واشنطن: سيرث خليفة الرئيس الاميركي جورج بوش في كانون الثاني/يناير المقبل عالما مليئا بالمشاكل واهمها الحربان في العراق وافغانستان وتحد ايراني للمجتمع الدولي واقتصاد عالمي يعاني من ازمة مالية خطرة ودلت دراسات نشرت اخيرا الى ان الرئيس الجديد سيتسلم مقاليد الحكم في قوة عظمى عرجاء تواجه تشكيكا كبيرا في دول العالم حول حدود قوتها، كما سيرث بلدا ضعفت مكانته حتى بين اقرب حلفائه.
وقالت مجموعة عمل في جامعة جورج تاون في وقت سابق من هذا العام ان quot;القيادة الاخلاقية للاميركيين وقدرتها على صنع القرارات ستبقى موضع شك في البلاد وخارجها رغم ان قيادة جديدة ستدخل البيت الابيضquot;.
وقد اعرب المرشحان الجمهوري جون ماكين والديموقراطي باراك اوباما للانتخابات التي ستجري في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، عن استيائهما من سياسات الرئيس بوش التي لا تلقى قبولا بين الشعب الاميركي، ووعدا باعتماد نهج جديد.
وقالت المجموعة في دراسة لمكانة الولايات المتحدة في العالم وتحديات السياسة الخارجية التي ستواجه الرئيس المقبل quot;ان استعادة البلاد لاحترامها لن يكون ممكنا الا اذا اظهرت الادارة المقبلة قدرات جديدةquot;.
ويخلف بوش وراءه كما هائلا من المسائل غير المنجزة. واذا لم تحصل اختراقات كبيرة فستقع على عاتق خلفه مهمة انهاء التواجد الاميركي في العراق وافغانستان وانهاء البرامج النووية في ايران وكوريا الشمالية والتوصل الى اتفاق سلام دائم في الشرق الاوسط.
ومن المؤكد ان الرئيس المقبل سيرث اقتصادا متعثرا، اذ توقع البيت الابيض هذا الاسبوع ارتفاعا حادا في معدلات البطالة في البلاد فيما حذرت توقعات القطاع الخاص بان يصل العجز في ميزانية 2009 مبلغ ترليون دولار.
ويستضيف بوش قمة عالمية لمناقشة الازمة المالية في 15 تشرين الثاني/نوفمبر في واشنطن، ستركز على وضع مبادئ لتعديل شامل للانظمة، ولكنه سيترك هذه المهمة والازمة التي قد تكون اسوأ ازمة مالية يشهدها العالم الى خلفه.
ومن المرجح ان يواجه الرئيس الجديد قرارات صعبة بشأن العراق. واظهرت استطلاعات للرأي في الولايات المتحدة ظهور بوادر تفاؤل جديدة وسط انخفاض حدة العنف في العراق، الا ان معظم الاميركيين لا يزالون راغبين في سحب القوات الاميركية من ذلك البلد بالسرعة الممكنة.
ولم يتضح ما اذا كان المفاوضون الاميركيون والعراقيون سيقرون اتفاقا حول حقوق وواجبات القوات الاميركية في العراق قبل انتهاء مدة التفويض الدولي لتواجد تلك القوات في البلد المضطرب في كانون الاول/ديسمبر المقبل.
وبعد سبع سنوات من الاطاحة بنظام طالبان المتشدد من الحكم في افغانستان، كان عام 2008 اكثر الاعوام دموية في القتال في ذلك البلد، فيما تعهد بوش وحلفاؤه الرئيسيون بزيادة عديد القوات فيه.
وكان الرئيس بوش اول رئيس اميركي يدعو اثناء توليه السلطة الى اقامة دولة فلسطينية، الا ان محادثات السلام في الشرق الاوسط لا تزال متعثرة بعدما ساعد على احيائها العام الماضي.
