اثر محاولة نوعية في مدى خطورتها التي يقوم بها المسلحون
أحباط هجوم بثلاث مروحيات ضد مرقدي سامراء
أٍسامة مهدي من لندن :
في محاولة لتنفيذ عملية مسلحة هي الاولى في مدى خطورتها التي يقوم بها المسلحون في العراق في الذكرى الاولى للهجوم الارهابي ضد مرقدي الامامين العسكريين في مدينة سامراء العراقية التي صادفت اليوم اعلن الجيش العراقي عن احباط هجوم بثلاث مروحيات على المرقدين بالتزامن مع بدء عمليات اعمارهما بعد تدميرهما في هجومين سابقين اشعلا حربا طائفية غير مسبوقة في البلاد اودت بحياة الاف العراقيين فقد أحبطت قوات الفرقة الرابعة من الجيش العراقي اليوم هجوماً إرهابياً لضرب ضريح الإمامين العسكريين في سامراء (125 كم شمال غرب بغداد) بثلاث مروحيات حربية. وقال مصدر في الفرقة الرابعة أن قوة من لواء العسكريين والفرقة الرابعة للجيش العراقي شنت عملية عسكرية في منطقة الركة شرق سامراء وتمكنت من قتل خمسة إرهابيين والاستيلاء على ثلاث مروحيات هليكوبترquot; حربية معدة للانطلاق . واشار أن المعلومات الأمنية التي تم الحصول عليها أفادت بأن الإرهابيين كانوا يعدون لتشغيل هذه المروحيات وهي من مخلفات الجيش العراقي السابق وانها كانت جاهزة للاستخدام من قبلهم للهجوم على المرقدين وايقاع اكبر الخسائر بين المهندسين والعمال الذين بدأ مؤخرا عمليات اعمار المرقدين المهدمين . وأضاف المصدر أن الارهابيين كانوا ينون ضرب مرقد الإمامين العسكريين في سامراء وقد تمت مصادرة المروحيات الثلاث من قبل قوات الجيش العراقي كما اكد مكتب اعلام الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني .

وقبل سنتين وفي مثل هذا اليوم في الثاني والعشرين من شباط (فبراير) عام 2006 انهارت القبة الذهبية لضريح quot;الامامين العسكريينquot; في سامراء بعد تفجيرها ما ادى الى اندلاع اعمال عنف طائفية استمرت اشهرا. وعملية التفجير التي وقعت في منطقة تسكنها أغلبية سنية استهدفت واحدة من اهم العتبات الشيعية وهي القبة الذهبية لمرقد الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء حيث سقط خلال اعمال العنف التي تلت التفجير الاف القتلى في اشرس موجة عنف طائفي تشهدها البلاد في تاريخها الحديث .
لكن الهدوء الذي يسود في سامراء حاليا نسبي اذ ان الوحدة الاميركية المكلفة بالسهر على امنها تقر بان سامراء ما زالت تعتبر من اخطر مناطق العراق. ويقول الكومندان جيم دور قائد العمليات في الفوج ان الجيش الاميركي استعادة السيطرة على المدينة مرتين في عامي 2003 و2004 وتلاه الجيش العراقي عام 2005 قبل ان يسيطر عليها مجددا عناصر القاعدة. وتخشى القوات الاميركية ان يلجأ مقاتلو القاعدة الذين دحروا في بغداد ومحافظة الانبار الغربية والمهددين بعملية واسعة النطاق في الموصل الشمالية الى سامراء لكن في الوقت الراهن يشكو السكان خصوصا من الصعوبات الاقتصادية.

وبدأت قبل ايام عملية ترميم لضريح العسكريين في خطوة يرى البعض انها ترمز الى عودة الحياة الى تلك المدينة ومصالحة طوائف البلاد. ويقوم عمال حاليا برفع حطام ثالث العتبات الشيعية المقدسة بعد كربلاء والنجف وهم يجمعون ما تبقى من حطام الحجر المذهب والفسيفساء الذي سقط من القبة التي دمرتها قنبلة قوية زرعها عناصر فرع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.

