لبنان: 14 آذار تنفي الإتصالات نحو حل والحكومة تستهجن كلام المعلم
الياس يوسف من بيروت: لا يزال المجتمع الدولي يأمل، وفق آخر المعلومات الدبلوماسية الواردة إلى بيروت، في أن تتمكن الحكومة اللبنانية من إبرام الإتفاق حول نظام المحكمة ذات الطابع الدولي وفق الأصول الدستورية المعمول بها في لبنان، ليصبح بالإمكان الإنتقال إلى المرحلة التالية المتمثلة بالسعي إلى تأمين الأموال اللازمة لتشكيل هذه المحكمة وتعيين المدعي العام.

أما طلب الحكومة اللبنانية التمديد سنة إحترازًا، لعمل لجنة التحقيق الدولية، فسيتشاور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في شأنه مع رئيس اللجنة القاضي البلجيكي سيرج براميرتز للإطلاع منه على مسار التحقيق وضرورة التمديد، تمهيدًا لرفع الطلب إلى مجلس الأمن.

وأكدت مصادر في الأمم المتحدة أن الأمانة العامة ومجلس الأمن الدولي يتوجهان نحو تمديد ولاية اللجنة، وقالت إن براميرتز يعتقد بأن إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي ضروري للتحقيق لأنه لن يقدم أسماء المتهمين في تقارير إلى مجلس الأمن، وإنما يعتزم طرحها في المحكمة لدى الإدعاء العام. وتؤكد مصادر رئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط في بيروت، أنه غادر مقر الأمم المتحدة في نيويورك التي زارها مع الوزير مروان حماده والنائب السابق غطاس خوري وفي حوزته رسالة حاسمة من أعلى المراجع في المنظمة الدولية، تفيد بأنها ليست في وارد التراجع عن المحكمة لأن طرفًا لبنانيًا أو إقليميًا يحاول عرقلتها، وإذا لم يستفد اللبنانيون من الفرصة المتاحة أمامهم مع حلول موعد بدء الدورة العادية لمجلس النواب منتصف هذا الشهر، من أجل التفاهم على المحكمة وإقرارها، فإن الأمم المتحدة هي التي ستتولى المهمة، سواء عبر الفصل السابع أو من خلال إنشاء المحكمة بموجب قرار دولي يغدو ملزمًا للبنان كما القرارين ١٥٥٩ و ١٧٠١ على سبيل المثال، وهذه هي الطريقة التي اتبعت في إنشاء محاكم رواندا وكوسوفو وصربيا.

وأشارت المصادر نفسها إلى أن التقرير الثالث الذي سيقدمه براميرتز إلى مجلس الأمن الأسبوع المقبل سيكون عاديًا، ولعل العنصر الجديد هو إشارته إلى الدول التي تعاونت مع التحقيق من أصل الدول العشر التي كان قد قال إنها لم تتعاون معه من دون أن يسميها.

وعن أسباب زيارة براميرتز إلى السعودية التي عاد منها إلى لبنان ليل أمس، وهي الأولى من نوعها، أكدت المصادر أنها تمت بناءً على طلب من براميرتز نفسه ولها علاقة بالتحقيق الدولي وتحديدًا بملف عناصر quot;القاعدةquot; الموقوفين في لبنان منذ نهاية العام ٢٠٠٥، وأحدهم يحمل الجنسية السعودية، فيما قالت مصادر أخرى إنها متصلة بالدرجة الأولى بالتعديلات المنوي إدخالها على النظام الأساسي للمحكمة، ولا سيما دور المدعي العام.

وتبرز في السياق معلومات تشيعها أوساط لبنانية متحالفة مع النظام السوري، ومختصرها أن المملكة العربية السعودية باتت تتفهم وجهة النظر (السورية) المتحفظة عن بند quot;علاقة الرئيس بالمرؤوسquot; لجهة الحؤول دون أي تسييس للمحكمة الدولية وتأكيد مهمتها الجنائية في كشف قتلة الرئيس الحريري. ويبدو أن هذا البند كان على نحو غير مباشر في صلب المحادثات التي أجراها الرئيس سليم الحص في الرياض في ١٨ شباط (فبراير) الماضي .

وتضيف تلك المعلومات أن العاهل السعودي الملك عبدالله سأل الحص ذلك اليوم عن ملاحظاته على مشروع المحكمة الدولية، فعدد الرئيس السابق للحكومة اللبنانية بعضها، ومنها تناقضه مع صلاحية العفو الخاص المنصوص عليها في الدستور اللبناني، ومع عقوبة الإعدام التي لا يزال يلحظها القانون اللبناني، ومع السيادة المطلقة التي ينيطها الدستور بالسلطة القضائية اللبنانية.

لكن الأبرز في ما قاربه الحص هو بند علاقة المرؤوس بالرئيس، قائلاً للملك عبدالله إن جعلها مطلقة أمر خطر، متسائلاً لو أن ضابطًا في جيش دولة أقدم على إغتيال أحد ضيوف ملك هذه الدولة أو رئيسها، وقد يكون هذا الضيف من الملوك والرؤساء، هل يقتضي ذلك إعتبار الملك أو الرئيس مسؤولاً عن الجريمة التي يكون قد ارتكبها هذا الضابط؟. الأمر الذي يقتضي، إستنادًا إلى الحص، وضع معايير جدية ومدروسة لتحديد العلاقة حيال مسألة إرتكاب الجرم، و يصح ذلك أيضًا على البند الآخر في مشروع المحكمة الدولية المتعلق بالترابط بين الجرائم السابقة لاغتيال الحريري واللاحقة لها، لكشف القتلة والفاعلين.