كما سيرث الرئيس المقبل تحدي ايران للضغوط الدولية بشأن برنامجها النووي الذي تشتبه الدول الغربية بانه غطاء لانتاج اسلحة نووية، كما سيواجه اتفاقا هشا توصلت اليه المحادثات السداسية للتخلص من برنامج كوريا الشمالية لانتاج اسلحة نووية.
كما سيقرر الرئيس المقبل مسار quot;الحرب على الارهابquot; التي اعلنها بوش عقب هجمات 11 ايلول/سبتمبر، والتي يقول البيت الابيض انها جنبت الولايات المتحدة هجمات مماثلة.
الا ان العديد انتقدوا الولايات المتحدة لاستخدامها سجونا سرية وممارستها التعذيب واعتقالها اشخاصا في سجن غوانتانامو في كوبا - الذي قال بوش مؤخرا انه يترك مسألة اغلاقه الى خلفه اذا استطاع ذلك -- كما انتقدوا دعم واشنطن لانظمة تنتهك حقوق الانسان.
ومن بين المسائل الاخرى التي ستقض مضجع الرئيس المقبل العلاقات المتوترة بين واشنطن وموسكو والتي تعد الاسوأ منذ الحرب الباردة، اضافة الى علاقة واشنطن بباكستان والتي توترت كذلك بسبب غارات جوية اميركية ضد متطرفين على طول الحدود مع افغانستان.
وما يراه البعض كوارث محتملة يعتبره بوش نجاحات مستقبلية اذا واصلت الادارة الاميركية التي ستأتي بعده سياساته، ويقول البيت الابيض ان العالم افضل في تشرين الاول/اكتوبر 2008 مما كان عليه في بداية عهد بوش في كانون الثاني/يناير 2001.
وقال غوردون جوندرو المتحدث باسم البيت الابيض quot;خلال السنوات الثماني الماضية، عمل الرئيس بوش في عالم شديد التقلب لمكافحة التطرف ونشر الحرية وتخفيف الفقر في العالم حتى يكون العالم مكانا افضل واكثر امنا لاطفالناquot;.
ويحلو لبوش ان يقول ان القوات الاميركية حررت الملايين في افغانستان والعراق، فيما يؤكد مساعدوه على تحسن علاقات البلاد مع البرازيل والصين والهند وابرام العديد من اتفاقيات التجارة الحرة في الاميركيتين.
وفي الشأن الايراني، اكد بوش مرارا انه سيترك لمن يخلفه quot;اطاراquot; للتعامل مع برنامج طهران النووي - وهو المحادثات التي تقوم بها بريطانيا وفرنسا والمانيا بدعم من الولايات المتحدة، متناسيا معارضته الاولية لهذا النهج.
اما بالنسبة لكوريا الشمالية التي اجرت اول اختبار على سلاح نووي خلال فترة ادارته، فيقول بوش ان المحادثات السداسية التي تشارك فيها كل من الصين واليابان وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية وروسيا والولايات المتحدة، افضل من المحادثات الثنائية التي كان ينتهجها سلفه.
وقال بوش الثلاثاء ان الازمة الاقتصادية قد تعرض زيادة وتحسين المساعدات الى افريقيا التي يعتبرها من الانجازات التي يفخر بها، للخطر، محذرا سلفه بان تقليص هذه المساعدة سيكون quot;خطأ كبيراquot;.
ويحضر البيت الابيض حملة دعائية كبيرة لتلميع صورة بوش، على ما يقول مساعدوه، وذلك في تناقض مع التصريح الساخر الذي اطلقه بوش بشأن حكم التاريخ عليه حين قال انه عندما سيتم ذلك quot;ساكون قد متquot;.
انتخابات تاريخية في الولايات المتحدة مهما كانت نتيجتها
ستكون الإنتخابات الرئاسية الأميركية تاريخية بكل المقاييس مهما كانت نتيجتها. فللمرة الاولى، قد يصل رجل اسود او نائبة للرئيس الى البيت الأبيض.
