انتهاء العملية العسكرية الاسرائيلية في نابلس
سمية درويش من غزة: قال المحلل السياسي والباحث الفلسطيني منذر ارشيد في مقابلة خاصة مع quot;إيلافquot; إنه لم يكن أمام فتح وحماس إلا الاتفاق أو الموت، ولهذا تجاوزت الحركتان كل قضايا الخلاف من أجل ان تخرجا بحل سريع بدل الموت الانتحاري، مشيرًا إلى أن الحوار الوطني أمر واجب. وحول عملية إصلاح منظمة التحرير، أكد ارشيد الذي شغل عدة مناصب في السلطة الوطنية، بان المنظمة بحاجة إلى قلب وليس إلىإصلاح ، مشككًا في الوقت ذاته، بإمكانية عقد المؤتمر السادس لحركة فتح، وان ما يجري هو نوع من العمل في الوقت الضائع لكسب الوقت واستنفاذ الإلحاح من قبل القاعدة.

منذر أرشيد
وفي ما يلي نص المقابلة:

- ما هي قراءتك للواقع السياسي الفلسطيني بعد المحطات المفصلية الأخيرة ؟

في الواقع الفلسطيني هناك من حسم أمره بعد أن خرج من عنق الزجاجة واعني هنا فتح التي أصبح موقفها واضحًا لدرجة أنها ما عادت تحسب حسابًا لأي اتهام أو تأويل، وبات موقفها السياسي معروفًا ومعلنًا، والطرف الآخر وهو حماس والتي بموقفها رغم وضوحه إلا أنها كمن تريد الخروج من عنق الزجاجة، ولكن دون أن تدفع أي ثمن، وهو أمر صعب إذا لم نقل مستحيلاً، ولعل اتفاق مكة الذي كان اتفاق المضطر، وأقول هذا القول بالنسبة إلى فتح وحماس، وأعني هنا أنه لم يكن أمامهما الا الاتفاق أو الموت، ولهذا تجاوزت الحركتان كل قضايا الخلاف من اجل أن تخرجا بحل سريع بدل الموت الانتحاري.

واعتقد أن الخلاف السياسي سيحسم بحل وسط لا يحرج حماس او يظهرها أمام جمهورها أنها تخلت عن برنامجها بألا يتحملوا مسؤولية التفاوض وهو واضح في مسألة أن المنظمة هي التي تفاوض، ولكن في الوضع الداخلي هناك خللاً، والخلل سيكون أمنيًّا وتؤثر عليه عدة عوامل خارجية وداخلية.

- بعد عودة الأطراف المتنازعة لطاولة الحوار الوطني، كيف ترون الحالة الفلسطينية الراهنة ؟ وما هو الهدف من الحوار؟

الحوار الوطني أمر واجب وهو ما يعمل الأخوة على تحقيقه وتطويره حتى يصل إلى التوحد في مختلف القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، والهدف هوالوصول إلى طموح الشعب الفلسطيني في الاستقرار وإحقاق حقوقه الوطنية. والشعب الفلسطيني واقع بين تحقيق متطلباته الوطنية التي دفعها أثمانًا باهظةً . ومنذ النكبة واستحالة تحقيقها كاملة وبين ما هو ممكن في هذه المرحلة، والممكن أيضًا اقل من أدنى متطلباته أمام العجز العربي والعهر السياسي الإقليمي والدولي والاستقواء الإسرائيلي بأميركا صاحبة القرار الدولي، وقلب الشعب على الداخل من حيث الأمن والاستقرار وتأمين متطلبات العيش واستمرار الحياة بكرامة.

- برأيك هل هناك من خفايا حول رفض الجبهة الشعبية للمشاركة بحكومة الوحدة الوطنية ؟

الجبهة الشعبية رغم أنها فصيل متوسط الحجم قياسًا مع فتح وحماس إلا أنها أصبحت قوةذات تأثير، خاصة بعد اغتيال أمينها العام أبو علي مصطفى وما تلاه من أسر أمينها العام التالي احمد سعادات، والنائب عبد الرحيم ملوح، ولا ننسى العملية التي قام بها أعضاء الجبهة بالانتقام والثأر لاغتيال أبو علي مصطفى من خلال اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي، فمن هنا إن الجبهة رفعت سقفها، ولذلك اعتقد أنها تناور من اجل حصة اكبر.

- ما مدى تفاؤلك بنجاح حكومة الوحدة الوطنية ؟

هذا مرهون على حجم الانجازات في مجمل القضايا الداخلية والخارجية، ولا ننسى الحصار فإذا ما استمر هذا الحصار فالأمل ضئيل في النجاح أيضًا، ونحن نتحدث عن حكومة بلا إمكانيات اقتصادية، والكل يعرف ان أي شيء لا يمكن أن يستمر من دون مال.

