وإسرائيل تهددها بالاغتيالات
حماس محاصرة في غزة ومطاردة في الضفة
خلف خلف من رام الله:
قبل ستة أيام مضت تحديداً بتاريخ 14/12/2007 احتفلت حركة (حماس) بذكرى انطلاقتها العشرين، ولكنها وجدت نفسها للمرة الأولى محاصرة في قطاع غزة ومطاردة في الضفة الغربية، بالإضافة لحملة اغتيالات مركزة نفذها سلاح الجو الإسرائيلي مؤخراً طالت بعض عناصرها ونشطاء الأجنحة العسكرية في غزة بشكل عام، وهو بالطبع ما يرفع منسوب أهمية الاستبصار في الوضع المستقبلي لحماس على المدى القريب والبعيد، وذلك بالتوازي مع تدفق تقارير تتحدث عن تجديد إسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني المقال وأبرز قادة حماس لدعوته بخصوص التهدئة مع إسرائيل.
هذا في وقت توجه حماس أيضا الاتهام لإسرائيل وأجهزة الأمن الفلسطينية بملاحقة أنصارها ومؤيديها في مدن الضفة للقضاء على المقاومة، واعتقلت قوات الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي من مدينة نابلس في الضفة الغربية النائب عن حركة (حماس) أحمد الحاج علي، وكذلك أحمد دولة الذي كانت الأجهزة الأمنية الفلسطينية أفرجت عنه قبل ذلك ببضعة أيام فقط بتهمة الانتماء لحركة حماس، وتضمنت حملة الاعتقالات الإسرائيلية كذلك ما يقارب 20 مواطناً فلسطينياً تعتبرهم قوات الاحتلال من أنصار وكوادر حركة (حماس) في نابلس.
ورأى الكثير من المراقبين أن هذه الاعتقالات تشكل ضربة قوية لحركة حماس، وذلك لما تمثله نابلس من بوصلة ومركز لقيادتها السياسية والشعبية في الضفة الغربية، ويعمل أغلبية مناصر الحركة ورموزها على رأس مؤسسات ومراكز أقامت الحركة معظمها أو تشرف عليها عملياً منذ سنوات عديدة، ويأتي هذا بالوقت الذي قام الجيش الإسرائيلي خلال اقتحام له الأسبوع المنصرم لمدينة نابلس بمداهمة بعض المؤسسات الإعلامية ومصادرة محتوياتها، بتهمة التشجيع على التحريض وقربها من حركة حماس.
وبالإضافة إلى ذلك يتواجد بعض عناصر حركة (حماس) ومناصريها في معتقلات السلطة الفلسطينية منذ سيطرة الأولى على قطاع منتصف يونيو الماضي، كما خضع الكثير من أنصار الحركة للاستجواب والتحقيق بعد تلقيهم بلاغات بذلك من الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية، وهو ما أثار حفيظة قيادة حركة (حماس) في قطاع غزة.
ولاحظ مراقبون أن نشاط حركة (حماس) في الضفة الغربية شهد تراجعاً كبيراً منذ سيطرتها على قطاع غزة، وذلك يفسرونه بالعديد من الأسباب، أولها: حظرها من السلطة الفلسطينية ومنع معظم نشاطاتها الاحتفالية كما حصل في ذكرى انطلاقتها العشرين التي منعت الحركة من الاحتفال بها في مدن الضفة، وثانياً: أغلب أنصارها يجدون أنفسهم عرضة للاعتقال في أي لحظة من أجهزة الأمن الفلسطينية أو وإسرائيل.
وأيضا، تعرضت حماس منذ عام ونصف تقريباً لضربة كبيرة، حين اعتقلت إسرائيل معظم نوابها في المجلس التشريعي في الضفة الغربية، وذلك رداً على اسر الحركة في قطاع غزة للجندي جلعاد شاليت، ويتواجد الآن ما يقارب 45 نائباً ووزيراً سابقاً عن حماس في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وهو عملياً يعني افقداها لبوصلتها القيادية في الضفة الغربية.
وينقسم الإسرائيليون أيضا في نظرتهم لوضع حركة حماس الحالي والمستقبلي، فبينما يعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي تسيفي يحزقيلي أن الاحتفال الحاشد الذي حماس في قطاع غزة بأنه إثبات على أن الحركة بدأت تفقد تأثيرها في الشارع الفلسطيني. وبحسبه فأن الجمع الكبير الذي أقامه 200 ألف فلسطيني يهدف إلى إنقاذ هيبة الحركة بين صفوف الفلسطينيين.
ويشير يحزقيلي إلى أن حماس تمزقت في الآونة الأخيرة إلى أجنحة وولاءات مختلفة، منها موالية لسورية وأخرى لإيران وثالثة لحركات إسلامية أصولية، إضافة إلى معسكرات داخلية منها من يتبع إلى خالد مشعل وآخر إلى إسماعيل هنية وآخرين.
ولكن مردخاي غيدار الخبير الإسرائيلي المختص بالحركات الإسلامية، يعارض الرأي السابق، معتبراً أن حركة حماس هي اليوم أقوى من أي فترة سابقة، وقال: quot;إذا ما رجعنا إلى عشرين سنة ماضية عندما بدأت حماس طريقها بأن افتتحت دور زكاة وعطاء ومعونات للمحتاجين الفلسطينيين، وكذلك عيادات طبية للنساء اللاتي لا يردن إلا مراجعة أطباء ذكور، هذه الحركة اليوم تملك جيشاً نظامياً قوياً نسبياً، وليست عبارة عن عصابات أو جماعات تلقي الحجارة على الجنود الإسرائيليين أو الدبابات والدوريات العسكريةquot;.
وأضاف: quot;حركة حماس اليوم تملك جيشاً مؤلفاً من ألوية، أو أقله كتائب مسلحة وتملك مئات الأطنان من الذخائر والمواد المتفجرة وأكثر من ذلك، فحركة حماس تملك صناعة عسكرية صواريخ، وربما ما هو أكثر، كما أنها حددت حدودا لدولتها وأراضيها- وتملك برلمانا منتخبا وحكومة تمثل هذا البرلمان ومصادر للنفط والغاز.
وتابع: quot;شعبية حركة حماس في الشارع الفلسطيني، هي عالية جداًquot;، ونصح عيدار بعدم الأخذ بما تصدره بعض معاهد استطلاعات الرأي حول هذا الموضوع، ولا سيما تلك المتواجدة في رام الله التي تحاول تصوير شعبية منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة محمود عباس، أنها في أحسن حالاتها بالوقت الذي بدأ الكثيرون من مؤيدي منظمة التحرير في الضفة الغربية وفي قطاع غزة يفقدون ثقتهم في تلك المنظمة و يتحولون لتأييد حركة حماس التي تمثل الجهة الفلسطينية الوحيدة التي تشبع رغباتهم بما يسمونه النضال والجهاد والمقاومةquot;.

وبحسبه فان شعبية حماس في الضفة الغربية منخفضة نسبيا،ً ليس بسبب نجاحات حققها محمود عباس للشعب الفلسطيني، بل بسبب الضغط العسكري والملاحقات والاعتقالات وعمليات القتل التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي ضد حماس، والمشتبه بأنهم يؤيدونها. واعتبر غيدار بأن منظمة التحرير الفلسطينية كجهة تمثل الفلسطينيين، ويترأسها محمود عباس وحركة فتح انتهت فعلاً، ولم يبق لها سوى أثر بسيط يدعمه، ويحافظ على وجوده الجيش الإسرائيلي نفسه، وليس السلطة الفلسطينية أو محمود عباس، على حد قوله.