طلال سلامة من روما: ان ما يجري من حروب داخلية، بين محاكم جنوب ايطاليا لا سيما تلك التي ترى محكمة مدينة quot;ساليرنوquot; ضد محكمة مدينة quot;كاتانزاروquot;، ليست الى ذريعة(وربما أحداث مقصودة مخطط لها سابقاً) تتمسك بها الموالاة لبرلسكوني و(للأسف) قسم من المعارضة اليسارية لفرض إصلاحات قضائية تتناقض بشدة مع تاريخ التشريع الإيطالي. هذه افتتاحية حديث القاضي quot;جيراردو دامبروزيوquot;، خلال مقابلة هاتفية أجراها معه طلال سلامة من روما. عمل quot;جيراردو دامبروزيوquot;، من مواليد عام 1930، قاضياً طوال أربعين عاماً وكان بطل الثورة القضائية التي لاحقت بتهمة الفساد والرشوة مئات السياسيين وزجت جزء منهم بالسجن، في تسعينات القرن الماضي، قبل أن يتبوأ أعلى منصب في محكمة ميلانو. اليوم، ترك هذا القاضي عمله في هذه المحكمة ليصبح عضو من أعضاء مجلس الشيوخ المنتمين الى الحزب الديموقراطي اليساري.

سؤال: ما هو هدف برلسكوني من الإصلاحات القضائية؟

جواب: ان الهدف النهائي لبرلسكوني هو إخضاع المدعين العامين الى نفوذ حكومته. أما الخطوة quot;الوسيطةquot; لتحقيق هدفه فهو مهاجمة الشرطة القضائية واضعاف دفاعاتها التركيبية. منذ عدة سنوات، يخطط ائتلاف برلسكوني، وهو الأغلبية الحاكمة اليوم، لخطف نفوذ الإشراف على التحقيقات والتحريات من أيدي القضاة. بالطبع، تريد آلية التعتيم هذه تخبئة أم تدمير الأدلة بحق هذا السياسي أم ذاك! ان العدالة ستموت بإيطاليا في حال نجح برلسكوني ، بفضل آلية تعتيم الأدلة هذه، في تأسيس جهاز شرطة جديد يعمل لحساب حكومته ويكون المرجع الأول والأخير لتقديم ما يريده برلسكوني وفريقه التنفيذي من أدلة ناقصة، مقطوعة الرأس والأطراف، الى القضاة.

سؤال: لكن العدالة تعاني من خلل في بنيتها التحتية منذ زمن سحيق

جواب: نعم، لكن لماذا علينا قتلها بالكامل عن طريق تبني إصلاحات quot;مضحكةquot; يريد برلسكوني فرضها على الجميع. ان البرلمان الإيطالي حاليا يعرف تماماً ما ينبغي فعله، أي تسريع أوقات جلسات المحاكم وانزال عقوبات مؤكدة بحق المجرمين وتقديم تعويضات فعالة الى الضحايا. ان الهجوم على المدعين العامين بإيطاليا يساعد في تشتيت انتباه الرأي العام. في النهاية، لا يدفع المجرمون ثمن أفعالهم التي يقع ضحيتها ملايين المواطنين. بمعنى آخر، يريد برلسكوني المماطلة في زج المجرمين الحقيقيين في السجون الإيطالية، وهو أولهم. تكمن المشكلة اليوم في أن المجرمين ينجحون دوماً في الإفلات من العقوبة!

سؤال: ثمة قسم من حزبكم، أي الحزب الديموقراطي اليساري، مستعد للحوار مع برلسكوني بشأن الإصلاحات القضائية. ما هو تعليقكم؟

جواب: ان هذا القسم من أعضاء الحزب نسوا قواعد الأخلاقية السياسية ليتحدوا أيديولوجياً مع عقائد بتينو كراكسي، زعيم الحزب الاشتراكي المتوفى، وتلميذه سيلفيو برلسكوني. وهذا أمر محزن كونهم مستعدين لتقديم تنازلات، خاصة بشؤون العدالة، أمام رئيس الوزراء الحالي(برلسكوني) الذي سارع الى الإقرار بقوانين غير شرعية لتعطيل القضايا المرفوعة عليه في أكثر من محكمة إيطالية. وعندما لم ينجح برلسكوني في تعطيل الجلسات، في هذه المحاكم، قام بتبييض ملفه القضائي من جميع التهم الموجهة ضده.

سؤال: هل تنتقدون حزباً أنتم شخصياً تنتمون إليه وتمثلونه في مجلس الشيوخ؟

جواب: ان العمل في مجلس الشيوخ باتت مهنة مذلة. فمع النظام الانتخابي الراهن نجد أن أمانات السر في الأحزاب الإيطالية هي التي تختار المنتخبين الفائزين. أما عن برلسكوني وحكومته فانهم يديرون البلاد عن طريق قوانين يتم الموافقة عليها خلال دقائق معدودة. هكذا، تواجه الديموقراطية البرلمانية أزمة حادة، عندنا.

سؤال: كيف سيتصرف حزبكم حيال قانون التنصتات الهاتفية السرية؟

جواب: ان الإجرام الاقتصادي سرطان المجتمع الحديث. أنا أتمنى أن تردع الاتفاقيات الدولية حكومة برلسكوني من الموافقة على هذا القانون الشاذ. إذ يبدو أن هذا القانون، الذي أعطاه مجلس الوزراء الضوء الأخضر، معمول خصيصاً لمنع اكتشاف الرشاوى والجرائم الاقتصادية. وهذا مخطط جنوني في ضوء الأزمة المالية الحالية!