بارزاني يهاجم رئيس الوزراء ويصفه بالدكتاتور
مساعد للمالكي يرد: تقوية المركز ضمانة لعدم تفتيت العراق

أسامة مهدي من لندن: بعد صمت إلتزمت به القيادة الكردية العراقية إستمر ثلاثة أيام، إزاء رفض رئيس الوزراء نوري الكردي ما قال إنه أسلوب التهديد الذي تتبعه هذه القيادة لمصالح ضيقة في رفضها لتعديل الدستور ولتشكيل مجالس الإسناد، فقد شنّ رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني هجومًا حادًا ضد المالكي واصفًا إياه بالدكتاتور، لكن مساعدًا مقربًا من الأخير هو القيادي في حزب الدعوة رئيس كتلة الإئتلاف الشيعي البرلمانية على الاديب رفض هذه الاوصاف، مؤكدًا أن الدعوة لتقوية الحكومة المركزية ليست دكتاتورية وإنما منع لتفتيت البلاد.

بارزاني يحذر من عودة الدكتاتورية

فقد حذر بارزاني من quot;عودة الديكتاتوريةquot; إلى العراق واصفًا حديث المالكي عن إعادة كتابة الدستور لتعزيز صلاحيات الحكومة الاتحادية بأنه quot; محاولة لحصر السلطة في شخص واحد وحزب واحدquot;. وأنذر البارزاني في حديث مع quot;قناة quot;الحرةquot; في أربيل الليلة الماضية بمحاكمة الأكراد الذين يلتحقون بمجالس الإسناد التي تشكلها الحكومة quot;بتهمة الخيانة الوطنيةquot; والعرب بتهمة التعامل معهم quot;كقوة معاديةquot;. واتهم الحكومة بتهميش الأكراد وquot;عدم استشارتهم في شيءquot; رافضًا أي تعديل للدستور quot;يمس حقوق الشعب الكرديquot; داعيًا إلى إلتزام مبدأ التوافق والشراكة في السلطة الذي أقر عقب إسقاط النظام السابق.

وحول التعديلات التي طرحها المالكي قال quot;لن نوافق على أي تعديلات تمس بالحقوق الديمقراطية للشعب الكردي وشعب العراق أيضًا. كل المصائب التي حلت بنا كعراقيين كانت نتيجة الحكومات الديكتاتورية التي تعاقبت على الحكم في بغداد. فكيف يمكن أن نفكر الآن بالعودة إلى الديكتاتورية أو إلى ما يشبه الديكتاتورية؟ توسيع صلاحيات المركز واسترداد الصلاحيات من الأقاليم يعني نشوء ديكتاتورية بصيغة أخرى وتسميات أخرى. وقال ان رئيس الوزراء هو من المساهمين والمشاركين في صياغة الدستور الذي هو أفضل ما نملكه كعراقيين وأي تراجع عن الدستور يعني العودة إلى الديكتاتورية.

هكذا نفسر الأمر. العراق يتكون من قوميتين رئيستين واتحادنا هو اتحاد اختياري مع ضمان حقوق القوميات والأقليات الأخرى التي تعيش في العراق. لا يمكن أن ينجح أي اتحاد مفروض ولا أي تقسيم مفروض. إذا هم يقيسون إقليم كردستان كأي محافظة ستبرز المشاكل. للإقليم خصوصية وهذا ما وعدونا به أثناء صياغة الدستور، والآن هناك تراجع من بعض الحلفاء الذين أقسموا على الولاء على الدستورquot;.

التحالف الكردي الشيعي يمر بأزمة

وعما اذا كان هذا يعني ان التحالف الكردي الشيعي مهدد بالتفكك أجاب بارزاني ان quot;التحالف يعاني من أزمة حقيقية ولذلك اتفقنا أثناء زيارتي الأخيرة لبغداد على تشكيل خمس لجان للتوصل إلى الحلول الناجحة والمقبولة لمصلحة العراق أولاً وكل الأحزاب والقوى السياسية. اللجان تشمل إدارة الشراكة مع الحكومة، الجيش والأمن، الاقتصاد، المناطق المتنازع عليها، والسياسة الخارجيةquot;.

ووصف خطاب المالكي عن إعادة كتابة الدستور بأنه quot;غير موفق ويقلقنا جدًا. إنه دعوة صريحة إلى العودة إلى حصر الصلاحيات في يد شخص واحد. وهذا غير مقبول على الإطلاق. شخص واحد وحزب واحد وهذا غير مقبول على الإطلاقquot;. وهل يسمح الوضع السياسي الحالي بمثل هذه الأمر؟ قال: quot;ما يجري الآن هو هذا: شخص واحد ينفرد باتخاذ القرار ولا يعير اهتمامًا لأي مؤسسة أخرى ولا لأي جهة أخرىquot;.

