لندن: إهتمت صحيفة التايمز البريطانية بزيارة الرئيس اإيراني محمود أحمدي نجاد إلى العراق حيث نشرت مقالا تحت عنوان: العراق نضج للهيمنة الايرانية، ان من حق نجاد ان يظهر في هيئة المعتد بنفسه في نهاية زيارته للعراق، ليس فقط لانه كان اول رئيس ايراني يزور بغداد، بل لانه خطا خطوة كبيرة باتجاه تحقيق انتصار لم يتحقق لآية الله الخميني عراب الثورة الايرانية. فقبل ما يقرب من عشرين عاما اذعن الخميني للهزيمة في الحرب العراقية الايرانية التي استمرت ثمانية اعوام، وبعد مقتل ما يقرب من مليون انسان من كلا الجانبين، وقد قارن الخميني قبول الهزيمة بتجرع السم، ومات الرجل في السنة التالية.

ويقول محرر التايمز ان احمدي نجاد لاحظ انه اثناء ترحيب الرئيس العراقي جلال الطالباني، او مام (العم) جلال كما يعرف في العراق، له خلال الزيارة، ان العراق بات ناضجا ومهيئا للسيطرة والهيمنة الايرانية. ويستنتج المحرر انه في الوقت الذي وجهت فيه انتقادات واسعة لغزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة، ظهرت ايران بوصفها المستفيد الرئيسي من هذا الصراع.

فنظام صدام حسين البعثي، العدو اللدود لايران، قد زال وحل بدلا منه نظام بقيادة شيعية، قيادة اكثرها كانت منفية في طهران وكان للاخوة الايرانيين سطوتهم عليها، والايرانيون يأملون في ان يترجمون هذه السطوة إلى علاقة جديدة على الارض، وخصوصا في جنوبي العراق، الغني بالنفط والذي يسيطر عليه الشيعة.

وفي هذا السياق اعلن احمدي نجاد في العراق عن مجموعة مبادرات تقرب العراق إلى ايران اكثر فاكثر، منها القروض والاتفاقات الجمركية، والمشاركات النفطية، والمنطقة التجارية الحرة، إلى جانب بناء مطار في النجف لخدمة زوار العتبات الشيعية، إلى جانب امكانية تزويد البصرة بالكهرباء.

ويقول محرر التايمز ان الهدف واضح، فبدون الحاجة إلى اطلاق رصاصة واحدة، اصبحت ايران حليفا لا غنى عنه وشريكا تجاريا للعراق، وفي مقابل فشل الجهود البريطانية في جنوبي العراق، تعهد الايرانيون بتقديم كل شيء، من السلع التجارية إلى الطاقة الكهربائية، كما انهم يمولون، وراء الستار، المليشيات الشيعية، وهي القوة الحقيقية الفعلية على الارض هناك.

ومن انتصار ايراني في العراق إلى انتصار غربي عليها في اروقة الامم المتحدة، حيث تقول التايمز ان النصر المتحقق في مجلس الامن الدولي لفرض مزيد من العقوبات على ايران تمثل في تصويت 14 من اعضاء المجلس مقابل امتناع اندونيسيا، وهو ما اعتبرته الصحيفة صفعة لطموحات ايران النووية.

وتقول الصحيفة ان مضمون العقوبات ليس كبيرا لكنه مع ذلك يمثل تقدما مهما مقارنة بالقرارين السابقين، والاهم من هذا وذاك هو التوقيت، فمع اقتراب الانتخابات البرلمانية الايرانية، المنتظر اجراؤها خلال اقل من اسبوعين، سيكون من الصعب على الرئيس احمدي نجاد ان يبدو متفائلا بعلاقات بلاده مع العالم الخارجي، في وقت ترتفع فيعه اسعار المواد الغذائية والوقود داخل ايران.