ركان الفقيه من بيروت: يبدو ان أقصى ما استطاع وزير الداخلية اللبنانية زياد بارود ان يفعله أمام quot;جهنمquot; الحرائق التي اندلعت في الغابات والأحراج اللبنانية الثلاثاء الماضي، ليس توجيه الامر للطائرات المروحية للإقلاع والتوجه الى أماكن إندلاع النيران ورشها بالمياه والمواد المساعدة على اطفاء الحرائق، بل جلّ ما استطاعه، كان الطلب الى عدد من طواقم سيارات الاطفاء المتهالكة، التحرك لمواجهة تلك الحرائق، والتي احتاجت لساعات عدة كي استطاعت الاقتراب من مكان انتشارها، وبالرغم من ذلك بدت عاجزة عن فعل شيء، بسبب وعورة المناطق، وعدم وجود طرق مؤدية تساعد في الوصول الى مواقع اندلاع النيران، ناهيك عن ان بعض السيارات بقي في ارضه اما لأعطال اصابتها ولم توفر الاموال المطلوبة لتصليحها، او لعدم وجود الكادر البشري المطلوب لاستخدامها، بسبب النقص الفادح في عديد العناصر التابعة للمديرية العامة للدفاع المدني، حيث لم يبق امام وزير الداخلية سوى ذرف بعض الدموع، امام هول المشهد المؤلم، حيث كانت النيران تلتهم في ثوان معدودة، الاف الاشجار التي يعود عمرها لمئات السنين، وانتظار الطائرة القبرصية التي لم تصل الى بيروت، سوى في صباح اليوم التالي، حيث كانت العناية الإلهية قد انقذت بعضاً من أشجار لبنان بفعل هطول كميات من الأمطار كانت كافية لإطفاء الحرائق المندلعة.لبنان يكافح حريقا كبيرا في غابة
تتزايد الأخطار الكارثية التي تتطاول الثروة الحرجية في لبنان بدءاً بالتصحر الناجم عن التلوث والاحتباس الحراري وإقدام ابناء المناطق الجبلية الفقيرة على استخدام الأخشاب للتدفئة بسبب الارتفاع الجنوني في اسعار المحروقات، حيث يتم قطع الأشجار على قدم وساق والزحف العمراني الذي يمتد كالأخطبوط في كل الاتجاهات وخصوصاً نحو المناطق الجبلية المكسوة بالغابات والأحراج حيث تبقى الحرائق التي تلتهم ملايين الأمتار المربعة سنوياً الخطر الاكبر والداهم الذي بات يهدد أهم الثروات الطبيعية التي يتميز يها لبنان اذ تؤكد الأرقام أن الغابات التي كانت تغطي في العام 1965 ما يقارب 35% من المساحة الإجمالية للبنان، تدنت في العام 2007 الى 13% وبات الخطر الناجم عن اندلاع الحرائق، يصل الى تهديد الاماكن السكنية، كما حصل الثلاثاء الماضي لبلدة الدبية وفرع الجامعة في تلك المنطقة، التي اعلنها وزير الداخلية بعد الحريق الأخير منطقة منكوبة.
يقول نائب رئيس جمعية المحيط الأخضر لحماية البيئة:quot; ان الحرائق بدأت تلتهم الثروة الحرجية سنوياً وبشكل متزايد، حيث ارتفعت المساحة التي تتعرض للحريق من 1500هكتار في السنة الى ما يقارب 4000 هكتار حيث في يوم واحد من العام الماضي فقدنا ثلاثة أضعاف ما قمنا بزراعته خلال سبعة عشر عاماً الماضيةquot;. ويعتبر شمص ان وصول الأخطار التي تهدد الثروة الحرجية في لبنان الى هذا المستوى المدمر، نجم عن غياب أي خطط لمواجهة الحرائق التي بدأت تندلع سنوياً وقبل موعدها الطبيعي خلال حزيران وتموز بحوالي الثلاثة أشهر أي خلال شهر نيسان بسبب غيابها عن سلم الاولويات للحكومات اللبنانية المتعاقبة.
ويشير شمص الى أن الحكومة اللبنانية أنشأت لجنة وطنية لمكافحة الحرائق مؤلفة من الإدارات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بالشأن البيئي للتعاون بهدف مواجهة الخطر المحدق بالثروة الحرجية في لبنان، لكن الهيئة لم تتمكن من القيام بأي عمل نوعي في هذا الصدد نظرا لعدم وجود الإمكانات المالية المطلوبة، وعمدت الى فتح حساب في مصرف لبنان لجمع التبرعات من أجل شراء طائرتين مروحيتين خاصتين بمكافحة الحرائق كي تتمكن وزارة الداخلية من مواجهتها بالتوقيت والفعالية المطلوبين، ويختم شمص ان الغطاء الأخضر في لبنان بات مهدداً بالزوال كلياً بين خمسة عشر وعشرين عاماً اذا ما استمرت إبادة الثروة الحرجية بوتيرتها الحالية حيث لا بد من وضع خطة طارئة لمواجهة هذه المشكلة البيئية الخطيرة وعلى رأسها إعادة زراعة الأماكن التي تعرضت للحريق، الامر الذي يكلف حتى الان ما يزيد على الخمسة وعشرين مليون دولار اميركي .
التعليقات