شينج خوانج: تخيل أن تنشأ في دولة أسقط فوقها ما يعادل حمولة طائرة من طراز بي52 من القنابل العنقودية كل ثماني دقائق لمدة تسعة أعوام.
ثم تخيل أن ترى ابناءك وأحفادك وهم يقتلون ويشوهون بواسطة القنابل نفسها بعد ثلاثة عقود من انتهاء الحرب.
مرحبا بك في لاوس تلك الدولة صاحبة الزعم غير المرغوب فيه بأن بها اكبر نصيب من القصف للفرد في العالم.
بين عامي 1964 و1973 أسقط الجيش الامريكي ما يزيد عن مليوني طن من العبوات الناسفة بما فيها ما يقدر بنحو 260 مليون قنبلة عنقودية.
وللايضاح هذا عدد من القنابل اكبر من ذلك الذي سقط على اوروبا في الحرب العالمية الثانية.
واستهدف القصف الامريكي الى حد كبير تدمير خطوط امداد العدو خلال حرب فيتنام التي مرت عبر لاوس.
وانتهت الحرب منذ 35 عاما لكن الخسائر البشرية بين المدنيين ما زالت مستمرة. وتقول منظمة الاغاثة هانديكاب انترناشونال ان ما يقدر بنحو 12 الف مدني قتلوا او شوهوا منذ ذلك الحين وان مئات الخسائر البشرية تقع كل عام.
وفي الثالث من ديسمبر كانون الاول من العام الحالي توقع اكثر من 100 دولة معاهدة دولية لحظر استخدام القنابل العنقودية تجنبا لمزيد من المآسي مثل مأساة تا وهو اب لسبعة ابناء يعيش في قرية نائية باقليم خامون بجنوب لاوس.
ذات صباح منذ أربعة أعوام رأى شيئا بدا وكأنه قنبلة عنقودية. كان يعلم أنها خطيرة لكنه سمع ايضا أن المادة الناسفة الموجودة بداخلها يمكن أن تستخدم في صيد السمك لهذا قرر أن يلمسها بعصا.
هذه اللمسة الصغيرة كلفته ذراعيه واحدى عينيه. كان على تا أن يسافر لتسع ساعات للحصول على مساعدة طبية. وباع ماشيته ليسدد فواتير المستشفى وحين لم يعد لديه شيء ليبيعه عاد الى دياره.
وقال تا انه كان عليه أن quot;يأكل مثل كلبquot; لاربعة أعوام قبل أن تمده منظمة كوب غير الحكومية بذراعين صناعيتين. الان يستطيع المساعدة في بعض الاعمال المنزلية البسيطة.
ومن الممكن أن تظل الساق الصناعية صالحة للاستخدام لعامين ولا تتجاوز تكلفتها 50 دولارا لكن في دولة تصنف باستمرار على أنها واحدة من أفقر دول المنطقة وحيث يعيش 30 في المئة من السكان تقريبا على أقل من دولار في اليوم فان هذا المبلغ اكبر من أن تتحمله معظم الاسر. والاسوأ من هذا هو فقدان المعيل وهو ما يعني فقدان الدخل وزيادة الفقر.
ويتم اسقاط القنابل العنقودية بالطائرات واطلاقها بمدافع الهاون.
وتفتح وهي في منتصف المسافة بالجو لتطلق قنابل أصغر حجما تتناثر على مساحة كبيرة. وتكون هذه القنابل الصغيرة عادة في حجم كرة التنس.
وتقول وكالات اغاثة ان الطبيعة التي لا تميز لهذه الاسلحة وحقيقة أن الكثير من القنابل الصغيرة لا تنفجر تعني أن لها أثرا انسانيا مدمرا.
في لاوس يعتقد أن نحو 30 في المئة من القنابل العنقودية لم تنفجر عند تصادمها مما ترك نحو 80 مليون قنبلة حية فوق الارض او تحتها وهو ما يمثل تهديدا خطيرا لارواح الناس وأرزاقهم.
وحتى الان تمت ازالة 400 الف قنبلة عنقودية اي 0.47 في المئة وهي نسبة ضئيلة. وتقدر الامم المتحدة أن نحو نصف جميع ضحايا القنابل العنقودية من لاوس.
وعلى الرغم من برامج التوعية المجتمعية التي تديرها هيئة يو اكس او الوطنية في لاوس بدعم من العديد من منظمات الاغاثة ما زالت الاصابات والوفيات مستمرة. وفي بعض الاحيان يلمس الناس القنابل بدافع من الجهل وفي أحيان أخرى بدافع من الفضول (الاطفال) او لاسباب اقتصادية (البالغين).
ويتراوح سعر الكيلوجرام الواحد من المعدن الخردة بين دولار وثلاثة دولارات أمريكية لهذا يقوم بعض الناس بجمع مخلفات الحرب لبيعها ويشمل هذا قنابل غير منفجرة.
وفي مسبك خاص على مشارف بهونسافانه عاصمة شينج خوانج فرزت منظمة ماينز ادفايزوري جروب كمية من المعدن الخردة جرى جمعها على مدار خمسة أعوام وعثرت على نحو 24 الف وحدة حية بينها 500 قنبلة عنقودية.
ويقول ديفيد هايتر مدير منظمة ماينز ادفايزوري جروب في لاوس ان الحقيقة المحزنة هي أن لاوس لن تتخلص أبدا من القنابل العنقودية بنسبة 100 في المئة.
وأضاف quot;الاولوية هي ازالتها من الاراضي التي يعيش الناس ويعملون بها... نحن نعلمهم أن يتعلموا كيف يعيشون بأمان في محيطهم. انه مزيج من التعليم والازالة.quot;