عقبات على طريق خطة عربية لانهاء أزمة لبنان

بيروت: لا يتوقع أحد ان تنجح الخطة التي أقرتها الحكومات العربية يوم الاحد الماضي لانهاء الازمة الدستورية في لبنان الا اذا حازت على رضاء كافة الفصائل اللبنانية التي من المتوقع ان تجادل على كل شيء باستثناء اختيار العماد ميشال سليمان قائد الجيش رئيسا للبنان.

وعلى الرغم من ان سليمان لم ينتخب حتى الان رئيسا للبنان لشغل المنصب الشاغر منذ يوم 23 نوفمبر تشرين الثاني الا انه حظي بتأييد الحكومات العربية التي طالبت بتشكيل حكومة وحدة وطنية لا يستطيع أي طرف فيها تمرير أو اسقاط قرار بدون موافقة الطرف الاخر كما تقضي بأن يكون سليمان هو المرجح لصدور القرارات الحكومية ليحقق التوازن المطلوب بين الاغلبية النيابية في لبنان المناهضة لسوريا والمعارضة المؤيدة لدمشق بقيادة حزب الله.

ومن المنتظر ان يصل عمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية الى العاصمة اللبنانية بيروت هذا الاسبوع في مسعى لتمرير الخطة بين الاوساط السياسية اللبنانية التي عطلت من قبل جهود وساطة عربية وفرنسية.

وأعلنت سوريا والمملكة العربية السعودية وهما قوتان اقليميتان على غير وفاق وتساند كل منهما طرفا مغايرا من طرفي الصراع في لبنان تأييدهما للخطة التي اتفق عليها في العاصمة المصرية القاهرة لكن السياسيين والمحللين يقولون ان هذه مجرد البداية.

وقال اسامة صفا مدير المركز اللبناني للدراسات السياسية quot;انا لا احبس انفاسيquot; مشيرا الى وعود سابقة لم تحترم.

واستطرد quot;المشاكل اكثر تعقيدا من ان يقول السوريون فقط حسنا سنسمح للاعلان العربي بالمرور.quot;

وذكر ان سوريا وهي القوة الاقليمية الرئيسية التي تؤيد المعارضة في لبنان وافقت على الخطة رغم انها لم تعط المعارضة صراحة حق النقض (الفيتو) ضد قرارات الحكومة لانها لا تريد ان تبدو كمن يضع العصي في الدواليب وهي تستعد لاستضافة القمة العربية في دمشق في مارس اذار لكنها في الوقت نفسه لن تضغط على حلفائها في لبنان لتقديم تنازلات أو القبول بحلول وسط.

وجاء رد فعل حزب الله الشيعي المسلح الذي يشكل محور المعارضة اللبنانية وتدعمه سوريا وايران على الخطة العربية أكثر حذرا ولم يتخل عن مطالبته بحق نقض قرارات الحكومة.

وتقول المحللة السياسية في مركز كارنيجي للشرق الاوسط في بيروت امل سعد غريب quot;لا اعتقد ان المعارضة تستطيع ان تتراجع عن ذلكquot; مشيرة الى ان زعيم حزب الله حسن نصر الله كان قد أعلن ان حق النقض مطلوب لابطال المخططات الامريكية في لبنان.

وأضافت quot;نحن لا نتحدث عن ارقام من اجل مشاركة سياسية وانما عن رؤى استراتيجية ازدادت اهميتها بالنسبة لحزب الله وسوريا وايران.

quot;المسألة هي توجه لبنان السياسي وهويته وفوق كل شيء سلاح حزب الله.quot;

ويبدو مصير لبنان دوما مرهونا بصراع أوسع نطاقا تقف فيه سوريا وايران ضد واشنطن وحلفائها العرب. ويتهم كل جانب الاخر بتعطيل الاتفاق بين اللبنانيين.

وأشارت المحللة السياسية الى ان سوريا تتمتع بنفوذ محدود على حزب الله ولا تتمتع بأي نفوذ على زعيم المعارضة المسيحي ميشال عون وانها لن تغامر باحداث انقسام داخل صفوف المعارضة اذا ضغطت بشدة لصالح الخطة العربية.

ويتحالف عون الآن وهو قائد سابق للجيش قاتل يوما القوات السورية في لبنان مع حزب الله وحركة أمل الشيعية الموالية لسوريا التي يتزعمها نبيه بري رئيس البرلمان.

ويقول عون انه مازال يعارض النفوذ السوري في لبنان لكنه يشارك حليفيه الشيعيين عزمهما على منع التكتل السني الدرزي المسيحي الذي تدعمه الولايات المتحدة والسعودية بقيادة رجل الاعمال الثري سعد الحرير من احتكار السلطة.

ودعا بري البرلمان اللبناني للانعقاد يوم السبت القادم للقيام بمحاولته الثانية عشرة لانتخاب رئيس للبنان لكن تأجيل الانتخاب يبدو حتميا ما لم يظهر قبل الجلسة اتفاق سياسي مفاجيء.