ووعدت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بمساعدة الحكومة العراقية على اعادة بناء القبة والمئذنتين اللتين دمرتا في اعتداء ثان وقع في حزيران (يونيو) من السنة نفسها . ومنذ ذلك الوقت هجر ثلثا سكان سامراء البالغ حوالي 360 الف نسمة قبل خمس سنوات الى حوالي 120 الف الان وامتنع الزوار عن التردد على عتباتها حتى عمتها اجواء من اليأس .

وقد بدأت حملة شعبية مطلع الشهر الحالي بمساهمة مواطنين قادمين من مختلف مناطق العراق بأزالة الركام الناتج عن تفجير الضريحين وتنظيف المناطق المحيطة بهما من اجل مباشرة الشركة التركية المكلفة باعادة اعمارها لعملها اثر استقدامها للعشرات من العمال البنغاليين وتشغيلها لاخرين عراقيين في هذه العمليات .
وقد نشرت القوات العراقية وحدات على طول الطريق الرابط بين بغداد وسامراء التي تبعد عنها 125 كيلومترا لتأمين وحماية المسافرين وحركة النقل بين المدينتين . وكانت قوى سياسية عراقية من مختلف الانتماءات قد طالبت بشدة ضرورة البدء بأعمار المرقدين وطي صفحات الخلافات الطائفية التي هدف التفجيران الى اشعالها حربا طائفية شيعية سنية .

وقال رئيس الوزراء نوري المالكي في بيان صحفي ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot; لدى بدء الترميم ان أعمار مدينة سامراء يشكل ضربة لكل من أراد أن يجعل منها بابا للطائفية ومن خطط لجر البلاد الى الحرب الأهلية . وأضاف إن جهود منظمة اليونسكو ورغبة العديد من دول العالم المساهمة في اعمار مرقد الامامين العسكريين عليهما السلام ومدينة سامراء تشكل دعما لإستقرار العراق ونجاحاتنا في مواجهة الارهاب وتعزيز وحدة الصف الوطني .

وأعلن رئيس الوزراء خلال اجتماعه في بغداد مع محمد جليد مديرعام منظمة اليونسكو في العراق ان الحكومة خصصت الاموال الكافية لمواصلة عملية البناء وهي مصممة على تحويل سامراء الى مدينة تستحق ان تسجل لدى منظمة اليونسكو . من جانبه وصف مدير عام اليونسكو مدينة سامراء بأنها اصبحت رمزا للمصالحة الوطنية معربا عن تقديره للجهود التي بذلتها الحكومة العراقية وتوفيرها الظروف الأمنية المشجعة على إنجاز خطة الاعمار ونجاحها.
ويقوم العشرات من العمال العراقيين والبنغاليين تحت اشراف شركة تركية تتولى اعادة اعمار المرقد اعمال التنظيف حيث تتخذ الشركة التركية من القاعدة الاميركية في سامراء مقرا لها.
وقد رصدت رئاسة الوزراء العراقية مليونين و 400 الف دولار لاعمار مدينة سامراء فضلا عن مبلغ 8 ملايين دولار منحة اليونسكو لاعمار مرقد الامامين العسكريين .

وقال رئيس المجلس الاعلى لاعمار المرقدين حق الحكيم ان الحملة الاعمارية تشمل تبليط شوارع وبناء مدارس ومراكز صحية ومحطات توليد كهربائية ومحطات للمياه ومرافق سياحية وخدمية فضلا عن الخدمات البلدية بقيمة اجمالية تبلغ 2.400 مليون دولار . وقال ان مدينة سامراء ذات اهمية تاريخية ودينية كبيرة لدى جميع المسلمين الا انها لم تحظ بالرعاية المناسبة من قبل النظام السابق .. موضحا ان المالكی وضعها في اولويات الخطط الاعمارية .. مبينا ان مشاريع الاعمار ستوفر فرص عمل كثيرة لمواطنی المدينة وسترفع من مستواهم الاقتصادی بما يهيئ المجال لتنفيذ مشاريع السياحة الدينية والاثارية.

