القضية تثير من جديد النوايا الحقيقية لطالبي اللجوء السياسي
أبو قتادة يخسر قضية بقائه في بريطانيا

أبو قتادة
عادل درويش من لندن: خسر الأصولي عمر محمود محمد عثمان المعروف بأبي قتادة الاستئناف المنظور امام المفوضية الخاصة لاستئناف الطعون في قرارات الهجرة، حيث رفضت طعن محاميه في قرار وزارة الداخلية لترحيله الى بلده الأصلي الأردن كشخص غير مرغوب فيه بسبب تحريضه على الارهاب واصدار فتاوٍ تحلل الارهاب وجمع التبرعات لتمويل نشاطات ارهابية.

وبينما رحبت وزارة الداخلية بقرار اللجنة قبول امرها الصادر منذ أكثر من عامين بترحيل أبي قتادة، فإن محاميه غارث بيرز قال إنّه سيطعن في الحكم مرة أخرى أمام محكمة النقض وامام لوردات القضاء في مجلس اللوردات.

وكانت القضية المنظورة أمام المفوضية موضع ملاحظة ودراسة منقبلجماعات حقوق الإنسان والمحامي والحكومة والساسة باعتبارها أوّل اختبار حقيقي بين الحكومة والمحامين ورجال القانون في سياسة ترحيل المشتبه في توريطهم في الإرهاب الى بلدان أدانت المنظمات العالمية سجلها في حقوق الأنسان، اكتفاءً بتوقيع مذكرات تفاهم مع هذه البلدان تتعهد في الأخيرة بعدم إساءة معاملة المرحّلين.

وكان أبو قتادة قد وصل من الأردن مع أسرته عام 1993، طالبًا اللجوء. وتسامحت الحكومة وأجهزة الأمن مع نشاطه الأصولي وخطب تمجيد التطرف الاسلامي. وبعد عثور المسؤولين، قي شقة احد المتورطين في عدوان 11 سبتمبر 2001 على المنشآت المدنية الأميركية الذي راح ضحيته الآلاف، على شريط فيه خطاب تحريضي لأبي قتادة ، حثّ فيه مسلمي بريطانيا على القيام بعمليات انتحارية في صراعهم ضد الغرب ، بدأت اجهزة الأمن ترصد تحركاته واتصالاته.

وبعدها عثر المسؤولون على ادلة تربط ابي قتادة بريتشارد ريد، صاحب الحذاء المفخخ الذي حاول تفجير طائرة ركاب عام 2001، وعلى زكريا موسوي الذي ادين في امريكا في مؤامرة 11 سبتمبر. وكان قاضٍ اسباني يحقق في تفجيرات قطارات مدريد قدوصف أبي قتادة بأنه quot; سفير الشر لأسامة بن لادن في اوروباquot; .

ورحب وزير الداخلية البريطاني جون ريد بقرار المفوضية الذي quot;سيمكننا من الوفاء بالتزاماتنا الدوليةquot;. وواجهت الداخلية البريطانية مشكلة تمكّن النيابة من جمع أدلّة جنائية تكفي لأدانة هؤلاء الأئمة والدعاة، خاصة وان التقاليد القضائية في انجلترا وامارة ويليز تعتمد على ادلة مادية جنائية، ووقائع وشهادات شهود عيان، ونادرًا ما تسمح بالأخذ بأدلة ظرفية. ولذا لم يكن من السهل على النيابة اقناع أي محكمة بحجز أمثال ابي قتادة، خاصة وان الأدلة هي ظرفية، او تعتمد على تسجيلات تنصّت على اتصالات المشتبه فيهم، وهو ايضًا ما لا تسمح به المحاكم الأنجليزية. واذا انتظر المسؤولون وقوع الجريمة لإدانة داعة التطرف الإسلامي كابو قتادة، فإن هذا يعني تقصير المسؤولين في حماية الأمن لأنتلك الجرائم تكون تفجيرات وعمليات إرهابية يذهب ضحيتها العشرات.

لكن ترحيل المشتبه فيهم أيضًا واجه صعوبات من قبلجمعيات حقوق الإنسان والمحامين والساسة الليبراليين، خاصة وان بريطانيا من الموقعين على المعاهدة الدولية لحقوق الانسان، وبالتالي اعترض رجال القانون على ترحيل المشتبه فيهم لبلاد سجلها ليس ناصع البياض في مجال حقوق الانسان.

وبينما رحب وليام بيرن، الوزير المساعد في وزارة الداخلية، بقرار المفوضية قائلا ان مهمة الوزارة حماية المملكة، ولذا quot;فنرحب بالقرارquot;، اعترضت منظمة العفو الدولية امنستي انترناشيونال معتبرة ان القرار يشكل سابقة خطرة في انتهاك حقوق الإنسان.

