عادل درويش من لندن: حذر قادة الجيش البريطاني والخبراء العسكريون من عدم قدرة الجيش على الأستمرار في تقديم ماتطلبه القيادة السياسية من انجازات، خاصة في العراق وافغانستان، الا بتغيير كبير في الاستراتيجية الدفاعية والميزانية المخصصة للدفاع، بينما وجه الخبراء اللوم لوزير المالية غوردون براون واتهموه بانقاص الميزانية المخصصة للاسلحة الثلاث بينما تزداد اعبائهم الدفاعية، وذلك في جلسات استجواب امام لجنة الدفاع في مجلس العموم، الذي يطالب نوابه ايضا بعدم تخفيض قدرات الردع النووية لبريطانيا.

وجاءت اكثر التحذيرات حدة على لسان قائد اركان قوات السلاح الجوي الملكي السير مارشال الجو جوك ستيراب في جلسته مع لجنة شؤون الدفاع البرلمانية مساء امس حيث قال ان القوات المسلحة منتشرة بشكل مرهق وانه للمرة الاولى منذ الحرب العالمية الثانية يجد الجيش البريطاني نفسه يحارب على جبهتين في معارك تشبه في حدتها، ان لم تزيد خطورة، الحرب الكورية في الخمسينات.

وقصد السير جوك المعارك الدائرة في افغانستان التي ينتشر فيها أكثر من ستة الاف جندي بريطاني ضمن قوات الناتو، وجنوب العراق التي يشترك فيها 7100 جندي.

وتصريحات السير جوك بان بريطانيا قد تجد نفسها غير قادرة اليوم على شن حرب دفاعية غير متوقعة كما حدث في حرب الفوكلاند عام 1982، عندما اعتدت الآرجنتين على الجزر البريطاني في جنوب المحيط الاطلنطي واحتلتها، هي الاخيرة في سلسة من تصريحات وتحذيرات قادة الآركان بدأها وزير الاركان السابق السير مايك جاكسون، الذي اتهم الحكومة بحرمان القوات المسلحة من الميزانية والمعدات. ثم تبعه خليفته الجنرال السير ريتشارد دانيت رئيس الهيئة العامة للاركان في مقبلات صحفية واذاعية في العام الماضي بتصريحات مشابه، اما قائد الاسطول اللورد اول في البحرية الملكية الادميرال السيرجوناثان باند، فقد حذر في الشهر الماضي بانه اذا لم تعتمد الخزانة مبلغ مليار جنيه استرليني اضافية لزيادة ميزاينة البحرية في العام، وتبني حاملتي طائرات جديديتن، فلن تستطيع البحرية القيام بمهامها المطلوبة.

ويقول المحلل العسكري توماس هاردينج ان القوات المسلحة البريطانية المقاتلة الان خرقت تقليدا عسكريا مهما، وهي اعطاء راحة وفترة تدريب بعيدا عن ميدان القتال لاتقل عن عامين قبل نشرها مرة اخرى. ويضيف انه دون هذه الفترة من الراحة والتدريب، تعاني الوحدات المقاتلة من الانهاك والاستنزاف وتقل قدراتها القتالية بحرمانها من فرص التدريب على المعدات والتكنولوجية الجديدة. وتجد القوات نفسها عائدة الى جبهات القتال بعد فترة بضعة اشهر فقط.

ويبلغ غدد القوات المقاتلة/العاملة حوالي 21300 جندي موزعون على العراق وافغانستان وشمال ايرلندا، والبوسنة وكوسوفو ومهام اخرى للامم المتحدة لحفظ السلام. بينما يوجد اربعة آلاف جندي في حاميات في قبرص وجزر الفوكلاند وجبل طارق وقواعد اخرى، الى جانب 22500 جندي في القواعد الالمانية منذ الحرب العالمية الثانية، وهي قوات تحل محل القوات القتالية في حالة راجحتها واجازاتها، مما يعني عدم وجود اعداد كافية.
ويتهم ضباط الجيش والمحللون العسكريون وزير المالية براون، الذي يتوقع ان يخلف توني بلير في رئاسة الوزارة، بانه لايلتفت لطلبات زيادة الميزانية؛ بينما يقول اصحاب براون انه سيراجع الامر بعد توليه الوزارة.

ومن ناحية اخرى غلمت ايلاف ان لجنة شؤون الدفاع المكونة من جميع الآحزاب البرلمانية ستحذر الحكومة اليوم بعدم انقاص قوة الردع النووية البريطانية في تقرير يتوقع نشره اليوم.