نزاهة الانتخابات في باكستان
وللتزوير فنون !!!

عبد الخالق همدرد: أكد الرئيس الباكستاني الجنرال المتقاعد برويز مشرف أنه لن يسمح لأحد بإثارة الفوضى بعد الانتخابات المقبلة تحت اسم الاحتجاج وينبغي للجميع أن يقبلوا بنتائجها. في حين تتوزع الأحزاب الباكستانية بين مقاطعة للانتخابات ومشاركة فيها. وعلى الرغم من مواقفهما المتضاربة حول الانتخابات يتفق جميعها على احتمال تزوير الانتخابات؛ بل ترى الأحزاب المقاطعة أن الانتخابات ليست أكثر من ألعوبة.

أما الأحزاب المشاركة فهي تحذر بأنها لن تقبل بنتائج الانتخابات وستحتج عليها. وقد أمر آصف علي زرداري الرئيس الشريك لحزب الشعب الباكستاني أنصار حزبه بأن يحاصروا مراكز الاقتراع ولا يبرحوا هناك إلى أن يتم تسليم النتيجة إلى عملاء الأحزاب. وهنا ينشأ سؤال كيف يتم تزوير الانتخابات على الرغم من تواجد عملاء الأحزاب في مراكز الاقتراع وتفتح صناديق الاقتراع أمامهم قبل بدء عملية الاقتراع كما يتم تفريغها بمرأى منهم في نهاية اليوم لعد الأصوات.

ويتم تسليم نسخة من نتيجة كل مركز إلى عميل كل حزب. وقد نشر تقرير مثير في مجلة محلية أن باكستان لم تشهد الانتخابات النزيهة سوى مرة واحدة في عام 1970م ؛ بيد أنها قادت إلى انشقاق الشطر الشرقي لباكستان لتصبح فيما بعد بنغلا ديش.

وأشار التقرير إلى أن التزوير لا يتم بسذاجة كما يرى البعض بل له ترتيب معقد لا يمكن الكشف عنه بسهولة. وأهم نقاط ذلك الترتيب كما يلي:

middot;اختيار وتمييز الأحزاب الكاسبة من الخاسرة.

middot;إجراء الانتخابات نزيهة في الدوائر التي يتأكد فيها نجاح مرشحي المعارضة.

middot;إجراء انتخابات نزيهة في الدوائر التي يتأكد فيها نجاح مرشحي أنصار النظام القائم.

middot;التخطيط للتزوير في الدوائر التي تكون فيها منافسة شديدة بين المرشحين ولا يكون التقدم لبعضهم على بعض إلا ببضعة آلاف من الأصوات.

middot;تكون في دائرة انتخابية عادية نحو 250 مركزا للاقتراع. وبالكاد يتم اختيار بين 25 ndash; 30 مركزا للتزوير فقط ، بينما الاقتراع في المراكز المتبقية يجري كالعادة ودون أي تدخل.

middot;لا يتم أي تدخل في عملية الاقتراع في أي مركز للاقتراع حتى التي تم اختيارها للتزوير. وبذلك لا يقدر الناخب على مشاهدة أي نوع من التزوير أثناء عملية الاقتراع.

middot;يتم اختيار رؤساء مراكز الاقتراع المخصصة للتزوير من جانب المخابرات لأنهم يكونون موضع ثقتها.

middot;ويتم توجيه الشرطة المعينة في مراكز الاقتراع أن يحصلوا على نسخة نتيجة الاقتراع من كل مركز ونقلها إلى مكاتب مخصوصة لتحديد عدد الأصوات التي تحتاج إليها لإلحاق الهزيمة بالمرشح الفائز.

middot;لا يقدم رؤساء المراكز المختارة النتائج إلى عملاء الأحزاب نهاية اليوم. والشرطة المعينة تلعب دورها حيث تضطر عملاء الأحزاب إلى مغادرة المراكز دون الحصول على نسخة من نتيجة الاقتراع. وفي ذلك الصدد تستخدم تهديدهم بتوريطهم في تهريب المخدرات أو القتل أو قضايا أخرى.

middot;وبعد ذلك يقوم رؤساء تلك المراكز بتسليم نتائج الاقتراع إلى المكاتب السرية التي تمت الإشارة إليها بدلا من تسليمها إلى مسؤولي الانتخابات. وهناك يتم مقارنة النتائج التي قدمتها الشرطة لإحصاء الأصوات المطلوبة لنجاح مرشح الحكومة.

middot;وهذه العملية تؤخر وصول النتائج الحاسمة إلى مسؤولي الانتخابات في حين يبدأ أنصار المعارضة في الاحتفال بفوز مرشحهم حسب النتائج الأولية؛ بيد أن الأمور تنقلب في النهاية بعد وصول نتائج المراكز المختارة.

middot;تفاديا للكشف عن التزوير لا يتم الكشف عن نتائج كل مركز للإعلام.

ويتضح الأمر بمقارنة بين انتخابات 1990م وانتخابات 1988م. وكان حزب الشعب الباكستاني حرز 93 مقعدا للجمعية الوطنية في 1988م لكن انخفض ذلك العدد إلى 44 مقعدا في 1990م. ولذلك الغرض تم اختيار 49 دائرة انتخابية فقط للتزوير. ومن المثير جدا أن ذلك الفارق الكبير أيضا حصل بتزوير لا يزيد على واقع 0.45% من مجموع الأصوات.

ويمكن فهم ذلك الأمر بمساعدة المعلومات التالية:

مجموع مقاعد الجمعية الوطنية عام 1990م = 207 مقعدا

مقاعد حزب الشعب في انتخابات 1988م = 93 مقعدا

مقاعد حزب الشعب المؤكدة = 44 مقعدا

عدد الدوائر المختارة للتزوير = 93-44 = 49 دائرة

النسبة المئوية للتزوير في 49 دائرة من أصل 207 دائرة= 207/49 x 100=23.67 %

مجمل نسبة التزوير باختيار 30 مركزا للاقتراع من بين 250 مركزا = 250/ 30x 23.67 = 2.84 %

النسبة المئوية للأصوات المطلوبة للتزوير = 25,000 / 4,000 x 2.84 = 0.45 %

إلى ذلك وإن الآلاف من المراقبين للانتخابات سيقومون بمراقبة عملية الاقتراع هذه المرة أيضا في 18 فبراير ؛ لكن السؤال ليس حضورهم إلى باكستان أو تقديمهم التقارير عن التزوير في الانتخابات ؛ بل الأمر الأكثر أهمية هو: هل تلك التقارير ستلعب دورا في إعادة باكستان إلى مسار الديموقراطية الحقيقية التي لم تقدر على الترعرع بسبب ثقل الأحذية العسكرية إلى يومنا هذا. وهذه المرة أيضا تجرى الانتخابات تحت رئاسة أحد قد غادر الجيش لكنه لم يغادر مقر قيادة الجيش بعد.

[email protected]