نبيل شرف الدين من القاهرة :

قال صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى المصري إن المادة الثانية من الدستور، التي تنص على أن دين الدولة هو الإسلام وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، غير مطروحة للتعديل أساسًا، إذ لم يقترحها الرئيس حسني مبارك في التعديلات الدستورية التي تجري مناقشتها حاليًا في مجلسي البرلمان (الشعب والشورى) . وقال الشريف في مقابلة بثها التلفزيون الحكومي المصري حول التعديلات الدستورية إن الرئيس مبارك إستخدم حقه الدستوري في مواد بعينها وبالتالي فإن الحديث عن المادة الثانية غير مطروح .

وردًا على ما طرحته المعارضة من أن المادة الأولى التي ترسي مبدأ المواطنة تتناقض مع المادة الثانية من الدستور ومن ثم تأتي المطالبة بمراجعتها، قال الشريف إنه لا يرى أي تعارض بين المادتين الأولى التي تؤكد المواطنة، والثانية التي تفرض الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع، وأعرب الشريف عن إعتقاده أن الإقتراب من المادة الثانية سيثير فتنة، فدين الدولة هو الإسلام ولا يعني أبدًا أنه فرض على المواطنين، وأن مبادئ الشريعة هي المصدر للتشريع وأن هناك مصادر أخرى، ثم إن هذا مكمل لمواد أخرى في الدستور منصوص عليها فحينما يكون الدين الرسمي للدولة هو الإسلام لا يعني أن دين المصريين كلهم واحد، على حد تعبيره .

إجراءات التعديل

وتوقع الشريف إجراء الإستفتاء على التعديلات الدستورية خلال الأسبوع الأول من شهر نيسان المقبل، مشيرًا إلى أنه بعد موافقة مجلس الشورى بالأغلبية على التعديلات، سيبدأ مجلس الشعب مناقشاته ظهر الأحد القادم، وتوقع أن ينتهي من هذه المناقشات بحلول يوم الأربعاء المقبل .

وأضاف أنه في هذه الحالة سيتم الإنتهاء من المناقشات في حدود يوم 20 من شهر آذار (مارس) الحالي وبذلك يكون قد إتفق مع لائحة مجلس الشعب التي تحدد شهرين من الموافقة من حيث المبدأ إلى الموافقة في شكلها النهائي، وبما أن الموافقة من حيث المبدأ كانت يوم عشرين كانون الثاني (يناير) فإن يوم 20 آذار (مارس) الموافق الأسبوع المقبل سيشهد القرار النهائي على تعديلات الدستور وفق لائحة المجلس .

وحول التعديلات التي أجراها مجلس الشورى على المواد المراد تعديلها في الدستور، قال الشريف إن التعديلات التي أدخلت ليست تعديلات كبيرة ولكنهاضمنإختصاصات المجلس فقط وذلك لسبب واضح أنه بداية هذه التعديلات أخذت من مجلس الشورى ولجنته الدستورية والتشريعية وبعد جهد كبير ومناقشات واسعة عقب الموافقة على المواد من حيث المبدأ.

الأحزاب الدينية

وعن تعديل المادة المثيرة للجدل (76) من الدستور، قال صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى، إن المادة 76 التي وصفت بأنها أطول مادة في الدستور فرضتها مبادرة الرئيس مبارك، فهي لم تكن موجودة في الملكية ولا كانت موجودة في أي دساتير أخرى، فكان لا بد في صياغتها أن تبقي صياغة محكمة لأنها خاصة بأرفع منصب يتحمل أكبر مسؤولية في نظام شبه رئاسي، فوضعت تفاصيل الضوابط، من حيث المستقلين والأحزاب السياسية وتشكيل اللجنة القضائية، وأسلوب الإستفتاء على رئيس الجمهورية، وخاضت في تفاصيل دقيقة، وأعطت الفرصة لكل الأحزاب لأول مرة في التاريخ وأعقبتها إنتخابات مجلس الشعب 2005، على حد قوله .

وأضاف أنه لمّا رأى الرئيس مبارك أن نسبة 5% مستحيلة على الأحزاب السياسية طلب تيسير شروط الترشيح للرئاسة على الأحزاب السياسية في إطار تعديل جديد للمادة، وتوصلنا إلى أن تكون النسبة الجدية 3% ، وبدلاً من أن تكون في كل مجلس على حدة، تكون في أي مجلس من المجلسين.

وحول الفقرة التي أضيفت إلى المادة الخامسة من الدستور والتي تتحدث عن التعدد الحزبي، قال الشريف: quot;نحن دولة يعيش فيها مسلمون ومسيحيون، وعلينا أن نحافظ على هذه الوحدة ونسيجها، فلا يجب لأي فئة أن تأخذ الدين ستارًا لعمل سياسي ، وإلا سنجد حزبًا للمسلمين وآخر من المسلمين ضد المسلمين، وحزبًا للأقباط وحزبًا آخر من الأقباط ضد الأقباط، وتنتهي الأمور إلى فوضى عارمة كتلك التي نراها في العراق أو تلك التي نراها أيضًا في بلاد أخرى، فالدول التي فيها صراع طائفي وديني تسيل فيها الدماء وتشهد حروبًا أهلية وتفرقة، وما أسوأ أن يكون الدين الذي هو مشاعر الناس ووجدانهم وقود هذه الدماءquot;.