ففي بلد لم يتمتع السود بحقوقهم المدنية الا منذ نصف قرن، يملك المرشح الديموقراطي باراك اوباما، المولود من اب كيني اسود وام بيضاء من مواليد كنساس، حظوظا كبيرة جدا ليكون الرئيس المقبل.
حين ولد اوباما في اب 1961، كانت الزيجات من عرقين مختلفين محظورة في غالبية ولايات الجنوب ولم تصبح قانونية الا بقرار من المحكمة العليا العام 1967.
اما الجمهورية ساره بايلن، وهي ام لخمسة اولاد وتحكم ولاية الاسكا منذ 2006، فقد تكون اول امرأة تصبح نائبة للرئيس في الولايات المتحدة. ويعلق بروس بوشانن المؤرخ في جامعة تكساس في اوستن quot;انها حقا انتخابات تاريخية بمقياس يكاد يكون ملحمياquot;.
ويقول لاري ساباتو استاذ العلوم السياسية في جامعة فرجينيا quot;امامنا اول افريقي اميركي يترشح للرئاسة (عن حزب كبير). وامامنا اول امرأة جمهورية تترشح لمنصب نائب الرئيس. وكان يمكن ان تترشح امرأة هي هيلاري كلينتون للرئاسةquot;.
ويضيف quot;في هذه الإنتخابات، تطوي أميركا صفحة. سيكون من غير المرجح في المستقبل ان يتنافس اربعة رجال بيض على منصبي الرئيس ونائب الرئيس من الحزبين الكبيرينquot;. ويتابع quot;اصبحنا مجتمعا اكثر تنوعا، وهذه الإنتخابات هي مؤشر الى هذا التنوعquot;.
وبحسب مكتب الاحصاءات الفدرالي، فان السود والاميركيين من اصل اميركي لا تيني او اسيوي او هندي بات عددهم مئة مليون شخص، اي ثلث التعداد العام للسكان.
ومنذ وصول جورج واشنطن اول رئيس للولايات المتحدة العام 1789، انحصر اكبر منصبين في الدولة برجال من عرق ابيض.
وحصلت النساء على حق التصويت العام 1920. واذا كان الدستور الاميركي عدل العام 1870 للسماح للسود بالاقتراع، فانهم لم يتمكنوا من التوجه الى الصناديق الا في اواسط الستينات بعد نضال طويل من اجل تحصيل حقوقهم المدنية.
ويذكر جوليان بوند رئيس منظمة quot;ان ايه ايه سي بيquot;، اكبر منظمات الدفاع عن الحقوق المدنية، بان العام 2004 شهد حالات ترهيب في حق ناخبين سود لمنعهم من التصويت في الإنتخابات الرئاسية.
لكن من المسلم به ان عدد النساء وافراد الاقليات الاتنية الذين ترشحوا لمناصب منتخبة في الولايات المتحدة ازداد في شكل ملحوظ خلال الاعوام الاخيرة.
وتؤكد الجمعيات انه ينبغي تحقيق مزيد من التقدم.
فمن بين حكام الولايات، ثمة فقط حاكمان اسودان وثماني نساء. وتم انتخاب 78 امرأة اعضاء في مجلس النواب العام 2006 في مقابل 15 امرأة اعضاء في مجلس الشيوخ. ويضم مجلس النواب 42 نائبا اسود في مقابل سناتور اسود واحد هو باراك اوباما.
وعين الرئيسان الاميركيان الاخيران، بيل كلينتون وجورج بوش، نساء ورجالا سودا في مناصب عليا في الادارة. فمادلين اولبرايت اصبحت العام 1997 اول وزيرة للخارجية. وكان خلفها كولن باول اول اسود يتولى هذا المنصب، وقد خلفته امرأة سوداء العام 2005 هي وزيرة الخارجية الحالية كوندوليزا رايس. كذلك، تترأس الديموقراطية نانسي بيلوسي مجلس النواب منذ 2007.
وقبل ساره بايلن، ادرج اسم الديموقراطية جيرالدين فيرارو العام 1984 على قائمة مرشحي حزبها لتولي منصب نائب الرئيس.