وردًا على اتهامات للأكراد بمحاولة فرض أمر واقع في المناطق المتنازع عليها قال quot;لسنا في حاجة إلى فرض أمر واقع. الأمر الواقع أن هذه مناطق أكثريتها كردية. ثم هناك حل دستوري وفق المادة 140 وبموجبها أبناء هذه المناطق هم من يقرر. لماذا لم ينفذوا المادة 140 حتى تنتهي من كل هذه المشاكل؟ نحن أيضًا لا نوافق على التغيير الديموغرافي في تلك المناطق بالقوة العسكرية. الهدف مما حصل في خانقين هو تغيير التوازن والواقع القومي وهي الإجراءات نفسها التي قام بها النظام السابق. الأهداف نفسها والأساليب نفسهاquot;.

مواجهة مجالس الإسناد

وعن مجالس الإسناد التي تشكلها الحكومة لدعمها قال البارزاني quot;مجالس الإسناد هي لمصلحة جهة واحدة وتُستغل أموال الدولة وسلطتها لتشكيل هذه المجالس لأهداف انتخابية. هذا أمر واضح جدًا. في كركوك والموصل طبعًا هي لإثارة الفتنة. وهذا لا يمكن أن نقبل به. مجالس الإسناد هي لزرع بذور طائفية وقومية وهذا سيدمر البلادquot;. وعن وجود عشائر كردية فيها قال ان quot;وجود عشائر كردية يعني إعادة المرتزقة، وكنا نسمّيهم الجحوش. إحياء هذه الفكرة بالنسبة إلينا يعتبر خيانة وطنية. في الانتفاضة عفونا عن هؤلاء بشرط أن لا يعودوا إلى مثل هذه الخيانة. مجالس الإسناد هي إحياء لفكرة الارتزاق التي كانت قائمة سابقًا، إذن سنفتح كل الملفات القديمة أيضاً. سيحاكمون بتهمة الخيانة. لا يمكن أن نقبل للعشائر الكردية أن تنضم إلى هذه المجالس لأن ذلك يعتبر خيانة وطنيةquot;.

وكيف ستتعاملون مع المجالس ميدانيًا حين تبدأ عملها؟ قال quot;سنتعامل معها على أنها ضد مصلحة الوطن وبالنسبة إلى الأكراد سنعتبرهم خونة وسنعاملهم كخونة وبالنسبة إلى العرب سنعتبرهم قوة معاديةquot;. وهل يمكن أن تحدث مواجهة؟ أجاب quot;طبعًا ستكون مواجهة. بكل صراحة ستكون مواجهة .

واتهم بارزاني المالكي بالانفراد في قرار تشكيل مجالس الإسناد من دون استشارة حلفائه وقال ان quot;تشكيل مجالس الإسناد من جملة القرارات التي انفرد بها رئيس الوزراء. quot;المجلس الأعلىquot; ضدّ هذه المجالس. (جبهة) quot;التوافقquot; ضدّ. التيار الصدري ضدّ. (حزب) quot;الفضيلةquot; ضدّ. (القائمة) quot;العراقيةquot; ضدّ. quot;التحالف الكردستانيquot; ضد... طبعًا نحن حلفاء، لماذا لا يستشير التحالف الكردستاني والمجلس الأعلى والحزب الإسلامي؟ إذا كانت هناك فعلاً حاجة إلى دعم جهود الحكومة لماذا لا تكون بالتنسيق مع حلفائه؟ لماذا ينفرد بالقرار؟ لماذا يثير هذه الشكوك؟ فلتكن هذه المسائل بالتشاور. لا نقبل أن ينفرد بالقرار، هو صحيح رئيس وزراء العراق لكنه ليس الحاكم المطلق للعراقquot;.

مساعد للمالكي يرفض اتهامات بارزاني

وفور توجيه بارزاني هذه الاتهامات الى المالكي سارع القيادي في حزب الدعوة واحد كبار مساعدي المالكي القيادي في الائتلاف الشيعي علي الأديب الى رفضها قائلاً إن دعوة رئيس الوزراء لتقوية المركز ldquo;ليست ديكتاتوريةrdquo; بل ضمانة لعدم تفتيت البلاد. وأوضح في تصريح لوكالة quot;أصوات العراقquot; ان ldquo;مجالس الاسناد هي تنظيمات عشائرية تهدف الى تمتين العلاقات الاجتماعية بين مختلف مكونات الطيف العراقي واتهامها بالخيانة او غيرها من التسميات أمر مرفوض تمامًا لأنه يمس الانتماء الوطني لعراقيين يسعون الى الحد من العنف الذي استشرى في مناطقهم، ومساندة حكومة بلادهم لتحقيق الاستقرارrdquo; . وأعرب عن اعتقاده بان ldquo;دعم رئيس الوزراء لهذه المجالس لا يعني بالضرورة انها كيانات حزبية او طائفية كما يروج لها بل هي محاولة لإسناد عمل الدولة العراقية وتعميم حالة استقرار نجحت في تثبيتها على الرغم من التحديات التي واجهتهاrdquo;.

