لم يعطها ما طلبته ولم يشاورها في خليفته لقيادة الجيش
المعارضة لم تعد متحمسة لترئيس سليمان على لبنان
إيلي الحاج من بيروت: لم تعد قوى المعارضة الحليفة لسورية في لبنان متحمسة لترئيس قائد الجيش العماد ميشال سليمان على الجمهورية، وعبرت عن منحاها الجديد هذا في مناسبات متعددة في الأيام الماضية، بعدما كانت قد كتمت مدى أسابيع علامات الإستفهام التي تراكمت في أذهان أركانها حيال ترشيحه كمرشح توافقي يحظى بتأييد كل الأطراف، بعدما كان أقرب إلى المعارضة، وترفض ترئيسه قوى الغالبية أو الموالاة لاعتبارات قربه من المعارضة، وكانت تتذرع بصفته العسكرية التي تستوجب تعديلاً دستوريًا، وبأن لبنان خبر تجربة قائدين للجيش وصولهما إلى قصر بعبدا هما ميشال عون وإميل لحود ولم تكن مشجعة. وثمة أكثر من سبب وراء عدم حماسة المعارضة المستجدة حيال العماد سليمان. أول هذه الأسباب تبين أن قرار قوى الغالبية تأييد ترشيحه مرشحًا توافقيًا لم يكن مفاجئًا له، بل إن ثمة اتصالات سبقته قادتها في شكل خاص الدبلوماسية المصرية بتوجيه مباشر من القاهرة ومرت من دون شك بالمملكة العربية السعودية وصولاً إلى حلفاء هذين البلدين في لبنان من قوى 14 آذار/ مارس. في حين كانت سورية وتاليًا quot;أصدقاؤهاquot; في لبنان غائبين كليًا عن حركة هذه الإتصالات واقتصر دورهم على quot;التفاجؤquot; بإنقلاب قوى الغالبية من قائد الجيش من رافض بل متحفظ إلى داعم ومتحمس لترشيحه.
ولم يكن في قدرة قوى المعارضة أن ترفض عرض ترئيس قائد الجيش الذي كانت تعتبره أحد مرشحيها، خصوصًا أنه الممسك بأمن البلاد عبر الجيش الخارج منتصرًا من معركة ضخمة ومكلفة مع قوى الإرهاب في مخيم نهر البارد، فضلاً عن أنه سلف quot;حزب اللهquot; كثيرًا بوقوفه بجانبه في حرب تموز/ يوليو 2006 ودفع نحو 50 شهيدًا قتلوا بالغارات الإسرائيلية نتيجة هذا الموقف . كما أنه أصر على خروج لائق بالحد الأدنى للجيش السوري من لبنان، عندما اضطرت القيادة السياسية في دمشق لسحبه من لبنان بعد 30 عامًا من التمركز فيه تحت ضغط قرار مجلس الأمن والغضبة الدولية والعربية التي انصبت على النظام السوري، إثر اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري عام 2005.
ثاني هذه الأسباب ما ظهر بعد اغتيال رئيس غرفة العمليات في قيادة الجيش اللواء الركن فرنسوا الحاج ، إذ تبين إستنادًا إلى تصريح لوزير الدفاع الوطني الياس المر الشديد القرب من قائد الجيش أو quot;الرئيس مع وقف التنفيذquot; العماد سليمان، أن اللواء الحاج لم يكن مرجحًا توليه قيادة الجيش بعد انتخاب سليمان فحسب، بل أكثر من ذلك كان الموضوع محسومًا. وأضاف أن رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة ورئيس كتلة quot;المستقبلquot; النائب سعد الحريري quot;كانا في أجواء quot; هذا القرار. لكن قوى المعارضة، لم تكن على علم ، مما عزز الريبة وزاد علامات الإستفهام التي تطرحها. علمًا أن الأمين العام لـ quot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله كان قد أعطى في أحد تصريحاته أهمية قصوى لاسم قائد الجيش في العهد الجديد، وكذلك لأسماء بقية قادة الأجهزة الأمنية quot;لضرورة الإطمئنان إلى حماية المؤسسة الوطنية ( الجيش) وعقيدتها المعادية لإسرائيل ولحماية المقاومةquot;.