وكانت بريطانيا وقعت مذكرة تفاهم مع الحكومة الأردنية تحمي الذين يتم ترحيلهم من التعرض للتعذيب وسوء المعاملة في حالة اعادتهم الى الاردن، وتعطي القنصلية البريطانية او من يمثلها حق مقابلة الذين تم ترحيلهم والتحقيق معهمإذا كانوا قدتعرضوا للتعذيب. وقد لجأ محامو الحكومة الى هذه المذكرة والشروط الملحقة بها لاقناع المحكمة ببطلان الجدل القانوني الذي لجأ إليه محامي ابو قتادة لإيقاف اجراءات ترحيل موكله الى بلده الأصلي الأردن.

ورغم ان لجانًا قضائيةً استمعت الى وجهات نظر جماعات حقوق الأنسان بوجود ثغرات ونقاط ضعف في مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين، الا انها اقتنعت بوجهة نظر محامي وزارة الداخلية البريطانية وببطلان حجج محامي ابوقتادة. وقال ستيف بالنجير من امنستي ان المذكرة غير قابلة للتنفيذ الإجباري حيث لا توجد آلية قانونية تجبر البوليس وأجهزة الأمن الأردنية الإلتزام بها كما ان التعذيب يقع في السر، فكيف سيعلم الديبلوماسيون البريطانيون بوقوعه؟ واين ستجد الشهود الذين يؤكدون وقوعه؟

وهذا ما دفع محامي ابو قتادة للجدل بانه حتى اذا ضمن الأردنيون عدم تعرض موكله للتعذيب، فما الذي يضمن عدم تعرضه للاتهام في قضية اخرى تقدم فيه ادلة عليه من آخرينعن طريق التعذيب، وهو امر لا تسمح به المحاكم في بريطانيا، بينا لا يضمن احد عدم ادراجه في محكمة اردنية.

وبينما قبل اللورد كارليل، رئيس اللجنة البرلمانية المكلفة بتنظيم القوانين الجديدة واجراءات احتجاز الأجانب لمكافحة الأرهاب، جدل محامي ابو قتادة باحتمال تعرضه الترحيل فانه اشار الى العلاقات التاريخية التي تربط بريطانيا بالأردن مما يجعل عمان حريصة على عدم الإساءة لهذه العلاقات، وهذا في رأيه يشكل دافعا قويا للإلتزام بروح مذكرة التفاهم.

وكان اللورد كارليل رحب بقرار المفوضية صباح اليوم قائلا ان هذا سيسهل مهمة مصلحة الهجرة والجنسية في التعامل مع طالبي اللجوء السياسي مما يعني ان الوقائع والأدلة في بلدان اخرى يمكن اخذها في الاعتبارعند نظر طلب اللجوء. وقد اثارت هذه القضية مسألة إعطاء حق اللجوء السياسي لمعارضين من بلدان العالم الاسلامي اذا ما كانوا سيحضرون معهم المشاكل والأخطار التي سببوها في بلدانهم، حيث سيكون الامر مجرد نقل المشاكل والأخطار، ويلقي بالشك على مدى جديتهم في الأسباب الحقيقية لطلب اللجوء السياسي؛ فهل يريدون فقط العيش بسلام مع اسرهم وذويهم وتجنب بطش الحكومة واجهزة الأمن في بلدناهم الأصلية، او ان لهمجنود اخرى سرية غير معلن عنها، وبالتالي يستخدمون حق اللجوء السياسي لمجرد البحث عن قاعدة جديدة للعمل والتحرك المشبوه وغير المشروع، مستغلين حالة التسامح والليبرالية والحرية المتاحة في بريطانيا.

وحالات كأبي حمزة المصري، وابي قتادة في بريطانيا، والشيخ عمر عبد الرحمن المصري الأصل في اميركا مثال على ذلك. ففي حالة ابي قتادة، هناك ادلة على تورطه في جمع تبرعاتلجماعات ارهابية اصولية وتمويلها، وهو ما ينطبق على ابي حمزة الى جانب تورطه المباشر في التحريض على القتل والارهاب داخل بريطانيا وخارجها ، وتجنيد الشباب من أجل إسرالهم إلى معسكرات تدريب الأرهابيين؛ اما الشيخ عمر عبد الرحمن، والمحكوم عليه غيابيًا في مصر بالتورط في الاهاب فقد حكم عليه بالسجنخمسة عشرعامًا لاتهامه المباشر في تدبير تفجيرات مركز التجارة العالمي عام 1993، رغم ان مصر كانت قدطلبت من اميركا ترحيله إليها لمواجهة القضاء عدة مرات.