يوم الصفقات السياسية لمواجهة قوانين الموازنة والمحافظات والعفو
البرلمان العراقي يواجه خيار الموافقات أو انهيار العملية السياسية
أسامة مهدي من لندن: تواجه الكتل السياسية في مجلس النواب العراقي اليوم الثلاثاء خيارات صعبة بالتخلي عن خلافاتها وتقديم تنازلات متبادلة من أجل التصديق على ثلاثة قوانين ملحة تتعلق بموازنة عام 2008 والعفو العام عن المعتقلين والمحافظات غير المنتظمة في إقليم وبعكسه فإن إنهيارا محتما سيصيب العملية السياسية برمتها ويعيد البلاد إلى المربع الأول وسط خيارات صعبة ستقود إلى سقوط الحكومة وحل مجلس النواب وإجراء إنتخابات عامة جديدة في أسوأ الأحول. وفي جلسة حاسمة اليوم لمجلس النواب فإن الكتل السياسية بمختلف إنتماءاتها وطوائفها وقومياتها ستكون أمام خيار الإتفاق وفق صفقة سياسية موحدة يبادر كل منها إلى تقديم تنازلات ترضي الأخرى وتكسب أصواتها إلى جانب القانون الذي يراد تمريره مع مضي أكثر من ثلاثة أشهر من نقاشات وقراءات للقوانين في المجلس من دون التوصل لإتفاقات تمررها.
وكان مقررا ان يعقد المجلس التنفيذي العراقي الذي يضم اعضاء الرئاسة العراقية جلال طالباني ونائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي ورئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني اجتماعا الليلة الماضية في محاولة للتوصل الى حل لهذه الخلافات لكن الاجتماع تأجل الى اليوم بطلب من المالكي مما القى بظلال سوداء على الامال بتوصل مجلس النواب الى حلول سريعة تحسم الخلافات وتمرر القوانين المعروضة عليه . وتأتي جلسة اليوم الحاسمة اثر فشل الكتل السياسية امس في المصادقة على القوانين الثلاثة الامر الذي دفع رئيس مجلس النواب محمود المشهداني الى اطلاق تحذير من انهيار الدولة وخلق حالة من عدم جدوى وجود البرلمان .. مشيرا الى ان اضرارا جسيمة بدأت تلحق بالمواطن العراقي اضافة الى المخاوف التي اصبحت تراود المستثمرين الاجانب في الوقت الذي هدد التحالف الكردستاني بمقاطعة المجلس اذا لم يتم غدا التصويت على الموازنة بالحصة التي يطالب بها لاقليم كردستان والبالغة 17% من قيمة الموازنة بالضد من سعي كتل سياسية منحه نسبة 13% منها .
وقال المشهداني في مؤتمر صحفي ان الاكراد مصرين على الحصول على حصة 17% من موازنة العام 2008 البالغة 48 مليار دولار فيما تشير الاحصاءات الرسمية الى ان الحصة يجب ان تكون 12.8% مما سبب اشكالات وخلافات لم تتمكن الكتل السياسية من حلها . وكشف عن وجود صفقة بين الكتل السياسية قد يجري العمل بها اليوم لتمرير الموازنة وقانوني العفو والمحافظات بان تتم المصادقة على الموازنة حسبما يريد الاكراد مقابل توسيع العفو العام عن المعتقلين مثلما يرغب العرب السنة والتيار الصدري باعتبار ان هناك عدد كبير من المعتقلين ينتمون اليهم اضافة الى قانون المحافظات الذي يريد حزب الفضيلة والتيار الصدري ادخال تعديلات عليه . فيما تطالب احزاب رئيسية في الائتلاف العراقي الشيعي الموحد وله 89 نائبا من مجموع عدد النواب البالغ 275 عضوا وحزب الفضيلة وله 15 نائبا باقرار قانون المحافظات الذي تم تأجيله عدة مرات بسبب خلافات حول منح صلاحيات اوسع للمحافظة في مسالة تعيين المدراء العامين والمحافظ.
