تقرير يصدر خلال أيام يرصد حركة الهجرة في بلاد الرافدين

العنف يزيد من وحدة العراقيين والقرويون الأكثر تأثرًا

زيد بنيامين: (يبدو أن الهجرة الداخلية في العراق قد غيرت من وجه هذا البلد) هكذا تبدأ صحيفة نيويورك تايمز حديثها عن الأرقام التي بصدد النشر خلال الفترة القادمة والتي تتحدث عن الهجرة الداخلية في العراق والتي جمعت من قبل عمال الإغاثة العاملين في مختلف المناطق العراقية. الأرقام التي ستكشف حجم الهجرة في بلد يعاني من العنف منذ دخول القوات الأميركية إلى بغداد والتي ستعلن خلال الأسبوع الجاري قد جمعت من قبل هيئة الهلال الأحمر العراقية، وتشير تلك الأرقام إلى أن بغداد وحدها شهدت هجرة 170 ألف عائلة عراقية يصل مجموع التعداد فيها إلى مليون شخص، وذلك من أجل البحث عن الأمان والماء والكهرباء الغائبة عن عاصمة الرشيد أو البحث عن مدارس تعمل وفق نظام ثابت أو للبحث عن عمل.

الأرقام التي ستكشف حجم الهجرة في بلد يعاني من العنف منذ دخول القوات الأميركية إلى بغداد، والتي ستعلن خلال الاسبوع الجاري قد جمعت من قبل هيئة الهلال الأحمر العراقية، وتشير تلك الأرقام إلى أن بغداد وحدها شهدت هجرة ألف عائلة عراقية يصل مجموع التعداد فيها إلى مليون شخص، وذلك من أجل البحث عن الأمان والماء والكهرباء الغائبة عن عاصمة الرشيد أو البحث عن مدارس تعمل وفق نظام ثابت أو للبحث عن عمل.

وتضيف تلك الأرقام أن العائلات قد انتقلت لمرتين أو ثلاث أو أكثر خلال هجرتها، ولم تستقر في مكان واحد، وأن هاجس الهجرة الأولى هو الهروب إلى الامان وهاجس الهجرة الثاني يكون بناء على دراسة تلك العوائل المهاجرة للخدمات التي تقدمها لهم المدن او وجود المدارس التي قد يبنى عبرها مستقبل اطفالهم او للحاق بجيران من الطائفة العرقية نفسها.

وتؤكد الدراسة أنه على الرغم من quot;الحرب الطائفيةquot; الدائرة في الخفاء في البلاد، إلا أن هناك بعض العراقيين يفضلون العيش في مناطق مختلطة حيث الشيعة والسنة والأكراد، وبناءً على ذلك فإنه من الصعب تقسيم البلاد إلى مناطق خالصة لكل اثنية أو عرق.

واعتمدت جمعية الهلال الاحمر العراقية في ارقامها على بيانات جمعت من قبل آلاف من عمال الاغاثة المنتشرين في البلاد حيث يعمل هولاء على تزويد المساعدات لنحو 280 الف عائلة عراقية منتشرة في مناطق امنة من هذا البلد.

ويقول التقرير إنه منذ استهداف مرقدي الإمامين في سامراء في شباط/فبراير 2006 فإن الفصل على أساس الطائفة ازداد بحدة في العراق حيث بدأ السنة في الانتقال نحو الشمال والغرب والشيعة إلى الجنوب أما المسيحيون فقد انتقلوا الى الشمال ولكن الصورة تكون اكثر تعقيدًا في المناطق التي تشهد مجتمعات مختلطة من السنة والشيعة او المسلمين والمسيحين.

وما يركز عليه التقرير أيضًا على أن حركة الهجرة لا تقسم بغداد بالضرورة الى جزئين رئيسين حول بغداد، حيث يفترض أن يستقر السنة في الغرب والشيعة في الشرق، ولكن الحاصل أن السنة ينتقلون إلى الأماكن الشيعية حيث الامور اكثر هدوئًا والاختلاط بين الاطياف العراقية اكثر وافضل وفق تعبير الهلال الاحمر العراقي.