الإشراف القضائي

ومضى الشريف قائلاً إن هناك إجماعًا كبيرًا من نواب مجلس الشورى وبأغلبية ساحقة بلغت 239 صوتًا حيث العدد الفعلي للمجلس 259 وهي نسبة عالية صوتت إلى جانب التعديلات الدستورية، وهناك أحزاب لم توافق مثل حزب التجمع وحزب الوفد وهناك من امتنع من أعضاء المجلس من أحزاب أخرى أو مستقلين وهم 4 أعضاء فقط.

وأوضح رئيس مجلس الشورى أنه كان هناك إقتراحٌ من مجلس الشورى بتعديل المادة 88 من حيث المبدأ، بأن تكون هناك لجنة عليا تتمتع بالحيادية والإستقلال وتشكل من أعضاء من قضاة حاليين وأن تكون اللجان العامة من قضاة يكون لديهم الإشراف على مستوى الدوائر الانتخابية... هذا المنطوق ذاته هو ما أخذ به في مجلس الشعب.

وحول موعد الإنتخابات التكميلية لمجلس الشورى، قال الشريف: quot;كنا قد وضعنا في الإعتبار في ظل النظام القائم حاليًا، أن تجرى الإنتخابات في 24 نيسان (أبريل) وعلى أكثر من مرحلة، أمّا في حال لم يتم الموافقة على تعديل المادة 88 فإن ذلك يعني إجراء الإنتخابات في يوم واحدquot;، متوقعًا الموافقة على قانون مباشرة الحقوق السياسية قبل إجراء الإنتخابات الخاصة بالمجلس. وقال إنه إذا تمت الموافقة عليه في الإستفتاء لا بد أن يصبح مفعوله قائمًا.

وتابع الشريف قائلاً إنه إذا تمت الموافقة على الإستفتاء على هذه المواد، فسيكون من الواجب والضروري والمحتّم أن تتقدم الحكومة بتعديلات في قانون مباشرة الحقوق السياسية بالنسبة إلى هذه الجزئية، بحيث تشكل اللجنة العليا وتحدد اختصاصها وضمانتها وكثيرًا من الملاحظات التي أبدتها العملية السياسية من الممكن معالجتها داخل التشريع.

قصة المواطنة

وردًا على سؤال حول دوافع الحكومة في هذه المرحلة لإقتراح مبدأ المواطنة في حين توجد مواد أخرى في الدستور تقر مبدأ المواطنة بشكل واضح، قال الشريف إن هذه المواد التي طالب بها الرئيس مبارك والتي خاض الإنتخابات الرئاسية لأول مرة وفقًا لبرنامج إنتخابي، وتقدم لها كرئيس للحزب الوطني .
وأضاف الشريف: quot;في صدر المبادئ الأساسية إننا نؤمن بمبدأ المواطنة وندعمه، لأنه يمثل حجر زاوية في نظام ديمقراطي يقوم على أساس المساواة بين كافة المواطنين ويأتي هذا في وقت تلتطم فيه الأمواج ونشاهد أيضًا ونستمع لمن يحاول أن يفرض وصايته على المجتمع بأفكار متطرفة بعيدة عن الواقع وعن الإسلامquot;، وأكد مدنية هذه الدولة وأنها ليست دولة دينية ولا علمانية ولا غير ذلك ولكنها دولة مدنية بحكم الدستور والنظام القائم فيها، وبالتالي دفعنا هذا إلى إعلاء قيمة المواطنة بشكل حاسم واضح في صدر أول مادة بالدستور .

وقال رئيس مجلس الشورى إن المادة 40 واضحة بأن المصريين متساوون أمام القانون، لا يفرق بينهم لا اللون ولا الجنس ولا العقيدة ولا أي شيء آخر ، وهذا هو إعلاء قيمة المواطنة ووحدة نسيج هذه الأمة.

ورفض الشريف أن يكون نص المادة على مبدأ المواطنة شكل من أشكال علاج مشكلة موجودة يمر بها المجتمع، وأضاف أن قيمة المواطنة هو الأساس لأن المواطنة لا تتغير والمصرية لا تتغير... والوطن لا يتغير... والنص على هذا المبدأ هو تأكيد لمستقبل دائم لا يتغير ومبدأ ثابت وأصيل .

وإختتم الشريف مؤكدًا أن المقصود من هذه المادة يؤكد لكل مصري أن الأساس هو مصريته وأساس مواطنته، فيتساوى في الحقوق. ولا فرق بين المصريين بحكم الدين أو العقيدة ولا يفتح بابًا للمتاجرة بالدين أو يخلطها بالسياسة... فالمواطنة أسمى وأعلى... يتساوى فيها كل الناس لأن الدستور متكامل، لا تكون فيه مادة بعيدة عن المواد الأخرى، على حد قوله .