إيلاف من ليدن: اجتمع نحو ستين مثقفا عراقيا بينهم اكاديميون وكتاب وشعراء وفنانون ومؤرخون واقتصاديون واعلاميون في جامعة ليدن فيالمملكة الهولندية بدعوة من اكاديمية الكوفة ضمن ملتقى مستقبل العراق. وتصادف الملتقى مع ذكرى ثورة العشرين في العراق التي كانت ضد القوات البريطانية وقتئذ. وناقش المجتمعون سبل انقاذ العراق مما يمر به من انهيار سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي وصحي وحملوا في كلماتهم التي القيت ضمن الاوراق المقدمة للملتقى الحكومات العراقية والقوات الاميركية ودول الجوار مسؤولية الازمة العراقية الحالية.

الدكتور محمد سعيد الطريحي منظم الملتقى قال لإيلاف ان هدف الملتقى اعلان حالة ضغط على الحكومة العراقية التي فشلت في انقاذ العراق مما يمر به وعلى قوات الاحتلال ودول الجوار وان الصمت الذي كان منذ يوم التاسع من نيسان 2003 لم يعد ممكنا. واضاف ان الملتقى سيتحرك من خلال الذين ساهموا فيه على الجهات الفاعلة في الازمة العراقية من حكومة وقوات اميركية وامم متحدة ودول اوروبية ودول اقليمة وعربية والضغط عليها لايقاف مايحصل من انهيار في العراق.

وكان الطريحي حمل في كلمته التي افتتح بها الملتقى القوات الاميركية مسؤولية عدم اشراك الكفاءات العراقية في بناء العراق الجديد. وقال ان من يقول ان الانتخابات حسمت كل شيء واهمٌ فهي لم تحدد هوية من يحكم العراق.

الفنانة التشكيلية عفيفة لعيبي قالت في كلمتها ان الوضع في العراق هو نتيجة حتمية لعشرات من السنوات مضت ساهم فيها الفكر القومي والديني. وان الماساة الكبرى هي خراب الانسان. ودعت الى الفصل بين الدين والدولة وان الدولة لادين لها. ودعت الى قانون احوال شخصية يحفظ للمرأة حقوقها. وان الموقف من المرأة هو الذي يؤسس لهوية السلطة.

السفير العراقي السابق صفاء الفلكي تحدث عن ضرورة التفاوض مع المقاومة ورأى ان الدستور الحالي هو اساس المشاكل في العراق وان الفيدرالية التي يجري التأسيس لها في العراق هي فيدرالية غريبة لانها تضعف الحكومة وتقوي الاقليم وتساهم في تحويل الولاء الوطني لولاء طائفي وقومي. وخلص ان علم السياسة علمنا انه لايخلو دائما من مفاجئات.

الدكتور علي كمال الدين من مؤسسة الديوان في بلجيكا مجد في كلمته ثورة العشرين في العراق وركز على صراع الحضارات والاديان ورأى ان الانتخابات في العراق كان مشوهة لانها اعتمدت على عدم وعي الشعب بالديمقراطية وسط تغييب النخب المثقفة وختم ان الثقافة هي مسؤولية المجتمع.

اما الكاتبة فينوس فائق فجاء في كلمتها ان على الاكراد مسؤولية تجاه العراق طالما ان كردستان جزء منه. ورات ان اسهام عراقيي الخارج في ايجاد رؤية لحل المازق العراقي مطلوب لكونهم ينظرون للواقع بعيون عراقية وبافكار غربية وفقا للبلدان التي تقيم فيها اغلبية عراقيي الخارج. داعية الى اشراك عراقيي الخارج في حل المأزق العراقي.

محمد قوجه رئيس مؤسسة تركمان تايمز قال في كلمته ان كل فرد عراقي ساهم في دق مسمار في نعش الوطن. واضاف ان النظم السياسية ليست هي المسؤولة عما يحصل بل ان قوام هذه النظم هي من العراقيين الذين تتسلمهم ليقودوا البلاد. و اضاف : في مناقشة مستقبل العراق علينا ازالة اطنان من الافكار من عقول العراقيين. وان كل ازمات العراق مرتبطة بالعراقيين انفسهم ولن يتأتى الحل الا حين يتخلصون من امراضهم الاجتماعية.

