لدوافع أمنية إذ يشكل العراقيون15% من سكانه
الأردن أوقف دخول العراقيين وسيمنع تملكهم للعقارات
ولحماية المجتمع الاردني من الاثار السلبية التي يشكلها هذا النزوح الكبير من العراقيين اليه والذي لم يكن له مثيلا منذ عام 1948 حين نزح اليه اللاجئون الفلسطينيون فقد عمدت السلطات الاردنية الى وقف دخول العراقيين اليه بأستثناء كبار السن المحتاجين للعلاج الطبي. كما منعت السلطات على العراقي تملك سيارة الا لمن يتمتع باقامة سنوية على ان تحمل ارقاما خاصة يمكن التعرف عليها لتسهيل مراقبة العراقيين.
كما تدرس السلطات الاردنية حالا منع العراقيين من تملك العقارات بعد ان ارتفعت اسعارها بشكل كبير اخذ يرهق المواطن الاردني حيث يتوقع صدور قرار بذلك حلال الشهرين المقبلين كما ابلغ quot;ايلافquot; خلال اتصال هاتفي محام عراقي مقيم في عمان. واضاف ان ابنه البالغ من العمر 28 عاما قد سافر من العراق للالتحاح به السبت الماضي لكنه منع من الدخول برغم تمتع والديه وشقيقه باقامة دائمة مما دفعه الى السفر الى سوريا محاولا دخول الاردن منها لكن محاولته الثانية هذه فشلت ايضا فعاد الى بلده مرة ثانية خائبا امس.
واوضح انه يتم الان ترحيل كل العراقيين المتجاوزين لفترات اقامتهم حيث تقوم الشرطة بنقلهم الى الحدود العراقية مقابل 15 دينار اردني. واشار الى ان الاردن بدأ يشجع العراقيين على التسجيل في مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في عمان بعد ان وعدت وزيرة الخارجية الاميركية غوندليزا رايس بتخصيص مبلغ مليون ونصف المليون دولار الى الاردن من عائدات نفط العراق لانفاقها على تواجد العراقيين المقيمين على اراضيه. وبهذا الصدد نقل المحامي عن سائق سيارة اجرة يعمل على طريق بغداد عمان قوله إنه شاهد حافلات تابعة للشرطة الاردنية وهي تعيد العراقيين المطرودين الى الحدود العراقية.
دخول عراقي اخذ يشكل عبئا
وقد دأب الاردن على السماح للعراقيين بالدخول دون اعتراضات ولكن النزوح الجماعي اخذ يشكل حملا ثقيلا لهذا البلد الصغير ذي. والآن وبعد مرور اربع سنوات على الاحتلال الاميركي للعراق دون ان تظهر في الافق اي اشارة الى استتباب الامن في العراق فإن علامات الضيق والتبرم بدأت بالظهور في الاردن. وقانونا تعتبر اقامة الغالبية العظمى من العراقيين في الاردن غير شرعية حيث لا يمنحون اذون عمل ويصعب عليهم تسجيل اطفالهم في المدارس كما لا يتمتعون بالخدمات الصحية. ونتيجة لذلك يجد العراقيون صعوبات كبيرة في توفير لقمة العيش في بلد غريب خصوصا عندما تبدأ مدخراتهم بالنفاد.
من جانبها تنفي الحكومة الاردنية اعتماد سياسة تسفير العراقيين حيث يؤكد ناصر جودة الناطق الرسمي باسم الحكومة الاردنية ان بلاده ستبحث مع مسؤولين اميركيين ودوليين في خيارات عدة لتنظيم عملية دخول العراقيين لاراضي المملكة الاردنية والتعامل مع مئات الالاف من الموجودين منهم في الاردن.
ويقول جودة ردا علي سؤال حول ما اذا كانت لدي الحكومة الاردنية نية لفرض تأشيرات دخول علي العراقيين الراغبين بدخول المملكة ان quot;هناك خيارات عدة فيما يتعلق بوضع العراقيين في الاردن وهناك اجراءات معينة واجراءات اخري تم تنفيذها في الفترة الاخيرةquot;. واضاف quot;ان هناك تنظيما لدخول العراقيين للاردن وسبلاً منسقة تماما مع الحكومة العراقية علي مختلف الصعد آخذين في الاعتبار مختلف زوايا هذه الاجراءاتquot;.
ولم يعط جودة المزيد من التفاصيل حول ماهية هذه الاجراءات لكنه اوضح ان الهدف منها هو تنظيم الدخول وتسهيل هذا الموضوع علي الاخوة والاخوات العراقيين الداخلين للمملكةquot;.