وتكتسب سامراء تميزها الفريد بالقبة التي ترتفع فوق ضريح الإمامين على الهادي والحسن العسكري وبالمنارة الملوية وايضا بكونها المدينة الوحيدة ذات الأغلبية السنية التي تضم مرقداً شيعياً يعد واحداً من أقدس العتبات الدينية الأربعة عند الشيعة في العالم. وكانت القبة الذهبية بنيت عام 1905 في موقع ضريح قديم جدا للامام المهدي الامام الثاني عشر لدى الشيعة الذي ولد في سامراء في القرن التاسع عشر.
ومع التفجيرين اللذين استهدفاهما ونسفا القبة الذهبية التي كانت واحدة من أكبر القباب في العالم لم تعد في سامراء سوى منارة ملوية مثلومة من الأعلى بتفجير سابق .

وترقد سامراء على الضفة الشرقية من نهر دجلة وتمتد على مسافة 35 كليلومترا ويعود تاريخها إلى الحقبة الأشورية حيث بنى الملك سنحريب قلعة في سامراء عام 690 قبل الميلاد.
لكنه في مطلع القرن التاسع لم يبق من سامراء سوى دير للرهبان محاط بعدد من المنازل عندما اختارها الخليفة المعتصم بالله عاصمة لحكمه بعد أن تذمر أهل بغداد من عسكر الخليفة الذين كان معظمهم من الأتراك. وكان المعتصم قائدا حربيا ومعنياً بالفن المعماري في الوقت ذاته فاستقدم المعماريين والمواد اللازمة والفنانين من جميع الأمصار الإسلامية من اجل تشييد المدينة التي أطلق عليها اسم quot;سر من رأىquot;، الذي استحال إلى سامراء.

وقد تطورت المدينة بشكل سريع وخاصة مع عمل الخلفاء التسعة الذين تعاقبوا على الحكم على تحسينها وتجميلها من دون توقف حتى عام 892. وبعودة مركز الخلافة إلى بغداد بدأت سامراء تفقد بريقها وأهميتها وقد دمرها المغول لكنها صمدت بفضل الشيعة من زوار العتبات المقدسة.
وقد شيد ضريح في مكان دفن الإمامين العسكريين .. العاشر علي الهادي الذي توفي عام 868 وابنه الحسن العسكري الإمام االحادي عشر الذي توفي عام 874 وفوق الضريح الذي اختفى فيه الإمام الثاني عشر للمسلمين الشيعة محمد المهدي عندما كان لا يزال في السادسة من عمره عام 878 حيث يعتقد الشيعة أن المهدي سيعود قبل يوم القيامة quot;ليملأ الدنيا قسطاً وعدلا بعد أن مُلئت ظلما وجوراquot;.

وانتهى العمل في قبة الضريحين عام 1905 وكسيت بحوالي 72 ألف قطعة ذهبية فيما يبلغ ارتفاعها 20 مترا ومحيطها 68 مترا وبذلك فهذه القبة تعتبر واحدة من أكبر القباب في العالم الإسلامي. ويبلغ ارتفاع كل من مئذنتي المقامين 36 مترا. أما مسجد الجمعة الذي تم تشييده بين عامي849 و 851 فقد دمر كليا. وكانت السلطات العراقية قد اقترحت إدراجه عام 2000 ضمن لائحة التراث العالمي للإنسانية التي صنفتها هيئة اليونيسكو. وبالقرب من الجدار الشمالي لهذا المسجد تقع منارة الملوية البالغ ارتفاعها52 مترا وهي رمز ديني وكنز ثقافي أقدم المسلحون على نسف طبقته الأخيرة عام 2005.

ومقام الإمامين العسكريين واحد من أربع عتبات رئيسية يقدسها الشيعة في العالم حيث تقع الاضرحة الرئيسية الأخرى في مدينة النجف حيث الروضة الحيدرية أو ضريح الإمام علي بن ابي طالب وفي كربلاء حيث مقام الإمام الحسين وأخيه العباس بن علي بن ابي طالب وحي الكاظمية بضواحي بغداد الشمالية حيث ضريح الإمام السابع موسى الكاظم وحفيده محمد الجواد.