موسكو: وفر الرئيس فلاديمير بوتين بالتغييرات التي أجراها على الحكومة الروسية مادة غنية للتعليقات، وخاصة ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية القادمة. وأصبح سيرغي ايفانوف الذي عينه بوتين في منصب النائب الأول لرئيس الوزراء مساويا لوضع دميتري ميدفيديف النائب الأول لرئيس الحكومة، وأحد المرشحين المحتملين لخوض الانتخابات الرئاسية في عام 2008.
جاءت التعيينات الجديدة بعد الخطاب شديد اللهجة الذي ألقاه الرئيس بوتين في المؤتمر الأمني الدولي في ميونخ. وبالمناسبة، فإن بوتين توجه إلى ميونخ وبرفقته سيرغي ايفانوف وأكد في خطابه أنه غير موافق على النظام العالمي المعاصر ولا على الموقع الذي ترك لروسيا فيه.
ومما لا شك فيه أن الاعتراضات الشرعية لروسيا على موقعها بين اللاعبين الكبار في العالم يجب أن تثبت بشيء. ويتطلب تعزيز القدرة التنافسية لروسيا اقتصادا قويا. فايةدولة لا يمكن لها أن تكون عظمى باعتمادها على المواد الأولية أو تمتعها باحتياطي كبير من الذهب والعملات الصعبة في حال بقاء قسم كبير من سكان مناطقها بعيدا عن ثمار الحضارة . لقد عاشت روسيا هذا الوضع إلى أن أعلن بوتين عن أهمية تنويع الاقتصاد وتحوله إلى الاعتماد على المنجزات العلمية والتكنولوجية الحديثة وضرورة الاستفادة من الطاقات العلمية والتكنولوجية والثقافية والتعليمية الضخمة التي تتمتع بها روسيا. ومن المعروف أن قطاع التصنيع العسكري الروسي تميز دائما باعتماده على أحدث التقنيات والتكنولوجيات، ولهذا فإن ايفانوف مدعو لتحفيز تطوير الاقتصاد الروسي من خلال الاستفادة من المنجزات العلمية والتكنولوجية الحديثة.
فأي المرشحين الاثنين يتمتع بوضع أفضل من ناحية انتخابات عام 2008؟ تشير التقارير الصحفية الى ان أيا من المرشحين لا يتمتع بوضع أفضل من الآخر حيث كلف كل منهما بمهمات مختلفة، ولكنها على نفس القدر من الحيوية. وإذا كان دميتري ميدفيديف مدعوا للعمل على تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للبلاد فإن على ايفانوف تطوير الاقتصاد وتعزيز قدرته التنافسية من خلال الاستفادة من المنجزات العلمية والتكنولوجية.
ويبدو من الوهلة الأولى أن وضع ميدفيديف أفضل لأنه يتمتع بإمكانية استعراض نتائج عمله بشكل منتظم، بما في ذلك رفع مرتبات موظفي القطاع العام، وسير بناء المساكن للمواطنين، وتقديم القروض للمشاريع الزراعية، وتحسين القاعدة المادية لقطاعي التعليم والصحة، وغير ذلك.
أما ما يتعلق بايفانوف فإن نتائج عمله لا تظهر بسرعة. ولكن بالنظر إلى وضع ايفانوف بشكل مهني أكثر عمقا فسنجد أنه يتمتع ببعض الأفضلية لأن مجال التكنولوجيا العالية هو المجال الذي يستطيع الارتقاء بروسيا إلى مستوى نوعي جديد من التطور.
إن تعيين سياسيين يشاطرون الرئيس رأيه حول ضرورة أن تكون السلطة في روسيا قوية ومستقلة وواثقة من نفسها، ويتحملون المسؤولية عن الاتجاهات المهمة لعمل الحكومة في مناصب مهمة في الدولة يستجيب لمتطلبات تقوية البلاد في الظروف الحالية. ومما لا شك فيه أن المهمة الأساسية للرئيس بوتين اليوم تتمثل في رسم نهج واضح، وتوفير أقصى قدر ممكن من الضمانات للسير على هذا النهج بعد عام 2008. ويعد سيرغي ايفانوف في هذا المجال حليفا مضمونا للرئيس بوتين، ولهذا فإن القرار الخاص بتوسيع صلاحياته كان متوقعا تماما.
التعليقات