دبي: دعت منظمة quot;هيومان رايتس ووتشquot;(HRW) المعنية بمراقبة حقوق الإنسان في العالم، الرئيس الأميركي جورج بوش، إلى بحث قضايا الإنتهاكات الإنسانية مع القادة السياسيين بمنطقة الشرق الأوسط الذين يتوقع أن يلتقي بهم قريباً. وقال نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة، جوي ستورك: quot;يجب أن يستغل الرئيس بوش اجتماعاته مع قادة الشرق الأوسط، للتشديد على أهمية حماية حقوق الإنسان، للوصول إلى الشعور بالأمن الحقيقيquot; في المنطقة. وكان البيت الأبيض قد أعلن أن الرئيس الأميركي سيقوم بجولة مكوكية في الشرق الأوسط الشهر الجاري، في زيارة تهدف إلى مواصلة الضغط بهدف تظهير نتائج مؤتمر أنابوليس للسلام.

وتنطلق الجولة في الثامن من يناير/ كانون الثاني الجاري، وتنتهي في السادس عشر من الشهر عينه، يبدأها من إسرائيل والضفة الغربية (السلطة الفلسطينية)، ثم ينتقل بعد ذلك الى الكويت والبحرين والامارات والسعودية، ويختتم جولته بزيارة مصر. وفيما أشارت quot;هيومان رايتسquot; إلى أن الرئيس بوش، ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس، دعيا مراراً قادة المنطقة إلى التخلي عن quot;السياسات القمعيةquot;، واتباع quot;سياسات أكثر انفتاحاًquot;، إلا أن التقرير ذكر أن الإدارة الأميركية quot;تلتزم بالصمتquot; إزاء انتهاكات تجري حالياً في عدد من الدول التي سيزورها.

وأوضحت المنظمة، التي تتخذ من مدينة نيويورك مقراً لها، أن قادة تلك الدول يبررون العديد من وقائع انتهاكات حقوق الإنسان التي يتم رصدها في بلدانهم، بأنها تجري quot;لدوافع أمنية.quot; وعرض تقرير أصدرته المنظمة، بمناسبة الجولة المرتقبة للرئيس الأميركي للشرق الأوسط، لعدد من الانتهاكات التي رصدتها مؤخراً في الدول التي ستشملها الجولة بالمنطقة.

إسرائيل

فقد انتقد التقرير الحصار الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية على العديد من المناطق الفلسطينية، خاصة في قطاع غزة، إضافة إلى القيود التي تفرضها على تحركات سكان الضفة الغربية والقدس الشرقية، والتي تحول أيضاً دون وصول الاحتياجات الأساسية للفلسطينيين بتلك المناطق.

وأشار التقرير إلى التهديات المتكررة من قبل السلطات الإسرائيلية بقطع التيار الكهربائي عن قطاع غزة، والذي يشهد quot;مأساة إنسانيةquot;، يعاني منها نحو 1.2 مليون شخص ممن يعيشون بهذا القطاع.

ودعت المنظمة الرئيس بوش إلى ضرورة حث رئيس الحومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، إلى ضرورة إنهاء هذا الحصار، ومنح الفلسطينيين حرية الحركة بين الأراضي الفلسطينية المحتلة.

واتهمت المنظمة في تقرير سابق، الجيش الإسرائيلي بـquot;استخدام المدنيين الفلسطينيين كدروع بشريةquot;، خلال العمليات العسكرية، مشيرة إلى أن قواتها (الإسرائيلية) أجبرت ثلاثة فلسطينيين، على الأقل، على المساعدة في التفتيش عن مشتبهين خلال عملياتها في مدينة نابلس بالضفة الغربية.

كما أوضحت في تقرير آخر، أن محصلة الضحايا الفلسطينيين تزايدت عقب تضييق إسرائيل مساحة المنطقة الفاصلة، التي تفصل بين مدى مدفعيتها والمناطق المدنية، وتصعيد عمليات القصف على قطاع غزة، عقب تولي حركة المقاومة الإسلامية quot;حماسquot; مقاليد السلطة.(المزيد)

الضفة الغربية:

كما أشارت المنظمة إلى أنه منذ أن فقدت السلطة الفلسطينية السيطرة على قطاع غزة، والذي أعلنت حركة quot;حماسquot; سيطرتها عليه في يونيو/ حزيران 2007، فقد شنت قوات الأمن التابعة لحركة فتح، سلسلة من الاعتقالات شملت العشرات من أنصار حماس بالضفة الغربية.

