الناطق باسم حزب الرابطة لـإيلاف: لقاء بين شريف ووزير الخارجية الافغاني
المفاوضات quot; السرية quot;مع طالبان في عهدة الوسيط الباكستاني ووتحت رعاية سعودية

عبد الخالق همدرد من اسلام اباد: في حين استمر الرفض والاعتراف حول المفاوضات بين طالبان والحكومة الأفغانية، أفادت مصادر خاصة لحزب نواز شريف لإيلاف بأن وزير الخارجية الأفغاني دادفار إسبانتا قد وصل إلى لاهور اليوم السبت لإجراء محادثات مع زعيم حزب الرابطة ورئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي اتهمه الرئيس الأميركي بوش بقلة خبرته في الشؤون الدولية.وقد أكد الناطق باسم الحزب صديق الفاروق لإيلاف قبيل دقائق من بداية المحادثات، مضيفا أنه أيضا سيحضر تلك المحادثات؛ بيد أنه لم يدلِ بأي تفاصيل في هذا الصدد.

ومن الجدير بالذكر أن نواز شريف قد بقي لمدة أسبوعين في المملكة العربية السعودية نهاية الشهر المنصرم، وقد أشارت مصادر إلى أنه يتوسط بين طالبان والحكومة الأفغانية، في حين أكدت مصادر حزبه بأن نواز شريف مستعد للعب دوره لاستتباب الأمن على المستوى الوطني والدولي.

وكانت صحيفة الاوبزرفير قد كشفت عن دخول حركة طالبان والحكومة الافغانية في محادثات سرية لإنهاء حالة الحرب في افغانستان عن طريق اتفاق سلام شامل ترعاه المملكة العربية السعودية وتدعمه بريطانيا.وقالت الصحيفة إن quot;المحادثات غير المسبوقةquot; شارك فيها قيادي بارز سابق في طالبان ينتقل بين كابول وقواعد القيادة العليا لطالبان في باكستان والمملكة العربية السعودية وبعض العواصم الاوروبية. اما بريطانيا بحسب التقرير فانها توفر الدعم اللوجيستي والدبلوماسي رغم التصريحات الرسمية بأن أي مباحثات لا يمكنها أن تجرى إلا مع عناصر طالبان الذين يعربون عن استعدادهم للتخلي عن العنف أو مع من قد تخلوا عنه بالفعل.ونقلت عن مصادر في أفغانستان تأكيدها وجود هذه المباحثات المثيرة.

ويرى محللون أن اختيار نواز شريف - وهو معروف بميوله المضادة للولايات المتحدة، بدلا من أحد من مواليها، للتفاوض مع طالبان - أمر يشير إلى جدية الحكومة الأفغانية في التفاوض. كما أن ذلك الأمر محاولة لكسب ثقة طالبان في التفاوض والحوار.

هل تعود المحادثات مع طالبان بنتائج؟!

عندما هبطت الجيوش الأميركية في أفغانستان بعد قصف جوي مكثف لها عام 2001 ، انسحب طالبان من المدن وأصبحوا لا يُسمع عنهم شيء؛ إلا أنهم بدأوا يشعرون بعودتهم في وقت أقل مما كان يتوقع البعض. فبدأت قوات الاحتلال تواجه بالمقاومة في المناطق المختلفة من أفغانستان.

وقد قامت الولايات المتحدة والقوى الأوروبية أجرت انتخابات quot;مهندسةquot; لتبرير احتلالها لأفغانستان بأنها قد أعادت الديمقراطية إليها إثر الإطاحة بنظام quot;غاشمquot; رجعي؛ لكن الأمور لم تسر وفق إرادة الأميركيين. فلم يقدر الرئيس المعين والمدعوم أميركيا من بسط سيطرته على أفغانستان خارج العاصمة كابول التي كانت القوات الدولية تتمركز فيها.

وكان الشعب الأفغاني ينتظر خيرا بعد حرب دامت لأكثر من عقدين وقد أتت على كل أخضر ويابس؛ إلا أن آماله خابت بسبب تفشي الفساد المالي والرشوة والإثرة في الحكومة إضافة إلى اختلاس أموال الدولة وعدم القدرة على مكافحة المخدرات. وهذا ما جعل الناس مرة أخرى ينتظرون ناجيا ينقذهم من هذا الوضع السيئ. والأمر الذي أدركه الجميع هو أن الشعب الأفغاني قد نال شيئا من التسهيلات وحظي بتحسينات في البنية الأساسية للبلاد؛ إلا أنه فقد الأمن والسلام الذي كان يحظى به زمن طالبان.

والآن وبعد مرور سبع سنين على الإطاحة بنظام طالبان في كابول، أخذ الجميع يدركون الحاجة إلى التفاوض مع طالبان من أجل إعادة السلام إلى شوارع أفغانستان. وقد رفع العقيرة بالتفاوض كل من الرئيس الأفغاني حامد كرزاي وقوات الناتو وأخيرا الولايات المتحدة نفسها. ويرى محللون أن الدوافع التالية دفعتها إلى تغيير تفكيرها إزاء طالبان:

1. إرهاق القوى الدولية في أفغانستان وفشلها العسكري فيها، إذ لم تقدر القوات الدولية مع جميع ما أوتيت من عدة وعتاد، على بسط سيطرتها على جميع أرجاء أفغانستان.

2. انهيار معنويات القوات الدولية؛ لأنها لا ترى لتواجدها في أفغانستان مبررا.