وحول عدم التصديق على الموازنة قال النائب عن التحالف الكردستاني وله 55 نائبا عبد الله صالح ان عدم موافقة بعض الكتل على حصة الاكراد تأتي نتيجة تدخل دول إقليمية لم يسمها مشيرا إلى أن الائتلاف الشيعي الذي تخلى في اخر لحظة عن اتفاق بالتصويت الى جانب المصادقة على الموازنة لانه لا يريد إجراء تعداد سكاني ويعتمد على إحصاءات غير صحيحة. وأضاف أن التحالف الكردستاني سيطالب بإرجاع الميزانية إلى الحكومة في حال عدم التصويت على الميزانية والموافقة على نسبة إقليم كردستان في جلسة اليوم الثلاثاء. اما التيار الصدري وله 30 نائبا من مجموع عدد نواب المجلس البالغ 275 عضوا وجبهة التوافق ولها 44 نائبا باقرار قانون العفو العام الذي قدمته الحكومة العراقية الى البرلمان أواخر العام الماضي وهو يشمل المعتقلين في السجون العراقية حصرا ممن لم ثتبت إدانتهم في التهم الموجهة لهم في إطار عملية المصالحة الوطنية.
ويواجه مجلس النواب اليوم تهديد التحالف الكردستاني ثاني اكبر كتلة فيه وله 55 نائبا بالانسحاب من المجلس ومقاطعته اذا لم يتم اليوم منح اقليم كردستان نسبته التي يطالب فيها من الموازنة العامة . كما يصر الائتلاف الشيعي اكبر كتلة برلمانية مع 89 نائبا على ربط قانون الميزانية بقانون المحافظات غير المنتظمة الى اقليم بسبب تداخل صلاحيات القانونين في العديد من الفقرات. وانضمت الكتلة البرلمانية السنية الى الخلاف بمطالبتها بادراج قانون العفو العام عن السجناء وان يتم التصويت عليه دفعة واحدة مع قانوني الميزانية والمحافظات نظرا لان معظم المعتقلين الخمسين الفا هم من السنة . وحول قانون المحافظات قال القيادي في المجلس الأعلى الاسلامي عضو الائتلاف الشيعي جلال الدين الصغير إن المجلس الأعلى لن يصوت على النسخة الحالية للقانون مالم يتم إدخال تعديلات عليه. واشار الى ان بعض فقرات مشروع القانون مخالفة للدستور ولا يمكن أن نقبل بها خصوصا وأن هناك فقرات تؤثر بشكل سلبي على حقوق المحافظات وأهالينا بالمحافظات .
وعن الموضوع نفسه قال نائب عن الكتلة الصدرية إن الكتلة لن تصوت لصالح قانون مجالس المحافظات ما لم يتم تحديد موعد معين لإجراء انتخابات المجالس المحلية أقصاه نهاية الشهر العاشر من عام 2008 بالإضافة إلى مطالبتها عدم سريان بنود هذا القانون على المجالس الحالية. وقال احمد المسعودي لوكالة أصوات العراق ان الكتلة الصدرية quot;نحن في الكتلة لن نصوت لصالح القانون دون تحقيق هذين المطلبينquot;. واشار إلى أنquot; الصدريين سوف يضطرون للانسحاب من وقائع جلسة اليوم فيما لو أصرت باقي الكتل على تمرير القانون من دون تثبيت المطالب الصدرية. وانحي المسعودي باللائمة على لقوى السياسية في تأخير إقرار القوانين قائلا إن الصفقات السياسية والمصالح الحزبية هي التي تحول دون الإسراع في إقرار مشاريع القوانين .. وطالب الكتل السياسية بالإسراع في إقرار قانون العفو العام معتبرا أنه بات يشكل حاجة ماسة للعراقيين .
وفي حال عدم الاتفاق على هذه القضايا اليوم فأن ذلك سيخلق اشكالات تؤدي الى انهيار الدولة وتجعل من مجلس النواب مؤسسة غير واجبة الاستمرار كما حذر رئيس مجلس النواب. واضاف ان عدم تمرير الموازنة بدأ يسبب مصاعب للمواطنين من خلال تعطل تنفيذ الخدمات وخلق مخاوف لدى المستثمرين ستعطل المشاريع المطلوب تنفيذها . وردا على سؤال عن التصرف الذي سيتم اللجوء اليه فيما اذا فشل مجلس النواب غدا في تمرير الموازنة اشار المشهداني الى ان هناك خيارت سيلجأ اليها ومنها اعادة الموازنة الى مجلس النواب لكنه حذر من ان هذا سيعني سقوط الحكومة .. موضحا ان من الخيارات الاخرى استدعاء مجلس الرئاسة ورئيس الوزراء لمناقشة الامر مع النواب مشددا على ضرورة قيام الكتل السياسية بممارسات تمنع عودة البلاد الى المربع الاول .
التعليقات