وحول عدد العراقيين الموجودين علي اراضي المملكة اشار الى ان المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تتحدث عن رقم يقارب 700 الف واضاف quot;ان هناك نحو عشرين الفاً طلبوا من المفوضية دراسة اعتبار وضعهم كلاجئين في الاردنquot;. وقال quot;لغاية نحو اسبوعين او ثلاثة كان هناك نحو 900 الي الف شخص اعتبرتهم المفوضية فعلا لاجئين علي مدي السنوات الاخيرةquot;. واوضح quot;ان هناك اتفاقا مع المفوضية بأن يتم تسفير عدد كبير ممن يمنح صفة لاجئ الي دولة ثالثةquot; مشيرا الي انه حتي الآن تم تسفير ما يقارب 250 فقط من قبل المفوضية الي دولة ثالثةquot;.
مؤتمر دولي لمساعدة الجوار الذي يستضيف العراقيين
ولمعالجة هذا الامر فقد اعلن المتحدث بإسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إن الدعوة وجهت لوزراء ومسؤولين من 192 دولة لحضور المؤتمر.
وأضاف المتحدث رون ريدموند خلال مؤتمر صحفي في جنيف امس ان الدعوة وجهت بالفعل إلى 192 حكومة و65 منظمة دولية و60 منظمة غير حكومية لحضور المؤتمر الدولي بشأن اللاجئين والمهجرين في العراق والدول المجاورة له. وأشار إلى أن المؤتمر سينعقد في مدينة جنيف السويسرية على مدى يومين في السابع عشر من الشهر المقبل.
وأوضح ريدموند أن المؤتمر سيبحث الأبعاد الإنسانية لأزمة التهجير ويحدد الاحتياجات الكبيرة للمساعدة في حلها... إضافة إلى السعي لإيجاد جهد دولي مشترك لمعالجة تلك الإحتياجات بما في ذلك مشاركة دول الجوار العراقي في العبء الذي تتحمله بسبب هذه الازمة. واشار الى أن أكثر من مليوني عراقي يقيمون حاليا في دول مجاورة ،كالأردن وسوريا اللتان تتحملان العبء الأكبر من هذه الأزمة ولا بد من تقديم الدعم والمساعدة لهما.
من جانبه يشرح روب برين مدير مكتب مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين في العاصمة الاردنية مخاوف الاردنيين بالقول quot;للسلطات الاردنية مخاوف حقيقية ومشروعة على الامن في هذه البلاد، كما تخشى من احتمال انفراط لحمة المجتمع الاردني. فمن غير المقبول - لا في الاردن ولا في غيره - ان يسمح لهذا العدد الهائل من اللاجئين الذي يعادل 15 في المئة من مجموع سكان البلاد بالبقاء فيها بشكل دائم.quot;
اوضاع العراقيين في الاردن
ويصف جودي ميلر وهو راهب اميركي يعيش ويعمل منذ سنوات عديدة بين العراقيين في احدى الاحياء الفقيرة في عمان في لقاء مع quot;بي بي سيquot; مزاج العراقيين الذين يلتقيهم بشكل يومي هكذا quot;انهم يعيشون في خوف مستمر مما يؤدي الى اصابتهم بعوارض صحية بسبب الضغوط النفسية التي يتعرضون لها.quot;
ويضيف ميلرquot;اينما ذهبوا يصاحبهم الخوف من ان يعتقلوا ويسفروا الى العراق. فاذا ذهبوا الى محطة الحافلات وشاهدوا سيارات الشرطة وهي تعتقل العراقيين يصابون بالهلع. وسرعان ما تنتشر الاشاعات بين العراقيين مما يزيد الطين بلة.quot; ويقول quot;على المدى القصير قد تنجح هذه الاجراءات الاردنية في خفض عدد العراقيين الموجودين هنا عن طريق اعادتهم الى العراقquot; يقول. ويتحدث ميلر كيف ان الشرطة القت القبض على احد اصدقائه العراقيين واعادته الى العراق في غضون ايام. وبعد عودته اختطف هذا الصديق وعذب ثم قتل.
ويشير مراقبون الى انه بينما تنفق الولايات المتحدة مليارات الدولارات شهريا على الحرب في العراق لا تتجاوز ميزانية المفوضية العليا للاجئين 60 مليون دولار للعام الحالي وهو ضعف ما كانت تتقاضاه في العام الماضي. من جانبها اعلنت واشنطن منذ ايام عن نيتها استقبال 7000 لاجئا عراقيا وهو عدد برغم انه يزيد عما كانت الولايات المتحدة تستقبله في السنوات الماضية الا انه لا يزال صغيرا جدا.