وعلمت quot;إيلافquot; أن اجتماعًا عقد في الأيام الماضية بين العماد سليمان والوزير السابق حليف دمشق التاريخي سليمان فرنجية انتهى سلبيًا. وقد تكلم فرنجية من وحي هذا اللقاء ليل الأربعاء في حديث تلفزيوني صاخب عن قائد الجيش، قال ما فحواه انquot; موقف العماد سليمان في المرحلة الأخيرة لم يكن في المستوى المطلوب، وهو لم يحسن التصرف مع الجنرال عون الذي أبدى كل استعداد لدعم وصوله الى الرئاسة ولم يقابل بالمثلquot;.
ومع كلام فرنجية تكون الانتقادات في اوساط المعارضة للعماد سليمان تظهر للمرة الأولى على المستوى السياسي بعدما كانت ظهرت على المستوى الاعلامي، وترددت همسًا وتلميحًا في الدوائر والمجالس السياسية المقفلة. وفي ما يأتي نموذج لانتقادات المعارضة وردًا في صحيفة quot;الأخبارquot; التي تعبر عن توجهات quot;حزب اللهquot;: quot;تبين لسوريا ان الاتفاق المطلوب مع فرنسا كان يحتاج الى تفسيرات والى آلية واضحة، وكان المطلوب في هذه الحالة التوصل الى التزامات يجب ان يأتي بعضها من المرشح للرئاسة ميشال سليمان، لكن الأخير فاجأ الجميع. رفض سليمان ادارة علاقة جدية وناضجة مع الجنرال عون، وأعرب عن خيبته لأن في المعارضة من لم يثق به، وأكد لرئيس المجلس نبيه بري انه لن يتورط في التزامات مسبقة. وقال لقيادات عدة من المعارضة انه غير قادر على تقديم ضمانات قبل توليه الرئاسة. وعندما أحرجه بعضهم في الحديث عن تصوره للأدوار اللاحقة وعن تقديره لهوية من يجب ان يتولى هذه الوزارة الحساسة او تلك، بدا سليمان غير راغب في الدخول في التفاصيل، لكنه لم ينف انه يحتفظ لوزير الدفاع الياس المر بموقع خاص. كان الحديث يدور حول تولي المر وزارة الداخلية على قاعدة انه محايد، وان هذا يوفر الاطمئنان لقوى المعارضة، لكن العماد سليمان سمع كلامًا واضحًا من قيادات رئيسة في المعارضة بأن الفيتو الأول الذي سيعوق المشروع كاملاً هو الفيتو على تولي المر وزارة الداخلية.
وأكثر من ذلك، بدأت أزمة الثقة بين جهات بارزة في المعارضة وقائد الجيش تتعاظم. لم يكن كافيًا ان يقول سليمان كلامًا عامًا على سلاح المقاومة والديمقراطية والتوازن، بل خرج من يدعوه، ولو بصوت خفيض، الى الابتعاد فعلاً عن التجاذب السياسيquot; ( حول سلاح quot;حزب اللهquot;) . لكن ثمة أسبابًا أخرى تستدعي التأمل مليًا ، أحدها عبر عنه أحد المسؤولين البارزين في quot;حزب اللهquot; في مجلس خاص قائلاً إن العماد سليمان quot; كسر كلمة quot; السيد نصرالله عندما هاجم تنظيم quot;فتح الإسلامquot; داخل مخيم نهر البارد رغم أن السيد كان قد صرح إن دخول المخيم quot;خط أحمرquot;. وعندما قيل له إن موقف نصرالله صدر بعدما كان سقط للجيش 70 قتيلاً ولم يعد يستطيع التراجع لم يرد. وأحد هذه الأسباب أيضًا يتعلق بمصير الحليف الرئيس لـ quot;حزب اللهquot; الجنرال عون شعبيًا وسياسيًا بعد أن يصل قائد الجيش إلى الرئاسة. وفي الإنتظار انتقل الرجل بدوره إلى الضغط على الجميع بمجرد لفتة إلى شعوره بأن بين يديه quot;قنبلة موقوتة( لبنان) يحاول العمل على منع انفجارهاquot;.
التعليقات