موجة تصعيد جديدة في لبنان
الغالبية ترى المحكمة قريبة ... وبالفصل السابع
إيلي الحاج من بيروت : انتهت في لبنان الهدنة السياسية التي بدأت قبل انعقاد القمة العربية في الرياض وبدا أن المساعي والحوارات لم تكن أكثر من تقطيع وتعبئة للوقت الضائع في انتظار القمة وأيضا في انتظار الوصول إلى الدورة العادية لمجلس النواب ، وذلك رغم أن رئيس المجلس نبيهبري أعلن أن اللقاءات ستعاود في اليومين المقبلين بين رئيس كتلة quot;المستقبلquot; النائب سعد الحريري وبينه . وما يختلف في الموجة أو الجولة الجديدة للتصعيد هو ان ساحته وميدانه مجلس النواب ويدور في ظل اعتصام نيابي للأكثرية متقطع ومنتظم، كل ثلاثاء في ساحة النجمة، يضاف إلى الاعتصام المعارض الثابت في ساحة رياض الصلح المجاورة.
خوجة يحث قادة لبنان على استئناف الحوار

وما يختلف أيضا أن أفق التصعيد والمعركة السياسية لم يعد أفقا quot;حكومياquot; بل أصبح رئاسياً مع اقتراب استحقاق انتخابات رئاسية الجمهورية.
ولم تتردد الأكثرية بعد انتهاء القمة العربية في أخذ زمام المبادرة وافتتاح حقبة سياسية جديدة تتميز بمواقف واضحة وحازمة شكلت مفاجأة للمعارضة وصدمة لها. وبعد موقف نوعي للنائب سعد الحريري أعلن فيه أن quot;إعطاء المعارضة صيغة 19 ndash; 11 في الحكومة هوquot; انتحار سياسي وتكملة لمشروع قتل رفيق الحريري، وان الأكثرية ستستعيد المبادرة وتتصرف وتطبق الدستور وستعقد جلسات لمجلس الوزراء ولمجلس النوابquot; ، جاء بيان قوى ١٤ آذار/ مارس في ختام اجتماع مركزي في قريطم على مستوى الأقطاب أمس، وبعد تقويم لنتائج القمة العربية وزيارة أمين عام الأمم المتحدة بان كي- مون لبيروت، ليحذر من مواصلة سد أبواب مجلس النواب أمام مناقشة معاهدة المحكمة ذات الطابع الدولي وإبرامها، وليعلن quot;استنفاد كل السبل الدستورية لإبرامها في مجلس النواب والقيام بكل الخطوات الآيلة إلى تحقيق هذه النتيجةquot; .
يشار في السياق إلى أن أحد أركان الغالبية رئيس الجمهورية السابق أمين الجميّل صرح quot;إننا أصبحنا قريبين جدا من إقرار المحكمة تحت الفصل السابع في مجلس الأمن بعد الكلام السوري بعدم التعاون مع المحكمة الدولية، خصوصاً أن هذه المحكمة بدون هذا الفصل لن تتمكن من استدعاء الشهود والمتورطين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريريquot;.
وأكمل الركن الآخر في الأكثرية رئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط الموقف بالقول إن quot;المحكمة لا بد آتية. ولن يقبل اللبنانيون بإسقاطها مباشرة أو بالواسطة، وإقرارها عبر مجلس الأمن يبقى خيارا متاحا وممكنا لقطع الطريق على محاولات بعض القوى المحلية المتحالفة مع بعض الأنظمة الإقليمية إفشال المحكمة، مرة عبر إعتكافات ثم استقالات، ومرة عبر ملاحظات سرية تقدم إلى الراعي الإقليمي وتحجب عن اللبنانيين، لأنها بكل بساطة ترمي إلى تفريغ المحكمة من دورهاquot;.
وفي حين لم تفصح مصادر الأكثرية عن الخطوات التي ناقشتها واتفقت عليها، لا تستبعد مصادر المعارضة ذهاب قوى الموالاة إلى ما هو أبعد من توقيع عريضة نيابية. علماً أن المعارضة المتحالفة مع سورية تحضر لمعاودة اجتماعاتها على مستوى quot;قياديquot; بعد عطلة الأعياد لتحديد خطواتها وبرنامجها التصعيدي للمرحلة المقبلة، بعدما وجدت نفسها في موقع quot;رد الفعلquot; على ما تقوم به الأكثرية ولم تعد في موقع الفعل والمبادرة.