وبدأت الازمة السياسية اللبنانية منذ أكثر من عام. فالرئاسة كانت تعمل بالكاد حتى من قبل ان يترك اميل لحود الموالي لسوريا منصب الرئاسة في 23 نوفمبر. اما الحكومة فهي عرجاء ويقول خصومها انها غير شرعية. والبرلمان لم يجتمع.

وقال النائب غسان مخيبر وهو عضو في مجموعة عون في البرلمان لرويترز quot;هذه الازمة لها اثار مدمرة على لبنان. يجب ان يكون لدينا رئيس وحكومة بسرعة. لا تستطيع البلاد ان تستمر بهذا الجمود.quot;

وصرح بأن الخطة العربية متوازنة وانها وضعت مشاغل الطرفين في الاعتبار لكنها لا تعتبر حتى الان نهائية.

وتحدث عن انفراجة محتملة quot;لانه يبدو ان العناصر الاقليمية التي تؤثر او تعيق انتخاب الرئاسة قد تمت معالجتها ولكن يجب على اللاعبين المحليين تظهير التفاصيل خصوصا عون الذي لن يكون خاضعا لتأثير سوريا او ايران المباشرينquot;.

ومن جانبه أعرب أيضا غسان تويني ناشر صحيفة النهار ونائب الاغلبية البرلمانية المناهضة لسوريا عن تفاؤله بامكانية نجاح الخطة العربية في نهاية المطاف لتمتعها بتأييد اقليمي وتشجيع ايران وقطر السوريين على قبولها.

لكنه حذر من بعض الصعاب قائلا quot;لكن هناك صعوبات. حزب الله لم يكن طرفا في الاتفاق وهم مترددون في الاعتراف بان سوريا تستطيع الزامهم به لذك هم يحاولون اعادة طرح مطالبهم التي اعتقد انها لن تكون مقبولة.quot;

وتنتظر المعارضة اللبنانية وصول الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت غدا الاربعاء قبل أن تصدر موقفها النهائي من الخطة العربية لحل الازمة اللبنانية.

ونقل موقع قناة quot;العالمquot; الاخباري عن رئيسعون ترحيبه بأية مبادرة لحل الأزمة الرئاسية اللبنانية، رافضا في الوقت نفسه التعليق على أي فرضيات quot;غير الفرضية التي سيعطيها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عندما يزور بيروتquot;.

وقال عون: quot;لا جديد في المبادرة من ناحية المبادئ العامة لكن العبرة هي في الإخراجquot;.

وأكد عون أن quot;الضمانة الوحيدة والأكيدة هي التي نعطيها نحن اللبنانيون لبعضنا البعضquot; مستغربا لجوء الأكثرية التي اتهمها بـ quot;ممارسة سلوك سلبيquot; الدائم الى الخارج ومتسائلا: quot;أين شعارات السيادة والحرية والاستقلال من كل ذلك ؟quot;.

وكان موسى أعلن أن وزراء الخارجية العرب اتفقوا في اجتماعهم الطارئ يوم السبت الماضي على خطة عربية متكاملة لحل الازمة اللبنانية الداخلية التي تعرقل انتخاب رئيس للبلاد . وتتمثل الخطة في ثلاث نقاط أولها الترحيب بتوافق مختلف الفرقاء اللبنانيين على ترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان لمنصب رئاسة الجمهورية والدعوة الى انتخابه وفقا للاصول الدستورية.

وتتمثل النقطة الثانية في الاتفاق الفوري على تشكيل حكومة وحدة وطنية تجري المشاورات لتأليفها طبقا للاصول الدستورية على ألا يتيح التشكيل ترجيح قرار او اسقاطه بواسطة أي فريق ويكون لرئيس الجمهورية بعد اختياره كفة الترجيح في حال اختلاف الآراء.

وثالثا ضرورة بدء العمل على صياغة قانون جديد للانتخابات في لبنان فور انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة لتجنب الوقوع في مثل هذه الازمة مستقبلا.

ساركوزي : طريق استقلال لبنان طويل
اكّد الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي خلال مؤتمر صحافي عقده في قصر الاليزيه أنّ طريق استقلال لبنان طويل، معلناً أنه لم يأسف لفتح قنوات اتصال مع سوريا مشيرا الى إن بلاده تؤمن بديمقراطية المصالحة مع الدول ومنها سوريا.

وكان ساركوزي قد أقام مأدبة غداء على شرف رئيس كتلة المستقبل النيابية النائب سعد الحريري، عرضا خلالها للاوضاع في لبنان.

وقد غاب ملف الإنتخابات اللبنانية عن تصريح الرئيس الفرنسي الذي تطرق فقط عن استقلال لبنان خلال حديثه عن التنوع قائلاً إن لبنان مثال التنوع.

وقد خصص ساركوزي وأمام نحو 600 صحافي في قصر الإليزيه مؤتمره الصحافي للدفاع عن سياسيته الداخلية من دون أن ينسى التطرق إلى الأحداث السياسية في المنطقة.