كما قالت المنظمة أن حركة حماس، هي الأخرى، مسؤولة عن حملة اعتقالات مماثلة ضد أعضاء فتح في قطاع غزة، الذي يشهد مواجهات متكررة بين أكبر فصيلين فلسطينيين، أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من الجانبين.

ودعت quot;هيومان رايتسquot; الرئيس الأمريكي إلى مناقشة هذه quot;الانتهاكاتquot; مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الذي من المقرر أن يلتقيه في quot;رام اللهquot; بالضفة الغربية، خلال جولته المقبلة.

البحرين:

إلى ذلك، ذكر تقرير المنظمة أنه رغم إعلان ملك البحرين، الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، ومسؤولين آخرين أن البلاد تسير بخطى راسخة، إلا أن هناك مؤشرات تدل على استمرار quot;حملات القمعquot;، ضد معارضين للنظام السياسي في أحدث ممالك الخليج.


العمال يواجهون خطر الترحيل لمجرد المطالبة بحقوقهم ''المسلوبة''

وأشارت المنظمة، إلى أن السلطات البحرينية قامت مؤخراً باعتقال اثنين من ناشطي المعارضة، بسبب مطالبتهما بـ quot;التغيير السياسي السلميquot;، مضيفة أن المعتقلين تم توقيفهما، إثر مطالبتهما بمقاطعة الانتخابات الأخيرة التي جرت في البلاد.

ووجهت في السنوات الأخيرة، العديد من الانتقادات إلى السلطات البحرينية، على خلفية quot;تقييد الحريات العامة،quot; من قبل جمعيات عديدة، منها quot;صحفيون بلا حدودquot;، خاصة بعد قرار حل جمعية quot;مركز البحرين لحقوق الإنسانquot;، كما وجهت تهم تتعلق بوجود سجناء سياسيين يُساء معاملتهم.

ويرى مراقبون أن البحرين تخشى خطر استهداف أمنها، بسبب وجود قاعدة quot;الجفيرquot; الأمريكية فيها، والتي تضم آلاف الجنود، وتعتبر مركز قيادة الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، الذي يشمل نطاق عمله عموم منطقة الخليج، إضافة إلى تمتع الجيش الأمريكي بتسهيلات في موانئ ومطارات المملكة.

دول الخليج:

من جانب آخر، أشارت quot;هيومان رايتسquot; إلى قضية انتهاك حقوق العمال الأجانب بعدد من الدول الخليجية، من بينها المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والكويت، والبحرين، والتي يعاني بها ملايين العمال الوافدين من آسيا، من مشكلات تتعلق بحقوقهم المالية، وسوء ظروف العمل.

كما أشار التقرير إلى تعرض بعض هؤلاء العمال إلى مضايقات أمنية وتحرشات جنسية، إضافة إلى الإضطهاد من قبل رؤسائهم في العمل، خاصة من مواطني تلك الدول الخليجية.

وأفاد تقرير سابق للمنظمة بأن حكومات دول الخليج، بما فيها الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، quot;فشلت في وقف الانتهاكات والإساءات الخطيرةquot;، التي تتعرض لها العمالة الآسيوية المنزلية، وبخاصة الخادمات الوافدات من سريلانكا.

المملكة العربية السعودية:

كما أكد التقرير أن معايير احترام حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية quot;ما زالت فقيرةquot;، مشيرة إلى أن السلطات لم تتخذ أية quot;خطوات مهمةquot; خلال العام 2007، نحو مزيد من الإصلاحات بالمملكة، بل صعدَت من حملاتها ضد ناشطين يطالبون بتغييرات سياسية بالطرق السلمية.