3. ازدياد الضغوط على الولايات المتحدة من داخلها ومن جانب المجتمع الدولي، جراء الخسائر المدنية في القصف الجوي والهجمات الأميركية على طالبان.

4. فشل القوات الدولية في القضاء على القاعدة وعدم تمكنها من اعتقال أو اغتيال رموزها الكبيرة.

5. مواجهة الصعوبات في مواصلة خط الإمدادات لقوات الاحتلال في أفغانستان، بسبب التوتر في العلاقات الروسية الأميركية، والوضع الأمني المتدهور في المناطق القبلية الباكستانية التي تستخدم لنقل الحاجيات العسكرية والنفط إلى أفغانستان.

6. إن معظم اعتماد كرزاي على الأقليات الأفغانية من الطاجيك والأزبيك والهزارة، في حين هناك شعور بالحرمان في الولايات الجنوبية التي تؤوي البشتون وهم يمثلون أكثر من نصف سكان أفغانستان. وتلك المناطق معاقل لطالبان.

وفي هذا الإطار قد ألمحت القوى الدولية بالجلوس مع طالبان على طاولة المفاوضات، وكانت أولى محادثات من هذا النوع في مكة المكرمة خلال شهر رمضان المنصرم، عندما اجتمع بعض قادة طالبان القدامى ومسؤولون أفغان على مائدة إفطار برعاية العاهل السعودي.

وكان السبق الصحافي في نقل تلك المحادثات إلى الأضواء للصحافة الأميركية؛ إلا أن الحكومة الأفغانية وطالبان كلاهما رفض تلك التقارير أول الأمر؛ غير أن الملا وكيل أحمد متوكل وزير خارجية طالبان والملا عبد السلام ضعيف سفير طالبان لدى إسلام آباد، قد أكدا ذلك الخبر فيما بعد؛ بيد أنهما نفيا حدوث أي تفاوض، حتى أن المتوكل قال إنه لم يتم التطرق إلى أي موضوع سياسي حتى قضية أفغانستان. كما أن شقيق الرئيس كرزاي أيضا اعترف بحضوره في ذلك اللقاء مع الملك السعودي.

وكل هذه الأمور إذا تدل فإنها تدل على أن هناك تحركا دوليا للتفاوض مع طالبان. وتم اختيار المملكة العربية السعودية بسبب أنها الدولة التي يحترمها المسلمون في جميع أرجاء العالم، إضافة إلى علاقاتها الطيبة مع حكومة طالبان؛ لأنها كانت الدولة الثالثة بعد باكستان والإمارات العربية المتحدة التي اعترفت بحكومتهم رسميا.

ويرى محللون أن تلك المفاوضات تهدف إلى الأمور التالية:

1. الفصل بين طالبان والقاعدة

2. التفريق بين صفوف طالبان بتسمية البعض منهم بالمعتدلين والآخرين متشددين؛ لأن أي تفرقة بين طالبان - سواء أكانت هناك مفاوضات أم لم تكن- ستنصب في صالح قوات الاحتلال.

3. محاولة من الرئيس كرزاي ليستطيع القول إنه يرغب في إعادة الأمن والسلام إلى أفغانستان، والإقناع بهذا الأمر سيكون نافعا له خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.

أما عودة طالبان إلى كابول منتصرين، فهو أمر يتوقعه الكثير من المحللين الدفاعيين والسياسيين. فيرى الجنرال حميد غل المدير العام السابق للاستخبارات العسكرية العامة الباكستانية والمحلل الشهير عرفان صديقي بأن طالبان سيعودون بقوة أكثر؛ لأنهم قد يكونون تعلموا دروسا من أخطائهم السياسية والعسكرية في الماضي، كما أنهم سيحظون بشعبية أكبر هذه المرة، جراء فشل الحكومة الأفغانية في بسط هيمنتها على البلاد وعدم تمكنها من تحقيق طموح الشعب، بالإضافة إلى الظلم والقصف والقتل الذي يتعرض له الشعب على يد قوات الناتو هناك.

وأخيرا يبقى السؤال عن نجاح تلك المحادثات وفشلها. يرى محللون أن نسبة نجاح تلك المحادثات في هذه المرحلة ضئيلة للأسباب التالية:

1. الحكومة الأفغانية تطالب طالبان بإلقاء السلاح. وهو أمر غير مقبول لديهم أصلا.

2. طالبان يطلبون انسحاب قوات الاحتلال من البلاد، وهو ما لا يمكن أن يكون مطلبا مقبولا أو معقولا لدى كرزاي وأعوانه؛ لأن انسحاب القوات الأجنبية لا يعني سوى فرار كل من دخل كابول على الدبابات الأميركية، منها.

3. إن الجانب الذي يعتبر طالبان في هذه المرحلة، يتضمن أشخاصا سبق لهم العمل في صفوف طالبان؛ إلا أنهم لم يعودوا جزءا من المقاومة أو الحركة التي تعارض تواجد القوات الأجنية في أفغانستان. وبناء عليه يُخشى أنه لن يكون لهم ثقل في ميزان المفاوضات.

إلى ذلك ومهما تكن النتائج، فإن الأمر المشجع الوحيد في هذا الصدد في نظر المحللين، هو أنها بريق أمل للمستقبل، إذ أدركت القوى الغربية والموالون لها في أفغانستان الذين كانوا لا يتحدثون إلا بلسان الحديد والنار أن طريق رخاء أفغانستان وازدهارها، تمر بقندهار وهلمند.