ويؤكد عراقيو الاردن انهم برغم مشاكلهم فانهم يشعرون بالامتنان للملاذ الآمن الذي يوفره الاردن لهم. لكنه مع انعدام الامل في تحسن الحالة في العراق على المدى المنظور يبدو ان اللاجئين العرقيين سيمكثون في الاردن لفترة قد تطول.
وتقول رنا سويس من مفوضية شؤون اللاجئين أن الكثير من العراقيين في عمان يعيشون حالة الخوف من إرجاعهم إلي بلادهم قسرا ولكن لا داع لخوفهم هذا دائما. وتضيف quot;في الواقع الأردن بلد متسامح جداً ولم يشرع بعملية إعادة جماعية للعراقيين الذين يقيمون بشكل غير نظامي على أراضيهquot;.
والأردن أكثر تشدداً على حدودها من سوريا التي تستقبل على أراضيها حوالي المليون لاجئ عراقي ولكن القلق الأمني أكبر في الأردن ففي تشرين الثاني ( نوفمبر) عام 2005 فجّر انتحاريان عراقيان أنفسهما في فنادق في عمان. وتوضح سويس إن اللاجئين يختارون ما بين الأردن وسوريا لأسباب اقتصادية.. فسوريا بلد أرخص للعيش بكثير وهذا ما يجذب العراقيين الفقراء.
ولم تسجل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بعد مؤشرات توتر بين اللاجئين العراقيين في سوريا والأردن كالتي تعصف بالعراق ولكن ما زال القلق قائماً بحدوث مثل ذلك.
البحث عن لجوء في دول اخرى
وبما أن أمر عودة اللاجئين في المستقبل القريب اصبحت غير واردة الان تقوم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتقديم العون للاجئين العراقيين في البحث عن أمكنة سكن وخدمات صحية، وغالباً عن طريق منظمات إغاثة. بالإضافة إلى إرسال بعض اللاجئين إلى دول أخرى ولكن الأمور تسير بتثاقل فتلك الدول تفتح أبوابها للاجئين العراقيين الذين تتعرض حياتهم لتهديد مباشر فقط. وترى المفوضية أنه ينبغي على الدول التي لديها قوات عسكرية في العراق تبني سياسات أكثر تساهلاً لقبول اللاجئين العراقيين على أراضيها.
وأجرت مساعدة وزيرة الخارجية الاميركية المكلفة بالشؤون الانسانية ايلين سوربري الاسبوع الماضي في عمان محادثات حول مشكلة اللاجئين العراقيين والتقت مسؤولين اردنيين وموظفين من وكالة الغوث (الانروا) والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الاردن حيث ركزت في محادثاتها على دعم الولايات المتحدة للوكالة ووضع اللاجئين العراقين في الاردن.
وقد تسارعت ظاهرة اللاجئين والمشردين العراقيين خاصة منذ تفجير مرقدي الامامين العسكريين للشيعة في مدينة سامراء (110 كم شمال غرب بغداد) في شباط (فبراير) من العام الماضي لتشكل واحدة من أشد الأزمات الإنسانية الضاغطة في العالم.
وتشير المفوضية الأممية الى ان زمة اللاجئين العراقيين الحالية تشكل أكبر هجرة جماعية في الشرق الأوسط منذ ترحيل الفلسطينيين من ديارهم جيث هرب اكثر من مليوني عراقي من وطنهم. ويهاجر بين 40 و 50 ألف مواطن عراقي وطنهم شهرياً نحو: سوريا والأردن و لبنان ومصر وأيضاً باتجاه تركيا. وقال المفوض السامي للوكالة الأممية أتونيو كيترز أنه يأمل بإعادة توطين 20 ألف لاجئ في بلدان أخرى منهم 7000 في الولايات المتحدة.
ويتواجد مليون ونصف المليون لاجئ عراقي في سوريا وربما يشكل هذا العدد أكبر مجموعة من اللاجئين العراقيين مقارنة ببقية البلدان المضيفة. وكرد فعل من الولايات المتحدة فانها قدمت 18 مليون دولار الى المفوضية ووافقت على استقبال عدد يصل إلى 7000 لاجئ عراقي. وستخصص الدفعة الأولى من هذا الرقم 7000 للهاربين إلى تركيا خلال عهد النظام العراقي السابق بينما ستُمنح اهتماماً خاصاً للعراقيين ممن عمل مع القوات والشركات الأميركية! إذ خدم 5000 عراقي كمترجمين قُتل منهم 250 حيث سبق للولايات المتحدة أن منحت 50 سمة دخول سنوياً للمترجمين ممن عمل مع الجيش الأميركي في العراق وأفغانستان وقائمة الانتظار طويلة تمتد إلى ست سنوات.
التعليقات