حينما تتبدد أحلام الزوجين
خالد وسمر زوجان من غزة والضفة أبعدتهما إسرائيل

نجلاء عبد ربه من غزة: تمنى خالد أن يعيش عيد الفطر الذي مضى قبل يومين مع زوجته سمر، لكن الظرف الحالي الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية حال دون تجمع هاذين الزوجين تحت سقف واحد.

فخالد محمود (24 عاماً) الذي حمل حقيبته وغادر قطاع غزة إلى الضفة الغربية ليدرس في إحدى جامعاتها، تعرف على سمر التي كانت تدرس في جامعة ليست ببعيدة عن جامعته، ودارت بينهما علاقة حب توجت بالزواج، قبل ثماني شهور فقط.

وكعادتها.. فالرياح لا تأتي بما يشتهي الإنسان.. وهكذا فعلت في خالد وسمر اللذين تزوجا في 3/1/2008، فرغم محدودية تحرك هذا الشاب في الضفة الغربية لكون هويته quot;بطاقتهquot; من غزة، وخوفه الدائم من إعتقاله من قبل الإسرائيليين وترحيله إلى قطاع غزة، إلا أنه وقع فيما توقع تماماً، وكانت أيام إعتقاله الأربعة كفيلة بأن يعيشا هاذين الزوجين على أمل اللقاء من جديد في بيتهما بمحافظة الخليل، جنوبي الضفة الغربية.

ويقف خالد في حيرة من أمره. فهو من جهةٍ يعيش في بلدته بيت لاهيا، شمالي قطاع غزة، والتي تفتقر كغيرها من مدن القطاع إلى أبسط أنواع الحياة الطبيعية نتيجة الحصار الإسرائيلي المضروب على قطاع غزة منذ قرابة الثلاثة أعوام، ومن جهةٍ أخرى فهو الآن دون عمل يدر عليه بعضاً من المال ليحوله لزوجته في الشطر الآخر من الأراضي الفلسطينية.

ويقول خالد لإيلاف quot;نفسيتي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، بل وتتبخر أحلامي بلقاء زوجتي من جديد، وبالتأكيد فإن سمر هي الأخرى لا تقل عني تفكيراً في هذا الأمر، فهي على مدار الساعة تتصل بي على الجوال لتسألني ماذا فعلت بخصوص تصريح للعودة إلى الضفة الغربية!!quot;.

ويضيف خالد quot;لم أكن أتوقع أبداً إعتقالي وترحيلي إلى غزة، فأنا كنت حريص جداً في تنقلي بين مدن الضفة الغربية، وساعدني توقعي هذا في محل سكني في بيت لاهيا، وكان الإسرائيليون يفكرونها بيت لقيا، وهي قرية قرب رام الله، ولذلك كانت أموري تسير بطريقة عادية، إلا أنني تفاجئت ذات يوم بحاجز إسرائيلي شُكل خصيصاً لي وطلبوني بالإسم وكان معهم صورتي ورقم هويتي، ومن ثم إعتقلوني لأربعة أيام ثم رحلوني إلى غزةquot;.

الأمر ليس سهلاً أيضاً عند زوجته سمر، فكلما تعود من عملها كممرضة في أحد مستشفيات الخليل، تعيش وحدها مع ذكرياتها الخاصة بها وسط جدران المنزل الذي حوا في يوم ما زوجها وفارس أحلامها.

وتقول سمر في إتصال هاتفي مع إيلاف quot; أُمنى نفسي يومياً بعودته، لكني أدرك أن تلك الأمنية ليست سهلة هنا، وزاد تعقديها عندما اخبرني خالد أنه كلما حاول تقديم تصريح لزيارة الضفة الغربية، فإن الرد الإسرائيلي يأتي بالرفض الأمني، وهو ما يعني إنعدام فرص عودته إلى الخليل مرة ثانيةquot;.

وأضافت quot;صرت أشعر بأن الدنيا كلها أسودت أمامي، وزاد الطين بله، هو حاجتي لخالد عندما أخبرتني الطبيبة أني حامل، وها أنا في الشهر الخامس، وأخشى أن أضع مولودي الأول في عدم وجود أبيه، فهي بالنسبة لي كارثة نفسية ستلازمني وتلازمه مدى الحياةquot;.

ومنذ بداية إنتفاضة الأقصى التي تفجرت في السابع والعشرين من أكتوبر في العام 2000م، سلكت إسرائيل طرقاً مختلفة لتنغيص حياة الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، وطردت مئات الشباب الغزيين من مدن الضفة الغربية بعد إعتقالهم والتحقيق معهم.

وأكدت سمر أنها توقفت عن العمل في المستشفى بعد الإشاعات التي رُوجت حول طلاقها من زوجها خالد. وقالت quot;تركت العمل عندما ضاقت بي الأمور كثيراً، فحينما اخرج من منزلي، أسمع همسات الناس حولي وهم يقولون أن زوجها تركها وعاد إلى غزة، إضافة إلى إشاعات أخرى من هنا وهناكquot;.

وقال خالد quot; نفسي أشوف لي يوم حلو، فالمخابرات الإسرائيلية ساومتني على العمل معها أو عدم العودة طوال حياتي إلى الخليل، وفي حال أتيت بسمر إلى غزة، فإن الحياة هنا متوقفة تماماً ولا عمل لي ولا لغيري، وسنعيش هنا أسوء أيامناquot;

وبين قصة خالد وسمر، يعيش المئات من الشباب الغزيين الذين تزوجوا من بنات الضفة الغربية على أمل اللقاءات الفلسطينية الإسرائيلية التي من الممكن أن تتمخض عن عودتهم إلى زوجاتهم في الشطر الآخر من الأرض الضيقة.