صوفيا:
على الرغم من مرور خمسة أيام على إنتهاء الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لجمهورية بلغاريا فان ردود الفعل والتعليقات الإيجابية أو السلبية ما زالت مستمرة إذ يرى العديد من المراقبين أن تداعيات الزيارة ونتائجها سوف تظهر بشكل مرحلي وتدريجي. ورأى استاذ العلوم السياسية بجامعة صوفيا البروفسور تشفدار بوبوف ان تباين ردود الفعل على الزيارة سببها الاختلاف حول تفسير النوايا الروسية والشكوك الكبيرة بان روسيا تسعى مجددا الى فرض هيمنتها وسيطرتها على حليفتها الشيوعية السابقة من خلال تحكمها بسوق الغاز الطبيعي والبترول الموجه الى الدول الاوروبية عبر بلغاريا. واضاف لوكالة الانباء الكويتية (كونا) انه ربما لهذا السبب حرص الرئيس البلغاري جوروجي بارفانوف على اعطاء نظيره الروسي اشارات توضح بأن هناك بعدا جديدا فى العلاقات الروسية البلغارية يختلف عن علاقات البلدين ابان الحقبة الشيوعية وخصوصا في الكلمة التي القاها في الاحتفال بمناسبة بداية عام روسيا في بلغاريا ومرور 130 عاما على تحرير بلغاريا من الاحتلال التركي العثماني بمساعدة القوات الجيش الروسي بعد الحرب التركية الروسية 1877 -1878.

من جانبه قال المحلل السياسى البلغاري افجيني داينوف ل(كونا) ان ردود الفعل المضادة لزيارة بوتين قد يكون مبررها عائدا الى ان بلغاريا التي تتمتع الان بعضوية حلف شمال الاطلسي (ناتو) وعضوية الاتحاد الاوروبي كانت في الماضى القريب اقرب واخلص حلفاء موسكو حتى ان هذا التحالف وصل الى حد ان يقترح الرئيس الشيوعي البلغاري الاسبق تودور جيفكوف بان تصبح بلغاريا الجمهورية 16 للاتحاد السوفييتي السابق. واضاف ان بعض القيادات والقوى اليمينية رأت في الزيارة التي طرح خلالها مشاريع اقتصادية الكبيرة مرتبطة بالطاقة عاملا يمكن ان يزيد من عدم استقلالية السياسة البلغارية وربطها بشكل مباشر بالتوجهات والسياسات الروسية.

واستند داينوف في قوله الى الايماءات التي اشار اليها الرئيس بارفانوف في كلمته quot;عندما المح الى ان بلغاريا على مدى قرون من الزمن كانت متضررة من موقعها الجغرافي الذي يمثل تقاطع طريق بين الشرق والغرب وانه جاء الوقت لكى تسترد جزءا من ضرائب الماضى وتستفيد من موقعها الجغرافي في اتجاه آخر يتمثل في دعم سياسة الطاقة الاوروبية والتحول الى مركز للتوزيع بين الشرق والغربquot;.

بينما رأى مدير مركز العلاقات الدولية والتحول الديمقراطي في بلغاريا اوجنيان مينشيف ان توقيع بلغاريا وروسيا على مشروع انشاء خط انابيب الغاز الجديد لنقل الغاز الطبيعي الروسي من سواحل القوقاز عبر قاع البحر الاسود ومرورا بالاراضى البلغارية الى ايطاليا والنمسا والمانيا والمقرر الانتهاء منه عام 2013 quot;قد يخلق حالة اوروبية - اميركية جديدةquot;. واوضح ل(كونا) ان الاتحاد الاوروبي الذي يستورد من روسيا الآن قرابة ربع احتياجاته من الغاز الطبيعي والبترول اعلن دعمه لمشروع آخر هو مشروع (نوباكو) الذي يلتف حول الاراضي الروسية وينتهي العمل فيه خلال العام المقبل لنقل الغاز الطبيعي من آسيا وايران عبر الاراضى التركية والبلغارية ايضا.

وقال ان هذا المشروع قد يسبب استفزازا للولايات المتحدة الاميركية لأنه يعد منافسا لمشروعها الاخر (نوباكو) اضافة الى المشاريع الاخرى الضخمة التي تخطط بلغاريا وروسيا لاقامتها بشكل مشترك وفي مقدمها مشروع انشاء المحطة النووية الجديدة للطاقة الكهربائية بمنطقة (بيليني) والمشروع الثلاثي المشترك بين اليونان وبلغاريا وروسيا لانشاء خط انابيب البترول الممتد من الميناء البلغاري (بورجاس) الى الميناء اليونانى (الكسندروبوليس) الذي سينقل البترول الروسي الى اوروبا الغربية اضافة الى اقامة الخط الملاحي المباشر بين القوقاز ومدينة فارنا البلغارية لدعم برامج السياحة بين البلدين الامر الذى قد يدفع واشنطن الى مطالبة الاتحاد الاوروبي بممارسة ضغوطه على بلغاريا. واضاف انه لا يمكن لنا اغفال حقيقة ثابتة تتمثل في ان بلغاريا الان وقبل تلك المشاريع مرتبطة بشكل يكاد يكون كاملا بالدفعات الروسية من الغاز والبترول اذ ان شركة البترول الروسية (لوكويل) تمتلك محطة التكرير البلغارية الوحيدة فى مدينة بورجاس اضافة الى ان المحطة النووية الوحيدة لتوليد الطاقة الكهربائية البلغارية التي تعمل بالوقود النووي الروسي.

من جهته رأى المحلل السياسي البلغاري ايفان كريستيف ان مثل هذه الاتفاقيات يمكن ان تدخل في خلاف وازمة مع المصالح الاوروبية والاميركية وان هناك خطورة ليس فقط من تحكم روسيا في قطاع الطاقة البلغارية وانما من القدرة والتأثير الروسي المباشر على سياسات الحكومات البلغارية الامر الذي قد يعرض صوفيا لانتقادات اوروبية وامريكية دائمة. ويحاول الرئيس البلغاري التخفيف من حدة تلك المخاوف نافيا امكانية عودة التاريخ الى الوراء حينما قال ان الرئيس الروسي اعلن بشكل واضح احترام روسيا لاختيار بلغاريا الاستراتيجي وارتبطاها بنظام الامن الدولي من خلال عضويتها في حلف الناتو.