وفي ما يخص انتقادات بارزاني لدعوة المالكي بتقوية صلاحيات الحكومة المركزية قال الأديب ان ldquo;الدستور العراقي بين بوضوح حدود الصلاحيات التي تحظى بها الحكومة العراقية والتجاوزات التي وقعت في بعض المحافظات والاقاليم فرضت على الحكومة ألا تبقى مكتوفة الايدي وتراقب هذه التجاوزات، بل ان تسعى بطريقة دستورية الى التدخل خصوصًا أن هناك مخاطر من تحول الفيدراليات الى كونفدراليات مع مرور الوقت، وهذا يفرض بالتاكيد على رئيس الحكومة الاتحادية ان يعمل بقوة للحفاظ على وحدة البلاد بحسب صلاحياته الدستوريةrdquo;.

تصاعد للتراشق الكلامي

وتأتي هذه المواجهة استمرارًا لتصاعد التراشق الكلامي بين المالكي والقيادة الكردية منذ الاسبوع الماضي ففي حين اعتبر بارزاني تشكيل مجالس الاسناد بأنه فتنة جديدة مؤكدا معارضته لدعوة المالكي بتغيير صلاحيات الحكومة المركزية والاقاليم والمحافظات لصالح الاولى في الدستور الحالي فقد رفض رئيس الوزراء ما اسماها بلغة الترهيب التي يتبعها الحزبان الكرديان اللذان اشار الى انهما ينطلقان في مواقفهما من مصالح ضيقة . وجاء هذا الموقف ردًا على تصريحات سابقة لبارزاني رفض فيها تعديل الدستور قائلا quot;ان للعراق دستور دائم وهذا الدستور صوت عليه أكثرية الشعب العراقي وأي تعديل دستوري يجب أن يمر عبر مجلس النواب وأي تعديل يمس مكاسب الشعب الكردي لا يمكن أن نوافق عليهquot;.

ودعا المالكي السبت الماضي الى اعادة كتابة الدستور بطريقة موضوعية تمنح الحكومة المركزية الصلاحيات الكافية لادارة الدولة بالشكل الصحيح وليس للحكومات المحلية. وقال إن الدستور كتب quot;عام 2005quot; في اجواء كانت فيها مخاوف quot;لكننا ذهبنا بعيدا في تكريس المخاوف والتطلعات واشار الى ان بعض مواد الدستور خلقت مخاوف وكتفت الحاضر والمستقبل . وقال quot;اننا وضعنا قيودًا ثقيلة لكي لا يعود الماضي ولكنها كتفت الحاضر والمستقبل لذلك أصبحنا بحاجة الى مراجعة الدستور.. وعلينا ان نضع نصب اعيننا ألا تكون اللا مركزية هي الدكتاتورية مرة اخرى وألا تصادر الدولة من قبل الفيدراليةquot;. وحذر من الدخول مما قال quot;من باب الفيدرالي الاتحادي وننتهي بالتقسيم او بمركزيات متعددة ودكتاتوريات متعددةquot;.

معروف ان عدة خلافات ما زالت من دون حل بين الحكومتين العراقية والكردستانية ومنها اضافة الى هاتين القضيتين مايتعلق بعقود النفط والغاز التي تعقدها حكومة أقليم كردستان مع شركات نفط عالمية لاستغلال النفط في الاقليم ولاتعترف بها حكومة بغداد .. واخر حول حصة الاقليم من الموازنة العامة حيث يطالب الاكراد ويحصلون منذ 5 سنوات على نسبة 17% منها .. لكن الحكومة المركزية تقول انها يجب ان تكون 13% اعتبارًا لنسبة عدد الاكراد بالنسبة إلى مجموع السكان العراقيين .. ثم قضية كركوك والتي يطالب بها الاكراد لكن الحكومة غير متحمسة لذلك وتسعى لتعطيل تنفيذ المادة الدستورية 140 المتعلقة باجراء استفتاء واحصاء سكاني فيها.