نبيل شرف الدين من القاهرة: في لقاء هو الأرفع من نوعه منذ سنوات، استقبل الرئيس المصري حسني مبارك صباح اليوم رئيس مجلس الشورى الإيراني غلام علي حداد عادل، وحضر اللقاء رئيس لجنة الأمن القومي والشؤون السياسية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بوجيردي، إضافة إلى حسين رجبي القائم بأعمال السفير الإيراني لدى القاهرة .
ويزور رئيس البرلمان الإيراني مصر حاليا للمشاركة في أعمال اجتماع اتحاد برلمانات الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، وهي الزيارة التي تأتي وسط تقارب بين القاهرة وطهران، وتصريحات quot;دافئةquot; أطلقها مؤخراً كبار المسؤولين في البلدين ما أثار تكهنات بعودة العلاقات الدبلوماسية التي تتراوح بين التوتر والجمود، منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران حتى الآن منذ نحو ثلاثة عقود.
وشهدت زيارة رئيس البرلمان الإيراني لمصر جولات في أحياء القاهرة الفاطمية، حيث زار ضريح الإمام الحسين وسط القاهرة، وزار مشيخة الأزهر، حيث التقى الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر .
وبالإضافة إلى ما تعتبره القاهرة تنامياً للنفوذ الإيراني في المنطقة، سواء في العراق أو لبنان أو الأراضي الفلسطينية، فإن هناك أيضاً خلافات في المواقف حيال مسألة أمن الخليج، بالإضافة إلى ملفات أمنية أخرى عالقة، لا تزال تقف حائلاً دون تفاهم البلدين وعودة العلاقات الدبلوماسية كاملة بينهما.
ومن بين أسباب الخلافات بين الجانبين أيضاً إطلاق اسم خالد الاسلامبولي الضابط الذي اغتال الرئيس المصري أنور السادات عام 1981 على أحد شوارع العاصمة طهران .
إيران وغزة
وفي تصريحات للصحافيين عقب لقائه الرئيس المصري، قال غلام حداد عادل رئيس مجلس الشورى الإيراني إنه من أكد وجهة نظر إيران في أهمية تفعيل آليات هذا التعاون في المجالات المختلفة، وقال quot;إننا أطلعنا الرئيس مبارك على موقف إيران في هذا الصدد خاصة في ما يتصل بتعزيز التعاون في المجالات الاقتصاديةquot; .
وعما تردد عن أياد إيرانية في الاحداث الاخيرة على معبر رفح، قال رئيس مجلس الشورى الإيراني quot;إن التقارير الميدانية أفادت بأن أبناء غزة يتعرضون لقدر هائل من الضغوط والتضييق على حياتهم اليومية، وبخاصة معاناتهم من نقص الطعام والدواء والوقود .. وبالتالي فان رؤيتهم وهم يبادرون الى كسر الجدار يصبح أمرا غير عسير على الفهم، وليس من المنطقي أن تأتي إيران وهي على بعد الاف الكيلومترات لتتدخل ويكون لها أي يد في مثل هذه الامورquot;.
ومضى رئيس مجلس الشورى الإيراني قائلاً : quot;تطرقنا كذلك للتطورات في الشأن الفلسطيني والأوضاع في قطاع غزة، وما يجري على الساحتين العراقية واللبنانية حيث اكدنا أن التعاون بين مصر وإيران يمكن أن يسير لصالح تأمين السلام والاستقرار في هذه الدولquot;.
وقال المسؤول الإيراني quot;أكدنا خلال اللقاء من جانبنا أن وجود مصر قوية وإيران قوية ووجود تعاون بينهما كقطبين للعالم الاسلامي بإمكانه أن يمضي قدما للأمام لصالح تعزيز السلام في العالم الاسلامي، وفي المنطقة وحتى على الصعيد الدولي بشكل عام .
في الوقت نفسه ، أكد المسؤول الإيراني أن ما حدث عند معبر رفح والدعم الذي تم تقديمه للفلسطينيين هو الأمر الذي كان العالم الاسلامي يتوقعه من مصر.
وحول العلاقات الثنائية بين مصر وإيران اكد رئيس البرلمان الإيراني أن هناك تعاونا متناميا في جميع المجالات بين البلدين، مشيرا إلى وجود لقاءات على مختلف المستويات في مجالات متعددة .
قصة العلاقات
ويرى الخبير في الشؤون الإيرانية والتركية مصطفى اللباد أن هناك محاور عدة تتحكم في العلاقات المصرية الإيرانية، أولها المحور الإقليمي، مشيراً إلى أن القاهرة قلقة من نفوذ طهران المتزايد في جنوب العراق ودعمها للأحزاب الشيعية هناك فضلا عن دعمها لحزب الله اللبناني والحركات الراديكالية الفلسطينية كالجهاد الإسلامي وحماس، في وقت تدعم فيه القاهرة وبوضوح حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) .
وقطعت العلاقات بين مصر وإيران، بعد لجوء الشاه الإيراني السابق محمد رضا بهلوي إلى القاهرة عام 1979، وبعدها مرت العلاقات بين القاهرة وطهران بفترة بيات شتوي طويلة قبل أن تشهد خلال العامين الماضيين محاولات خافتة لإصلاح ذات البين بين الدولتين الكبيرتين اللتين تتمتعان بثقل استراتيجي في المنطقة. غير أن هذه المحاولات اصطدمت بمناخ عدم الثقة السائد بين العاصمتين، وصراع التيارات المحافظة، وتباين وجهات النظر حول جملة من القضايا السياسية والأمنية .
وظلت العلاقات المصرية الإيرانية تتنازعها موجات متباينة من الدفء والبرودة منذ قبل حركة الضباط عام 1952 حين جمعت صلة المصاهرة عائلة محمد علي باشا في مصر بعائلة شاه إيران، وانتقلت مع حركة الضباط إلى مرحلة التوتر، حيث كان الموقف المصري حينذاك مناهضا للسياسة الأميركية وإسرائيل بينما كانت quot;إيران ـ الشاهquot; قاعدة لهما في المنطقة .
ومن مرحلة الخمسينات والستينات إلى مرحلة السبعينات التي شهدت التغيير الجذري في التوجهات المصرية بالسلام مع إسرائيل وتعميق أكبر في العلاقات الأميركية، في مقابل الانقلاب التام في إيران باتجاه إسرائيل وأميركا بمجيء الثورة الإيرانية، وهذا التناقض في التوجهات الأيديولوجية وصل إلى ذروته في الخلاف بين البلدين باستقبال السادات لشاه إيران لاجئا في وقت لفظه العالم كله حينذاك، وحتى حين توفي الشاه دفن في القاهرة.
التعليقات