وتنتظر المعارضة تبيان طبيعة ما ستقدم عليه الأكثرية والمدى الذي ستبلغه ابتداء من يوم غد الذي سيشهد توقيع عريضة نيابية تطالب الرئيس بري بالدعوة إلى عقد جلسة نيابية لاقرار مشروع المحكمة الدولية، وترسل هذه العريضة لاحقا إلى الأمم المتحدة ، على قاعدة تحميل بري مسؤولية عدم اقرار المحكمة في لبنان، ومسؤولية أي خطوة لتثبيت المحكمة تحت الفصل السابع لاحقا، اضافة إلى تبرير أي جلسة نيابية تعد لها الأكثرية اذا استمر اقفال مجلس النواب بقرار من رئيسه.
وتوحي كل المؤشرات أن التصعيد سيظل في المرحلة الراهنة ضمن quot;ضوابط وحدود معينةquot;، وبالتالي لا تنوي الأكثرية الذهاب إلى حد عقد جلسة نيابية خارج البرلمان برئاسة نائب الرئيس فريد مكاري. كما ليس في خطط المعارضة اللجوء إلى تصعيد ميداني جديد بما في ذلك العصيان المدني . والاعتقاد السائد في بيروت أن التصعيد سيكون quot;محسوبا ومدروساquot; ويتوازى مع معاودة الحوار الثنائي بين بري والحريري.
ومع ثبات الطرفين ، الأكثرية والمعارضة على مواقفهما في موضوع الحكومة تنتقل المفاوضات المحتملة المداولات والأنظار صوب الاستحقاق الرئاسي الذي بات محور المواقف والحركة السياسية، ويمكن القول إن معركة الرئاسة بدأت وان صفحة الحكومة طويت. وفي الإنتظار لا شيء ينبئ بعودة قريبة للأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إلى بيروت. واذا كان موسى تشجع بالتقارب السعودي السوري، فإنه لا يزال ينتظر الترجمة العملية لهذا التقارب الذي يتطور تبعا لما سيكون عليه سلوك سوريا في لبنان وما ستقدمه من تسهيلات، كما ينتظر تبلور رؤية سعودية- سورية لمقاربة الأزمة اللبنانية.
وفي الوضع الضبابي يلتزم السفير السعودي في لبنان عبد العزيز خوجة الاستمرار في جهود التهدئة والسعي إلى إنجاح الحوار الثنائي بين بري والحريري. ولكنه في صدد إدخال تغيير على أسلوب ونمط عمله ليكون أكثر حذرا وتحفظا في ضوء ما خلصت إليه تجربة ما قبل القمة من نتائج مخيبة . وهو زار اليوم الرئيس بري وقال للصحافيين الذين سألوه: quot;لا اعتقد أن الحوار أخفق بين الرئيس بري والشيخ سعد، وأظن أنه سيستمر، وأعتقد أيضا أن اللبنانيين أدرى بالجرح اللبنانيquot;.
وسألوه عن إيحاء قوى 14 آذار / مارس أن المحكمة الدولية ستشكل تحت الفصل السابع ، فقال : quot;أبدا، جميع الأطراف والعالم والجهات المحلية والدولية والعربية تتمنى أن تتشكل المحكمة من خلال المؤسسات الدستورية اللبنانيةquot;.
يذكر أن رئاسة مجلس الوزراء أرسلت إلى مجلس النواب مجددا صباح اليوم مشروع قانون المحكمة ذات الطابع الدولي عبر البريد العادي. وقال مكتبها الإعلامي في بيان إن الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر quot;استقبل الدراج الذي ينقل البريد وأكرم ضيافته بفنجان قهوة، وتسلم منه نص المشروع ليغيب ربع ساعة ويعود ويرده له مع الشكر، طالبا إليه إبلاغ تحياته إلى الأمين العام لمجلس الوزراء الدكتور سهيل بوجيquot;.