طرابلس: يبدأ الزعيم الليبي معمر القذافي يوم غد الجمعة أول زيارة له لروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي سعيا الى توطيد شراكة ناشئة مع موسكو في مجال الطاقة وفي المجال العسكري والى موازنة علاقاته التي تنمو بسرعة مع الغرب. والزيارة هي الاولى التي يقوم بها القذافي لموسكو منذ عام 1985 حسبما تشير صحيفة نيزافيزيمايا جازيتا الروسية اليومية وهي أحدث محاولة في مسعى جريء للدولة التي كانت منبوذة لتعجيل التجارة والاستثمار لاقتصادها الاخذ في الازدهار بعد رفع العقوبات.

ومن أمثلة هذا المسعى توسع سريع في حصة الدولة الليبية في بنك يونيكرديت الايطالي وقائمة متزايدة من الصفقات الليبية في أفريقيا وأوروبا من بينها انشاء معمل لتكرير النفط في مصر واتفاقية لزراعة القمح مع أوكرانيا. وقال جيف بورتر وهو محلل لدى مجموعة أوراسيا quot;ليبيا تريد تعظيم حضورها في الخارج وتظهر تقدما مفاجئا في ذلك بالنظر الى السنوات التي عاشتها في عزلة.quot;

وستكون الاسلحة والطاقة مجالي الاهتمام الرئيسيين في الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام. وسيجتمع القذافي مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بعد ستة أشهر من استقباله سلفه فلاديمير بوتين الذي يشغل الآن منصب رئيس الوزراء في أول زيارة يقوم بها زعيم للكرملين لليبيا منذ عام 1985. وقالت وكالة انترفاكس الروسية للانباء ان ليبيا قد توافق على شراء أسلحة روسية تقدر قيمتها بملياري دولار أثناء الزيارة في احياء لجانب من العلاقة بين البلدين خلال الحرب الباردة حين كانت موسكو تسلح الجيش الليبي.

ونقلت انترفاكس عن مصدر في صناعة السلاح الروسية قوله ان ليبيا مهتمة بشراء صواريخ أرض جو وطائرات مقاتلة وعشرات من طائرات الهليكوبتر ونحو 50 دبابة. وتسعى موسكو للحصول على عقود الطاقة السخية في ليبيا التي توجد بها أكبر احتياطيات من النفط في أفريقيا وتبدي شركة جازبروم الروسية للغاز المملوكة للدولة اهتماما بالمشاركة في بناء خط أنابيب جديد للغاز يربط ليبيا بأوروبا.

وتسعى ليبيا لان تصبح منتجا كبيرا للغاز وتوسيع الانتاج الى ثلاثة مليارات قدم مكعبة في اليوم بحلول عام 2010 والى 3.8 مليار قدم مكعبة في عام 2015 مقارنة مع 2.7 مليار قدم مكعبة في الوقت الحالي. ووقعت الدولتان في أبريل نيسان الماضي اتفاقيات بشأن الديون والطاقة والسكك الحديدية والاستثمار في اشارة الى مسعى متجدد من قبل موسكو للمنافسة في سوق تتنافس فيه شركات غربية واسيوية بضراوة سعيا للفوز بمشروعات في مجال البنية الاساسية.

وقال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي في الاسبوع الماضي quot;الهدف من الزيارة هو تطوير العلاقات الثنائية وتبادل الاراء بشأن المشكلات الاقليمية ذات الاهتمام المشترك.quot; وقال جون ماركس مدير تحرير نشرة أفريكا انرجي المعنية بصناعة الطاقة quot;من الواضح أن الروس يتوددون لليبيا بسبب الطاقة ومن ثم سيكون هناك قدر من السياسة المعنية بأنابيب الطاقة في الزيارة ولكن سيكون هناك أيضا رؤية القذافي العالمية.quot;

وأضاف ماركس quot;يرى القذافي أن العالم يتجه لان يكون متعدد الاقطاب وأن الروس مستعدون للعب دور. وهذه الزيارة تظهر أنه مطلوب ومحبوبquot; مشيرا الى أن سعي لليبيا للتأثير في أفريقيا والعالم العربي لم يكن دائما يرقى لتطلعات القذافي. وفي الشهر الماضي اجتمعت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس مع القذافي ليبيا في أول زيارة من نوعها في 55 عاما في خطوة تستهدف انهاء سنوات العداء. ولكن لا توجد خطط بعد للاجتماع بين القذافي والرئيس الأميركي جورج بوش أو من سيخلفه.

وقال ماركس quot;لقد كانت لحظة تاريخية ولكن من الواضح فيما يتصل بالروابط بالولايات المتحدة انه لن يكون هناك اجتماع على مستوى الزعيمين.quot; وقال دبلوماسي على دراية بالتفكير الليبي ان الولايات المتحدة لا تشعر بالقلق من رحلة القذافي وان طرابلس أبلغت واشنطن عنها مسبقا وان مسؤولين ليبيين كبارا يرون مصالحهم ترتبط أكثر من الغرب. وقال الدبلوماسي الذي طلب الا ينشر اسمه quot;هناك حماس محدود لهذا. انه من الاشياء التي يشعرون انه يجب عليهم فعلها لكنهم ليسوا حريصين عليها كل الحرص.quot;

واضاف الدبلوماسي قوله ان الليبيين الذين يعتبرون اوروبا والولايات المتحدة الان شركاء طبيعيين بدرجة اكبر يشعرون بالقلق مما سماه quot;التعاظم الاقتصادي لنظام بوتينquot; ويأملون في نهاية الامر في شراء أسلحة من الغرب ايضا. واضاف قوله quot;انهم يشعرون ان الروس الذين كانوا لوقت طويل موردهم المفضل للعتاد الحربي كانوا يبتزونهم في الاسعار (فيما مضى)... وانهم لا يريدون ان يخدعوا.quot; وقال quot;ما يريدون عمله هو اقامة تجارة عسكرية مع الغرب حتى يمكنهم الحصول على معدات أفضل وبأسعار أفضل من مختلف الموردين.quot;