وبالإضافة إلى العديد من الأسماء التي أوردها تقرير quot;هيومان رايتسquot; لأشخاص اعتقلتهم السلطات السعودية مؤخراً، برز اسم المدون quot;البلوغرquot; على شبكة الانترنت، فؤاد الفرحان، الذي ما زال قيد الاعتقال، رغم تأكيد مسؤولي وزارة الداخلية السعودية أنه لم يرتكب أي quot;مخالفات أمنية.quot;

وكانت واشنطن قد عبرت في وقت سابق من هذا الأسبوع عن quot;انزعاجهاquot;، بسبب استمرار اعتقال الفرحان، والذي ألقت قوات الأمن السعودية القبض عليه في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وفي تقرير سابق، أبدت المنظمة امتعاضها الشديد لما وصفته بـquot;الحملة المنظمة التي تقوم بها السلطات السعوديةquot;، ضد أبناء quot;الطائفة الأحمديةquot; الموجودين على أراضيها، من الرعايا الهنود والباكستانيين.(التفاصيل)

وذكرّت المنظمة بالتعهدات التي قدمتها الرياض للولايات المتحدة في وقت سابق، بشأن ضمان احترام حقوق الإنسان، وخاصة حرية العقيدة، مقابل عدم قيام واشنطن بفرض أي عقوبات على المملكة، بسبب سجلها في هذا المجال.

ودعت quot;هيومان رايتسquot; الرئيس الأمريكي إلى حث العاهل السعودي، الملك عبد الله بن عبد العزيز، على العمل من أجل إطلاق سراح النشطاء السعوديين المعتقلين بسجون المملكة، من بينهم المحاميان عصام البصراوي، وعبد الله الحميد، إضافة إلى القاضي السابق سليمان الراشودي، فضلاً عن البلوغر فؤاد الفرحان.

الإمارات العربية المتحدة:

وكذلك، فقد ألقى تقرير quot;هيومان رايتسquot; الضوء على بعض قضايا حقوق الإنسان بدولة الإمارات العربية المتحدة، في مقدمتها قضية حقوق العمال، مشيرة إلى أن قانون العمل بالدولة الخليجية، يتضمن العديد من الثغرات، التي يستغلها أصحاب الأعمال لحرمان العمال الأجانب من حقوقهم، إضافة إلى منعهم (العمال) من تشكيل تجمعات نقابية، أو التقدم بعقود عمل جماعية، أو حقهم بتنظيم الإضراب.

ونددت المنظمة، في تقرير سابق، بقرار حكومة إمارة دبي ترحيل آلاف العمال الأجانب الذين شاركوا في إضراب للمطالبة بحقوقهم، واصفة القرار بأنه quot;مخالفة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان وأنظمة العمل.quot;

وطالبت المنظمة بصون حقوق هؤلاء العمال، الذين يفوق عددهم 1.3 مليون شخص، مما يتعرضون له من ممارسات تخالف الأنظمة الدولية، مثل حجز جوازات سفرهم ومرتباتهم، التي غالباً ما تتآكل تحت وطأة انعدام وجود حد أدنى للأجور.

مصر:

كما أشار تقرير quot;هيومان رايتسquot; إلى تراجع السلطات المصرية خلال العام 2007، عن وعودها السابقة بتوسيع الممارسات الديمقراطية، وضمان حرية التعبير، وحرية التجمعات، حيث تواصلت عمليات اعتقال الصحفيين والكتاب ومدوني الانترنت، الذين ينتقدون سياسات الحكومة، إضافة إلى إغلاق عدد من المنظمات الحقوقية.

وذكر التقرير أن السلطات المصرية لجأت إلى اعتقال الآلاف من أنصار جماعة quot;الإخوان المسلمينquot;، بعد التفوق quot;غير المسبوقquot;، الذي حققته الجماعة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فيما قدمت 40 من قادة الإخوان للمحاكمة أمام محكمة عسكرية.

وقال التقرير إن الرئيس بوش يجب أن يوضح نظيره المصري حسني مبارك، أن العلاقات الأمريكية - المصرية quot;يمكن تعزيزها فقط في حالة إذا ما تخلت الحكومة المصرية عن ممارساتها القمعية ضد منتقدي سياساتها بالطرق السلمية.quot;

كما دعت بوش إلى حث مبارك على إعادة فتح quot;مركز المساعدة القانونية لحقوق الإنسانquot;، وquot;دار الخدمات النقابية والعماليةquot;، إضافة إلى عدد من المراكز الحقوقية الأخرى، التي قررت السلطات المصرية إغلاقها مؤخراً.