اما الكاتب جاسم المطير فتحدث عن احصائيات للضحايا في العراق واشار الى ان على المثقف في العراق ان يكون جاهزا للتضحية موتا وغدرا. وتحدث عن جيلين من الضحايا في العراق هم جيل المستقبل (الاطفال) والجيل الحالي مقدما ارقاما لكل شريحة منهما. وانتهى الى ان صور العنف في العراق اذا ما استمرت ستقوض الحياة العصرية وسيقضي العراقيون وقتهم في تدجين الحيوانات بحثا عن الامان.

وقدم القاضي احمد الهلالي رؤية لمستقبل القضاء العراقي مستعرضا امثلة من واقع القضاء وضغط الاحزاب والافراد على القضاة لتطويع القانون وفقا لمصالحهم ترهيبا وترغيبا.اما الباحث روبين شموئيل الذي اضطر إلى دراسة لغته الاشورية في جامعة ليدن مهاجرا من موطنه الاصلي في العراق فتحدث عن تهميش الاشوريين في العراق داعيا الى التمرن على قبول الاخر موضحا ان السلام والامان وحدهما لم يشملهما التغيير حيث بقيا هاجسا للمواطن العراقي.

الشاعر والباحث خزعل الماجدي قدم ورقة بعنوان (العراق الواقف على عتبة الهاوية) تحدث فيها عن انفجار اكبر ينتظر مستقبل العراق الذي تعبث فيه قوى التطرف التي راى انها ستجر البلاد لحرب اهلية كاسحة. وطالب السياسيين بالقبول راضخين بالكفاءات العراقية من اجل بناء وطنهم. وراى ان الساسة في العراق لم يبنوا يوما بلدهم بل بناه ابناء الشعب المهمشون. وقال ان الديمقراطية في العراق اصبحت وسيلة للموت وان هناك جهازا في الاعماق يرفض التحضر.

وشهد اللقاء مداخلات من المشاركين ابرزها مداخلة الدكتور صلاح الفرطوسي التي اوضح فيها ان الديمقراطية مجموعة قيم واحترام الاخر وان مايحصل في العراق هو عدم فهم للديمقراطية واهمال للاقتصاد الذي هو عماد كل مجتمع متحضر. وقارن بين معونات التعليم التي قدمتها هولندا عام 2003 التي كانت 57 مليادر يورو التي تعادل ميزانيات كل من العراق والسعودية وايران وبين الانفاق في العراق واوضح ان حل الميليشيات لاقيمة له بدون مكافحة 80 بالمئة من البطالة في العراق.

وبعد انهاء كلمات المشاركين والمداخلات عليها قرا الكاتب عدنان حسين احمد البيان الختامي للملتقى الذي اعده عدد من المشاركين لمناقشته مع الحاضرين ويتلخص في: التأكيد على وحدة العراق وتضامن كل الجهود لمحاربة الارهاب والمضي قدما في المصالحة الوطنية وبناء القوات العسكرية على اسس مهنية. ومحاربة الفساد بكل انواعه ورفض التدخل الاقليمي والدولي وحل الميليشيات ومنع المظاهر المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة فقط. واحترام حرية الرأي وحرية العبادة لكل الاديان. وحماية الصحافيين وجدولة انسحاب القوات الاجنبية وتمثيل الاقليات في البرلمان واعادة النظر في المادة 41 وتعزيز دولة القانون. واعلن في نهاية الملتقى عن تأسيس مجموعة (مستقبل العراق) التي لن تكون ذات ابعاد سياسية وستتحرك على المؤسسات الاوروبية والاممية والاميركية لايقاف التدهور في العراق. واعلن ان لقاءات قادمة تشمل العراقيين في اكبر عدد من الدول الاوروبية لايقاف دوامة الفشل في العراق.