- برأيك ما هي الانجازات التي حققتها حكومة حماس ؟

حماس لم تتح لها الفرصة لتحقيق أي انجاز يذكر فهي منذ أول يوم استلمت الحكومة وهي تدافع عن نفسها أمام هذا الكم الهائل من الحصار الدولي والعربي ، كما أنها لم تنجز في الوضع الداخلي بسبب المشاكل التي نشأت، واعتقد أن حماس لم توفق في تحقيق الأمن إما من قلة الخبرة أو بسبب الالتباس الحاصل حول ما وصلها من أموال تنفقها في إطار التنظيم، كما ان التعيينات الإضافية أضافت أعباءً على الوضع.

- عندما يقول الساسة إصلاحًا سياسيًّا وتنميةً وتغييرًا ، ما الذي يتوجب علينا أن نفهمه ؟

الإصلاح السياسي هو من أهم أولويات الوضع الفلسطيني، فنحن عندنا فوضى سياسية تضاهي الفوضى الأمنية. عندنا أكثر من رأس سياسي وكل رأس يتحدث بلغة تختلف عن الآخر، وعلى سبيل المثال هناك منظمة التحرير الفلسطينية وفيها رئيس دائرة سياسية لغته تتحدث عن المقاومة وهو رافض لاتفاق أوسلو، بينما رئيس المنظمة هو صانع أوسلو ولا يعترف بالمقاومة، ناهيك عن وزير الخارجية أيضًا وهو له لغة مختلفة أيضًا. إذًا نحن أمام معضلة كبيرة وهي متى سنخاطب العالم بلسان ولغة واحدة؟. أما عن التنمية، فأي تنمية نتحدث عنها ونحن لا نمتلك موارد اقتصادية محلية، وحتى ما يأتينا من الخارج لا يكفي لسد احتياجاتنا الآنية .

- كيف ترى الحراك التنظيمي داخل أطر حركة فتح، وهل الانتخابات التمهيدية تعد الشكل الأمثل لاختيار ممثلي فتح للمؤتمر السادس ؟

الحراك التنظيمي داخل فتح هو أمر جيد، ولكن جاء متأخرًا كثيرًا فبعد أن اختزلت الحركة بالحركية العليا منذ أوسلو تغيرت معالم الأطر في داخل الوطن، وأصبحت الحركة لمن سبق وليس لمن ناضل واجتهد، طبعًا هذا لا يشمل الجميع بل من وصل إلى مركز القيادة من خلال العلاقات الخاصة، وتاهت البوصلة وتشرذم التنظيم وما عادت الأسس الأولى هي التي تحكم بفعل المتغيرات. طبعًا نشأ جيل جديد بمفاهيم غير المفاهيم الأساسية، وخاصة ان فتح لم تعتمد أيدلوجية أو معتقد وكان شعارها الكفاح المسلح وهو السبيل لتحرير فلسطين. من هنا كان الاضطراب في المفاهيم من خلال الخطاب الخجول لبعض القادة فهناك من أطلق شعار المقاومة (نائب الأقصى)، وهناك من أدان المقاومة (أبو مازن)، وهناك من أطلق مشروع الحصاد بقوله هناك من يزرع وهناك من يحصد ( هاني الحسن ).

الحقيقة هذا التباين جعل من حركة فتح في نوع من الضياع. أما المؤتمر السادس فأنا اشكك في إمكانية عقده، وما يجري إنما هو نوع من العمل في الوقت الضائع لكسب الوقت واستنفاذ الإلحاح من قبل القاعدة من اجل عقد المؤتمر. واعتقد أنهم سيعملون على تعيينات ترضي أقطاب الشباب المحركين للتغيير بان يتم تعيين عدد في اللجنة المركزية وفي المجلس الثوري.

- برأيك ما هي الأسباب الحقيقية التي تؤجل عملية الإصلاح في منظمة التحرير ؟

اعتقد أن منظمة التحرير بحاجة إلى قلب وليس إلىإصلاح، و لا ادري الأسباب وراء تأجيل الإصلاح، ربما الإصلاح أصبح مجرد مصطلح لا أكثر ولا اقل، وأنا لا أرى أن منظمة التحرير quot;خربانةquot; لإدخالها في ورشة صيانة وإصلاح . اعتقد أننا وبعد نصف قرن أصبحنا بحاجة إلى تغيير ولكن ليس المنظمةوإنما الكثير من الأمور فمنظمة التحرير لها ميثاق. quot;أين الميثاق وأين نحن من الميثاق، وهل ما شطب من بنود الميثاق حقق غرضه ، ونحن نتعرض لسحق من قبل إسرائيل، وأقول سحق وليس شطب بدلالة على ما يجري في القدس. الحقيقة نحن نريد مؤتمرًا فلسطينيًا يجتمع فيه أصحاب الفكر والرأي من رجال حياديين مخلصين لفلسطين وليس لأي تنظيم بعينه يكون ولاءهم لـ لله أولا وأخيرًا، ويقيمون كل المراحل وما نحن بصدده الآن للتعرف على كيفية التعامل مع المستقبل.