ولعل ابرز مثال على ذلك، احدى العشائر العراقية التي تتكون من 250 عائلة كانت تستقر في الدورة غرب بغداد وهي واحدة من أكثر الأماكن عنفًا في بغداد قد قررت الإنتقال إلى جنوب بغداد مرغمة وبالتحديد إلى ابو دشير، وهي منطقة شيعية على الرغم من أن القبيلة سنية، وقد تم الترحيب بها من قبل العشائر المحلية وقد أعطيت الأماكن لتستقر فيها واعتمد التقرير في هذه الحادثة على تقارير الهلال الاحمر العراقي وافراد من منظمة الهجرة الدولية وهي منظمة غير رسمية.

لكن على الرغم من ذلك، فإن بعض العراقيين لا يجدون مفرًا من الانتقال الى بغداد كما يحدث لسكان القرى في ديالى حيث تتواجد القاعدة في بلاد الرافدين بكثرة وبقوة في هذه المنطقة، لكن نهايتهم تكون الاستقرار في مخيمات للاجئين في العاصمة العراقية أو حولها.

ويعتقد القائمون على التقرير أن حركة الهجرة الكبيرة تنبئ عن مصاعب جمة في المستقبل، وان الهجرة قد طالت كل العراقيين مهما كان دينهم او طائفتهم او مستوى دخلهم او المنطقة التي كانوا يعيشون فيها، ولكن اكثر ضحايا هذه الهجرة هم من القرويين الفقراء الذين يزدادون فقرًا ويعيشون في مخيمات متهالكة ويكون الموت مصير الكثير منهم كما يقول الدكتور سعيد حقي رئيس جمعية الهلال الاحمر العراقية والذي يضيف quot;انها مأساة، مأساة بكل ما في الكلمة من معنى، لقد عملت جراحًا طوال عمري وقد رايت الموت عدة مرات ولم يخيفني شيء لم يهزني في شيء ولكن حينما رأيت الحصيلة في العراق، فإن الأمر شكل كارثة بالنسبة إليquot; مضيفًا quot;كيف يمكن لإنسان أن يدع أخيه الانسان يعاني طوال هذه الفترةquot;.

وكان تصاعد حركة الهجرة في العراق خلال الصيف قد اجبر الهلال الاحمر العراقي على تأخير اصدار تقريره لعشرة ايام حيث اجرت الجمعية تدقيقًا لكل ارقامها وفق ما صرح به الدكتور حقي وأن الارقام بنيت على بيانات جمعت من 130 مكتبًا للهلال الاحمر في العراق 43 منها في بغداد من قبل 95 الف متطوع يعمل في الجمعية.

وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، أكدت أن الارقام مبالغ فيها حسب تصريح ادلة به ستار نوروز المتحدث باسم الوزارة مضيفًا quot;هذه الارقام لا نعتبرها ارقام رسميةquot; ويؤكد أن الحكومة نجحت عبر خطتها لفرض القانون في اعادة الكثير من العائلات الى الاماكن التي هجروا منها وخصوصًا مع زيادة عديد القوات الاميركية في البلاد. ولم يجد نوروز مفرًا من القول إن في الوزارة 600 موظف فقط يتابعون حركة الهجرة داخل البلد.

الوزارة العراقية لا تقوم بمتابعة المهاجرين بل تتركهم يأتون إليها ويدخلون في مسيرة طويلة من البيروقراطية وتعبئة الإستمارات التي لا تنتهي.

ويحتوي التقرير على إشارات إلى عودة العراقيين من الأردن وسوريا بسبب تشديد متطلبات الاقامة، إضافة الى استقرار الأمور في الانبار شجع عودة العوائل السنية إليها من جديد بعد أن بدأت العشائر تقاتل حركة القاعدة في بلاد الرافدين والتي تقول تقارير استخبارية اميركية إن قيادة القاعدة الآن في العراق تتكون بصورة اساسية من العرب بعد تخلي العراقيين عنها.

ويعتقد أن حركة العودة من الأردن وسوريا ستزداد خلال شهري أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر مع قرب بدء المدارس في العراق، ولكن غالبية العراقيين يجدون حين عودتهم أن منازلهم قد سرقت أو تم احتلالها وبهذا ينضمون إلى قافلة الناس اليائسين من تحسن الوضع في هذا البلد.