موسكو: شهد يوم العاشر من أيلول/سبتمبر الحالي أول زيارة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدولة الإمارات العربية المتحدة. ويبدو من باب المفارقات أن الرئيس الروسي لم يزر حتى الآن هذا البلد العربي الذي يحظى بمثل هذا الإقبال الواسع من جانب المواطنين الروس. ومما يمكن أن يفسر هذا الأمر هو أنه إذا كانت دولة الإمارات تقترن في أذهان المواطنين الروس في التسعينات بتجارة الشنطة والسياحة فقط فإن الحديث يدور اليوم عن التكنولوجيات العالية والعقود الدولية الكبيرة التي تتطلب الدعم من جانب قيادتي البلدين.
وأسفرت الزيارة عن توقيع اتفاقية حكومية حول تسوية مسألة الديون المستحقة على الاتحاد السوفياتي (والبالغة حوالى 600 مليون دولار) وكذلك اتفاقيتين حكوميتين حول التعاون في مجال مكافحة الجريمة وفي مجال النقل الجوي، إضافة إلى مذكرة للتفاهم في ما يتعلق بالتعاون في مجال استثمار الفضاء الكوني للأغراض السلمية. وبموجب الأخيرة ستقوم روسيا في العام القادم بإطلاق قمر صناعي إماراتي لاستشعار الأرض عن بعد من قاعدة بايكونور الفضائية.
وتزامن مع هذه الزيارة عقد منتدى روسي - إماراتي لرجال الأعمال ساهمت في تنظيمه الغرفتان التجاريتان الصناعيتان في البلدين ومجلس الأعمال الروسي الإماراتي المشترك الذي تأسس قبل عامين. وفي حينها صرح رئيس الجانب الروسي في المجلس المدير العام لشركة الخطوط الجوية الروسية quot;آيروفلوتquot; فاليري أوكولوف بأن البلدين quot;تحولا من quot;تجارة الشنطةquot; إلى علاقات عمل ثابتةquot;. وبلغ حجم التبادل التجاري بينهما عام 2005 حوالي 730 مليون دولار. ويسعى البلدان الآن إلى زيادة حجم التبادل التجاري إلى أكثر من مليار دولار. ومن المرجح أنهما سيتمكنان من تحقيق هذا الهدف علمًا أن هذا المؤشر لم يتجاوز في عام 2002 مستوى 250 مليون دولار.
ولا يزال التعاون العسكري - التقني يحتل الحيز الأكبر في العلاقات بين روسيا ودولة الإمارات حيث شهدت فترة السنوات الـ10 الأخيرة عقد اتفاقيات بقيمة مليار دولار في هذا المجال وحده. وجرى في معرض الأسلحة الدولي quot;أيدكس - 2007quot; الذي أقيم في الإمارات في شباط/فبراير الماضي توقيع عقود تسليحية تزيد قيمتها الإجمالية على 50 مليون دولار.
وتبرز إلى مركز الصدارة في مجال التعاون المدني الاستثمارات المتبادلة (وبالدرجة الأولى في مشاريع البناء) والشراكة العلمية - التقنية. وقبيل زيارة الرئيس فلاديمير بوتين وقعت جامعة الإمارات العربية المتحدة اتفاقية تعاون مع جامعة تشيليابينسك الروسية. وتضم المشاريع المشركة افتتاح كلية لعلم البيئة والتطبيقات التحديثية ومركز للغة الروسية والثقافة الروسية في الإمارات، وإنشاء مركز للتعاون العلمي والتقني بين روسيا وبلدان الخليج يقع مقره في الإمارات ليعمل تحت مظلة اللجنة الحكومية الروسية - الإماراتية المشتركة. وسوف تتمثل المهمة الرئيسية لهذا المركز في إيجاد آلية لتسليم التكنولوجيات المتقدمة الروسية من أجل حل المشاكل البيئية القائمة في منطقة الخليج.
وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف سوف يبنى في الإمارات العربية المتحدة مركز للمعارض من شأنه أن يتيح إمكانية التعرف على التكنولوجيات الروسية الحديثة. ويراعي برنامج عمل المركز إجراء بحوث علمية مشتركة بمساهمة خبراء روس وعرب.
ومن شأن المشاريع في المجال العسكري التقني وعلى صعيد التكنولوجيات العالية أن تساعد على تجسيد فكرة ملفتة طرحتها موسكو هي فكرة إيجاد منظومة مشتركة للأمن الإقليمي مع دول الخليج. وهذا يتطلب من روسيا توقيع اتفاقية ضمانات أمنية بما فيها إجراءات الثقة والرقابة على النشاط العسكري مع كل بلد من بلدان المنطقة. وعلى الرغم من أن هذا المشروع ما زال مجرد فكرة إلا أن زيارة بوتين للإمارات العربية المتحدة وكذلك السعودية وقطر في شباط/فبراير الماضي تؤكد إمكانية تجسيدها على أرض الواقع.
التعليقات