهما في قوى الغالبية ، علمت quot;إيلافquot; أن ثلاثة إجتماعات عقدت حتى الآن بين النائب الحريري والوزير السابق إده وسط تكتم شديد . لكن المسافة الفاصلة بينهما لا تزال كبيرة حيال العديد من المواضيع.

ومع عودة الجنرال ميشال عون إلى محاولة فرض نفسه مرشحاً وحيداً مقبولاً من المعارضة ، على حساب ميشال إده الذي ستنعدم حظوظه في هذه الحال ، ومع تهديد الجنرال عون باللجوء إلى الشارع وإن quot;سلمياًquot; على ما يقول، وإطلاقه جولة مشاورات مع القيادات المسيحية ترمي إلى محاولة ضرب مرجعية بكركي السياسية ، عادت شخصيات سياسية إلى طرح أسم قائد الجيش العماد سليمان، على قاعدة أن إنتخابه في جو الهدوء السائد حالياً بوجب طلب تعديل للدستور تقدمه الحكومة ويوافق عليه البرلمان قبل دقائق من الإنتخاب ، يبقى أفضل من الإتيان به رئيساً إضطراراً وعلى أصوات صفارات الإسعاف والإطفاء لأن السكون الحالي غير طبيعي ولا بد عاجلاً أم آجلاً أن تتفجر الإحتقانات السياسية في الشارع إذا لم تجد لها حلولاً في أقرب وقت.

ويقول محبذو هذا الخيار إن العماد سليمان من القلة التي تحظى بثقة واحترام لدى مختلف الأطراف والقوى في لبنان وتنطبق عليه صفة quot;الرئيس التوافقي القوي quot; ورئيس quot;الاجماع الوطنيquot; ، وفي سجله نجاحات سجلها في العامين الماضييين بأداء مسؤول ومتقن ومتوازن، وقد اجتاز اختبارات ومهمات صعبة ودقيقة، شمالا حيث خاض الجيش اللبناني حربا طاحنة ضد الإرهاب متمثلاً بتنظيم quot;فتح الإسلامquot; وانتصر فيها، وجنوبا حيث ينتشر الجيش حتى الحدود مع إسرائيل مدعوما من القوة الدولية quot;اليونيفيل المعززةquot;، ووسطاً حيث يتولى الجيش مهمات ضبط الأمن في quot;بيروت الكبرىquot;، ويثبت في تجربة تلو أخرى انه صمام أمان وضامن للوحدة الوطنية وquot;ضابط ايقاعquot; للصراع الطائفي والحزبي بما يحول دون تفجره في الشارع وهكذا يبدو الوضع السياسي اللبناني محكوماً بثلاثة quot;ميشالاتquot; ، أولهما ميشال عون ، ثانيهما ميشال إده ، ثالثهما ميشال سليمان . والرئاسة لا بد بين الثاني والثالث.